طردت السلطات المغربية، في سابقة من نوعها، الناشطة الصحراوية أمينة حيدر بسبب رفضها ملء استمارة ثبوت إدارية لدى وصولها إلى مطار الحسن الأول في العيون، كبرى مدن المحافظات الصحراوية. وذكرت مصادر أمنية أن الناشطة الصحراوية التي عادت من جولة خارجية بجواز سفر مغربي، رفضت الإدلاء بمعلومات عادية حول هويتها، كما يحصل في إجراءات التثبت من هوية المسافرين في أي مطار في العالم. ومكثت أمينة لبعض الوقت أمس في صالة الترانزيت التي تُعتبر بمثابة مكان خارج الحدود، إلى أن عاودت الالتحاق بطائرة أقلتها إلى جزر لاس بالماس التي كانت الوجهة التي انطلقت منها نحو المحافظات الصحراوية. ورأت مصادر في الحدث إشارة قوية إلى التزام السلطات مضمون الخطاب الذي وجهّه العاهل المغربي الملك محمد السادس الأسبوع الماضي إلى الشعب المغربي وأعلن فيه رفضه «إزدواجية» الموقف، إذ أعلن أن «لا وسطية في الانتساب إلى الوطن»، ليخلص إلى أن المغربي إما أن يكون وطنياً ملتزماً ثوابت بلاده أو يُعتبر خائناً. وتتهم السلطات المغربية ناشطين يتحدرون من أصول صحراوية بالإزدواجية كونهم يحملون جوازات سفر مغربية ويتمتعون بحقوق المواطنة لكنهم موالون لجبهة «بوليساريو» التي يصفها المغرب بأنها «خصم لوحدته الترابية». وسبق لعدد من هؤلاء الناشطين أن زاروا عواصم عدة في إطار «حملات دعائية لمصلحة بوليساريو»، على حد وصف المسؤولين المغاربة. إلا أن هؤلاء الناشطين كانوا يعودون إلى البلاد من دون مؤاخذات ضدهم. غير أن السلطات أبدت أخيراً المزيد من الانزعاج حيال نشاط هؤلاء بعد قيام سبعة منهم بزيارة لمخيمات تندوف جنوب غربي الجزائر حيث اجتمعوا مع قياديين في «بوليساريو» ومسؤولين في الاستخبارات الجزائرية، ما أدى إلى اعتقالهم بمجرد وصولهم إلى مطار محمد الخامس الدولي في الدارالبيضاء قبل أسابيع. وكانت مصادر قضائية أفادت أن التهم التي وُجّهت إلى أولئك الناشطين ذات صلة بصلاحيات المحكمة العسكرية التي ما زالت تُجري تحقيقات معهم في انتظار تحديد موعد محاكمتهم. ويعتقد بعض الأوساط أن المصير نفسه كان ينتظر أمينة حيدر التي يبدو أنها رفضت الإقرار بانتسابها إلى المغرب. وطالبت جبهة «بوليساريو» في وقت سابق بإطلاق الناشطين المؤيدين لها وهددت بأن استمرار اعتقالهم قد يحول دون استئناف الجولة المرتقبة من المفاوضات. غير أن مسؤولين مغاربة أكدوا أن احترام حقوق الإنسان يفرض الالتزام بالقوانين السارية، وأن ما من دولة تقبل تهديد وحدتها الترابية تحت شعار «ممارسة حق من حقوق الإنسان». تصعيد مع الجزائر وينظر مراقبون بتشاؤم إلى هذه التطورات كونها تسبق الزيارة المرتقبة للموفد الدولي كريستوفر روس إلى المنطقة، بخاصة مع توالي تهديدات «بوليساريو» بالعودة إلى حمل السلاح. وانتقد المغرب في هذا السياق استخدام المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني في الصحراء لتحركات قامت بها «بوليساريو» واعتبرتها الرباط منافية لالتزامات وقف النار الذي يحظر أي نشاط مدني أو عسكري في المنطقة. واتهمت السلطات المغربية في وقت سابق «بوليساريو» بأنها «انتهكت وقف النار» الساري منذ 1991، وقال العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب في تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري إن بلاده ستتصدى بقوة القانون والشرعية لأي انتهكات تحاول النيل من سيادة المملكة. ولفتت المصادر إلى أن خطاب الملك في ذكرى «المسيرة الخضراء» اتهم الجزائر كذلك بازدواجية الموقف، في إشارة إلى ما يُعتبر دعماً ديبلوماسياً تقدمه الجزائر ل «بوليساريو»، ما حدا بالمسؤولين المغاربة وكل الزعامات السياسية في البلاد والنقابات وناشطي المجتمع المدني إلى مقاطعة حفلة أقامتها السفارة الجزائرية في الرباط في ذكرى العيد الوطني. واعتُبرت المقاطعة مؤشراً إلى نهاية خطوات انفتاح كان المغرب يسعى من خلالها إلى معاودة فتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ صيف 1994.