يستغل المتسولون الروحانية التي تخيم على المدينتين المقدستين في السعودية خلال المواسم الدينية في شهر رمضان وموسم الحج، للخروج بأكبر قدر من الأموال، فيوسعون نشاطهم حول الحرمين الشريفين لتصيد الراغبين في البحث عن الأجر والثواب، ويتفننون في تقمص شخصيات تستدر العطف، يصلون من خلالها إلى جيوب المحسنين، ويتم ذلك على رغم تكثيف الجهات المختصة من نشاطها لتطويقهم، إلا أن أعدادهم في ازدياد. وحمّلت مصادر عاملة في مجال الفندقة الأثرياء مسؤولية تدفق المتسولين إلى مقر سكنهم في الفنادق المحيطة بالمسجد النبوي الشريف، بإغداق الأموال عليهم، وهو ما دفع الكثير من المتسولين إلى تحين الأوقات التي يصل فيها الأثرياء لسؤالهم، مستعينين بقصص خيالية تستعطفهم. وأرجع باحثون في شؤون العمرة والحج أسباب تفاقم ظاهرة المتسولين بمختلف أشكالها إلى انتشار العمرة الوهمية وبيع التأشيرات وعدم تطبيق البرامج المتعاقد عليها، موضحين أن إحصاءات الجهات المتخصصة الأخرى،كشفت أن عدد المتسولين المقبوض عليهم منذ بدء موسم الحج في المدينة بلغ 380 متسولاً. في المقابل، تكثّف لجان المكافحة جهودها للتقليل من تفاقم ظاهرة انتشار المتسولين بين مختلف الفئات (الذكور والإناث والأطفال بمختلف الأعمار)، حيث يمثل التسول الممنهج أو المنظم عقبة كبيرة، باعتمادهم على تقسيم المناطق والمهام التي منها متابعة زيارات رجال الأعمال والمسؤولين إلى المدينةالمنورة للوصول إليهم في الوقت المناسب. ويصف مدير الموارد البشرية في أحد الفنادق المطلة على المسجد النبوي الشريف عبدالمنعم الرفاعي التسول والافتراش والباعة الجائلين في محيط المسجد النبوي الشريف ب«المظهر غير اللائق»، ويتسبب فيه الحجاج والزوار من خارج البلاد، لاسيما منظر الافتراش والنوم في الطرقات والساحات وتجول الباعة واختبائهم وهروبهم من متابعة المراقبين للأجهزة من وزارة الحج والبلدية والأمن. وذكر المدير العام للجمعية الخيرية للخدمات الاجتماعية المهندس يحيى سيف ل«الحياة» أن ظاهرة التسول في السعودية يرتكبها العديد من الفئات، ومن أهمها القادمون بتأشيرات العمرة أو المتخلفون الذين قدموا للحج ثم تسربوا إلى داخل البلاد للتسول، مشيراً إلى أن المدينتين المقدستين والمواطنين ومن يرتادونها وتسابق الناس إلى بذل الخيرات، تمثل بيئة خصبة لتنامي سلوكيات التسول خاصة في ظل حرص الناس على البذل وعدم رد السائل. ورأى سيف أن العمل على تفعيل قرار مجلس الوزراء بتشكيل لجان ميدانية في جميع مناطق السعودية بالاشتراك مع الشرطة والجوازات وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للقبض على المتسولين هو دعم لجهود الجمعيات الخيرية، لافتاً إلى أنه مهما كانت الدوافع يظل التسول ممارسة مهينة لكرامة الإنسان، وإساءة لسمعة السعودية.