أعلن الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو أمس، أن «تهديداً عسكرياً من الشرق (روسيا) سيظل قائماً حتى إذا صمد اتفاق مينسك 2 للسلام بين القوات الحكومية والانفصاليين الموالين لروسيا». وبعدما شهد اليومان الأخيران عدم سقوط قتلى في صفوف الجيش الأوكراني، ما عزز الآمال بصمود اتفاق وقف النار، أكد الجيش الأوكراني مقتل ثلاثة جنود وجرح سبعة في اشتباكات مع الانفصاليين. وكان الجيش أعلن أول من أمس بدء سحب أسلحته الثقيلة من مواقع الجبهة، وهو ما سبق أن أعلنه الانفصاليون. جاء ذلك بعد ساعات على أول تعليق إيجابي من الولاياتالمتحدة منذ أيام على أزمة أوكرانيا، إثر قول الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر بساكي إن «واشنطن لاحظت تحسناً طفيفاً في الوضع شرق أوكرانيا خلال اليومين الماضيين، وهو أمر جيد، ولكن بالطبع هناك انتهاكات لاتفاق وقف النار». وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري أطلق تصريحات عنيفة في الأيام الأخيرة، اتهم فيها روسيا والانفصاليين الموالين لها بعدم احترام اتفاق وقف النار، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ب «الكذب، ومحاولة احتلال اراضٍ بهدف زعزعة استقرار أوكرانيا». وهو سيلتقي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في جنيف في الثاني من آذار. الى ذلك، اعتبر مدير الاستخبارات الأميركية جيمس كلابر، أن روسيا تريد الحصول على ممر في أوكرانيا يصل إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها إلى أراضيها في آذار (مارس) الماضي ويشمل مدينة ماريوبول، الميناء الاستراتيجي على بحر آزوف، والتي توقع أن يهاجمها الانفصاليون في الربيع. وقال كلابر أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ: «لا نعتقد أن الرئيس الروسي بوتين يرغب في اجتياح كل أوكرانيا، بل يريد كياناً كاملاً يضم إقليمين في شرق أوكرانيا مع ممر نحو القرم وميناء، وتحديداً ماريوبول». وتابع: «لا نتوقع هجوماً وشيكاً على ماريوبول، على رغم أن الانفصاليين سيطروا قبل أسبوع على مدينة ديبالتسيفي، ونرى أنهم في صدد إعادة تشكيل قواتهم والتجمع بعد المواجهة الكبيرة في ديبالتسيفي». وأيد كلابر، بصفة شخصية، مدّ الولاياتالمتحدةأوكرانيا بسلاح. لكنه اقرّ بأن وصول أسلحة أميركية قد يؤجج النزاع كونه سيؤدي الى رد فعل عسكري روسي، عبر تسريع أو زيادة وتيرة تزويد الانفصاليين أسلحة بعضها متطور». في المقابل، لم يبدِ رئيس الاستخبارات العسكرية الجنرال فنسنت ستيوارت الذي استمعت اليه اللجنة أيضاً، رأياً واضحاً حول تزويد أوكرانيا بسلاح. لكن أجهزة الاستخبارات تعتبر عموماً أن الأسلحة «لا يمكن إيصالها بسرعة كافية لتغيير موزاين القوى بين الجيش الأوكراني والانفصاليين»، علماً أن واشنطن اكتفت حتى الآن بتزويد الجيش الأوكراني معدات عسكرية غير قتالية مثل مناظير ليلية ومعدات اتصالات. وفيما طالبت بكين القوى الغربية بأن تضع في الاعتبار مخاوف روسيا الأمنية «المشروعة» في أوكرانيا، صرحت وزيرة الخارجية الجورجية تامار بيروتشاشفيلي بأن روسيا تمضي قدماً في «عملية الضم التدريجية» لمنطقتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية الانفصاليتين في جورجيا، بعدما وقعت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي اتفاقات لتعزيز التكامل مع المنطقتين. وقالت بعدما انضمت الى محادثات أجراها رئيس الوزراء الجورجي اراكلي جاريباشفيلي في بروكسيل أول من امس، إن «خطوات موسكو تندرج في إطار صورة أكبر لعدوانها في المنطقة، ومحاولتها توسيع نفوذها». وأضافت: «جورجيا جزء من لعبة أوكرانيا ذاتها»، منددة بنشر روسيا 11 ألف عسكري في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا. وخاضت جورجياوروسيا حرباً عام 2008 حول أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا. وبعد انتهاء الحرب اعترفت موسكو بالمنطقتين كدولتين مستقلتين. الغاز الروسي على صعيد آخر، أكد وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك مشاركته في الاجتماع الثلاثي المقرر في بروكسيل الإثنين، لمحاولة تسوية خلافها مع كييف حول تسليم مجموعة «غازبروم» شحنات غاز الى الانفصاليين في شرق أوكرانيا. وقال: «سنبحث كل المسائل المرتبطة بعلاقاتنا في بروكسيل، وسنتطرق حتماً الى مسألة إمدادات الغاز الروسي للمناطق الانفصالية». لكن نوفاك لمّح الى أن روسيا قد تتوقف عن إمداد أوكرانيا بغاز قبل اجتماع الإثنين، إذا لم تسدد شركة «نفتوغاز» الأوكرانية الدفعة المقبلة المستحقة، مشيراً الى أن معلومات «غازبروم» تفيد بأن الجانب الأوكراني حوّل 15 مليون دولار، لكن هذا المبلغ لم يصل الى غازبروم». وكانت المفوضية الأوروبية عرضت عقد اجتماع ثلاثي في بروكسيل بحضور وزيري الطاقة الأوكراني والروسي، خوفاً من أن تتأثر إمدادات الاتحاد الأوروبي في حال قطع الغاز الروسي عن أوكرانيا. وتمر حوالى 15 في المئة من إمدادات الغاز الإجمالية الى الاتحاد الأوروبي عبر أوكرانيا. وكانت «نفتوغاز» أعلنت أنها ستحضر الاجتماع بصفتها «عضواً في الوفد الأوكراني بقيادة وزير الطاقة فولوديمير دمتشيشين». وتصاعد التوتر حول الغاز بين روسياوأوكرانيا بعدما باشرت «غازبروم» الأسبوع الماضي تسليم الغاز مباشرة الى المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون، بحجة أن كييف توقفت عن إمدادها. وتعتبر موسكو أن هذه الشحنات تدخل في سياق العقد الذي أبرم في تشرين الأول (أكتوبر) بين «غازبروم» ومجموعة «نفتوغاز» الأوكرانية إثر وساطة للمفوضية الأوروبية، وأنه يترتب على كييف دفع ثمنها، وهو ما ترفضه الشركة الأوكرانية كونها لا تملك أي وسيلة لكشف كمية الإمدادات ووجهة استخدامها. كما ترفض كييف تسديد أي دفعة جديدة لشراء الغاز، فيما تؤكد «غازبروم» أن المبلغ المتبقي «غير كافٍ» للسماح بتسليم كميات جديدة بعد انتهاء الأسبوع. وحذر الناطق باسم «غازبروم» سيرغي كوبريانوف: «نحن مستعدون لاستثناء مسألة تسليم الغاز إلى دونباس من المفاوضات الجارية مع نفتوغاز. لكن إذا لم تصل الأموال في الوقت المحدد فسنوقف تسليم الغاز».