أطلق تشكيل حكومة الائتلاف الوطني في لبنان برئاسة سعد الحريري إشارات سياسية هي الأولى من نوعها منذ سنوات باتجاه تحريك تطبيع العلاقات بين الأطراف اللبنانيين المنتمين الى جبهات سياسية مختلفة، وهذا ما هو منتظر اليوم في اللقاء المرتقب بين رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط وزعيم تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، والذي يتزامن مع الإعداد للقاء بين البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير ورئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون الذي دافع أخيراً عن سلاح «حزب الله» رداً على انتقادات التي صدرت عن بكركي. وتردد أمس أن لقاء صفير - عون سيعقد اليوم في الصرح البطريركي على هامش ترؤس الأول قداساً يحضره الثاني ويمنح صفير خلاله رجل الأعمال جوزف غصوب وسام القديس غريغوريوس الأكبر البابوي. وعلمت «الحياة» أن زيارة أمين سر «تكتل التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان للبطريرك صفير أمس، تأتي في إطار التمهيد لخلوة تعقد بين الرجلين على أن يعقبها غداء يفترض أن تتجاوز أعماله ترطيب الأجواء بين بكركي والرابية الى الدخول في مصارحة تتناول نقاط الاختلاف بينهما وأبرزها الموقف من سلاح المقاومة. وفي هذا السياق قالت مصادر قيادية في المعارضة سابقاً، باعتبار أن تأليف الحكومة أعاد خلط الأوراق السياسية تمهيداً لخريطة جديدة لن تبقي القديم على قدمه، إن «مجرد موافقتنا على الانخراط في حكومة وحدة وطنية يعني أن البلد قطع شوطاً بعيداً على طريق تحقيق فك اشتباك سياسي يترتب عليه المزيد من الخطوات لتطبيع العلاقات بين خصوم الأمس». وتوقفت المصادر عينها أمام بندي سلاح المقاومة والعلاقات اللبنانية - السورية الواردين في المسودة التي أعدها وزير الإعلام طارق متري وناقشتهما اللجنة في اجتماعها أول من أمس، وقالت إن صيغتهما تعكس رغبة الحريري في الوصول الى تفاهم من أول الطريق على البيان الوزاري، خصوصاً أن مضمونهما يدل على النيات الطيبة لرئيس الحكومة في تجنيب مجلس الوزراء أي إشكال على خلفية الاختلاف في شأنهما. واعترفت المصادر بأن الأطراف الذين تتشكل منهم المعارضة ما زالوا يتواصلون على مستوى القيادات، لكن هذا لا يعني أن مجلس الوزراء سيرزح تحت وطأة التجاذبات السياسية التي كانت قائمة في السابق. أما بالنسبة الى مصير مشاريع القوانين التي كانت وضعتها الحكومة الأولى للرئيس فؤاد السنيورة أثناء اعتصام المعارضة في الوسط التجاري لبيروت وتعطيل الجلسات النيابية، فأكدت المصادر أن هذه المسألة تناقش بصمت بين رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري وأن لا داعي لافتعال ضجة لا يريدها أي من الأطراف الرئيسيين في الحكومة أو البرلمان. وأضافت أن عدد هذه المشاريع يصل الى حدود 65 مشروعاً وهي موجودة في البرلمان وأن مجرد الاجتماع بين بري والحريري سيتيح لهما التوافق على آلية لإقرارها سواء من خلال تحويل بعضها الى اقتراحات قوانين من قبل النواب أم استرداد بعضها الآخر من قبل الحكومة لتعيدها مجدداً الى البرلمان الذي يمكن أن يقرّها في جلسة واحدة، خصوصاً أن معظم هذه المشاريع هي عبارة عن اتفاقات بين لبنان وعدد من الدول والمؤسسات الدولية وتمت بصلة الى مؤتمر «باريس - 3» المخصص لمساعدة لبنان على وضع خطة للإصلاح المالي والاقتصادي تأخذ في الاعتبار خفض خدمة الدين العام. على صعيد آخر أكدت مصادر نيابية صعوبة إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها في أيار (مايو) المقبل، إلا إذا تقرر صرف النظر عن التعديل الدستوري الرامي الى خفض سن الاقتراع من 21 سنة الى 18 سنة والعودة الى اعتماد النص الوارد في قانون الانتخاب الحالي أي 21 سنة على أن يعدل الدستور لاحقاً بما يسمح لمن هم في سن ال18 سنة الاقتراع في الانتخابات النيابية العام 2013. وتتوقع المصادر إرجاء الانتخابات البلدية الى العام 2011، ليس بسبب ضيق الوقت الذي لا يسمح بإنجاز التعديل الدستوري فحسب، إنما لرغبة غالبية الأطراف في تعزيز الاستقرار والإفادة من المناخ الإيجابي السائد حالياً وترسيخه باتجاه المزيد من الخطوات لتنفيس الاحتقان السياسي والمذهبي. وفي شأن دعوة رئيس الجمهورية الى مؤتمر الحوار الوطني، قالت المصادر إن صاحب الدعوة يتريث في عقده في الوقت الحاضر قبل أن يتوصل الى تفاهم مع الأطراف الرئيسيين فيه يتعلق بتوسيع المشاركة بضم أطراف جدد إليه وخروج أخرى منه انسجاماً مع النتائج التي آلت إليها الانتخابات النيابية الأخيرة.