خضع البرازيلي فيليبي ماسا, سائق فيراري, مطلع سبتمبر الماضي لجراحة تجميل ناجحة لعلاج كسر في الجمجمة، تعرض له خلال التجارب التأهيلية لسباق جائزة المجر الكبرى, الجولة العاشرة من بطولة العالم لسباقات سيارات فورمولا واحد 2009. ولكن اي "جراحة" أخرى لن تستطيع استئصال بذور الصراع التي بدأت تنبت في حظيرة "الحصان الجامح" منذ اعلان انتقال الاسباني فرناندو الونسو, بطل العالم 2005 و2006, من رينو الى فيراري ابتداء من عام 2010. ماسا اعلن الحرب المفتوحة على الونسو الذي حل مكان الفنلندي كيمي رايكونن, بطل العالم 2007, عندما أعرب لعدد من الصحافيين البرازيليين عن اقتناعه بعلم السائق الاسباني ب"المهزلة" التي فبركها رينو كي يفوز (الونسو) بسباق جائزة سنغافورة الكبرى عام 2008. وكان ماسا يتصدر السباق فعلا عندما افتعل مواطنه نيلسون بيكيت جونيور, سائق رينو الاخر, حادثا أدى بالنتيجة الى تتويج الونسو في سنغافورة, والى الحد من حظوظ فيليبي في انتزاع لقب بطل العالم. واعترف نيلسينيو بافتعال الحادث وطرد إثر ذلك من الفريق الفرنسي, فيما علق ماسا على الفضيحة الشهيرة قائلا: "دون شك, هو (الونسو) كان على علم بذلك. لا مجال لعدم معرفته", معتبرا ان السائق الاسباني كان "المشكلة الاصغر" في الحادثة, وان المسؤولين الرئيسيين هما "رينو وبيكيت", واشار الى ان "الونسو جزء من المشكلة. فالمنطقي انه كان يعرف. لدي يقين مطلق بذلك". وشدد على انه كان المتضرر الاكبر مما حدث في سنغافورة, حيث يرى انه كان يتوجب على الاتحاد الدولي للسيارات (فيا) الغاء نتيجة الونسو, وهو ما كان سيمنح له باحراز لقب بطل العالم للسائقين العام الماضي والذي ذهب في نهاية المطاف الى البريطاني لويس هاميلتون, سائق ماكلارين مرسيدس, وقال: "في رياضات اخرى, مثل كرة القدم, تلغى المباريات (في حال وقوع مخالفات). في ايطاليا, هبط يوفنتوس الى الدرجة الثانية (نتيجة تورطه بفضيحة تلاعب بنتائج مباريات). في الالعاب الاولمبية, اذا ثبت ان فوز رياضي ما حصل من خلال تعاطي المنشطات, فإن انتصاره يلغى. هنا نحن نتحدث عن سباق من 20 سيارة, عن دخول سيارة الامان الذي قد يغير نتيجة السباق بالنسبة الى عشر سيارات على الاقل". ورغم ذلك, أكد ماسا انه غير نادم على فوز حرم منه بسبب ما فعله الفريق الفرنسي: "ان هذا لا يهمني في هذه اللحظة لدرجة انه لو جرى اعلاني بطلا للعالم بعد كل ما حدث, فإني لن اضع ذلك اللقب في سيرتي الذاتية". وفي لقاء صحافي سابق, رأى ماسا ان "ما جرى في سنغافورة يعتبر عملية سرقة كبرى. لقد تغير مصير البطولة. حسم اللقب بفارق نقطة واحدة" (بينه وبين هاميلتون), واضاف: "لقد جرى طرد (الايطالي فلافيو) برياتوري (مدير رينو السابق) من عالم الفئة الاولى نتيجة تورطه بالفضيحة. لا يمكن ان اتفهم العقوبة ولا اعتقد انها كافية لانصافي", وختم: "فريق رينو حرمني من اللقب". ويبدو ان ماسا امتعض من تصريحات أدلى بها الونسو الذي وضع لنفسه هدف تحقيق الانجازات التي سطرها الاسطورة الالماني ميكايل شوماخر مع فيراري بعدما قرر الانتقال من رينو الى صفوف "الحصان الجامح". ويمكن القول ان السائق الاسباني سار الى حد ما على مسار شوماخر الذي توج بلقبين مع فريق بينيتون الذي اصبح لاحقا رينو, قبل ان يقرر الانضمام الى فيراري حيث اضاف الى رصيده خمسة القاب اخرى ما جعله افضل سائق في رياضة الفئة الاولى على مر التاريخ. وما ان أعلن عن صفقة انتقال ابن مدينة اوفييدو الى فيراري حتى أعلن الونسو انه يأمل ان ينهي مسيرته مع "سكوديريا", رغم ان العقد الذي يربطه بالفريق الايطالي يمتد ثلاث سنوات فقط. "آمل ان أتمكن من الاستمرار (مع فيراري) بقدر ما أريد وأن أنهي مسيرتي هنا مع الكثير من الانتصارات", هذا ما قاله الونسو بعد الاعلان رسميا عن صفقة الانتقال, مضيفا: "اعتقد فعلا ان فيراري سيكون فريقي الاخير. كما أرى الامور, فإن ترك فيراري للانتقال الى فريق اخر يعتبر خطوة الى الوراء". وكشف انه يأمل ان يتمكن من تحقيق انجازات مماثلة لتلك التي حققها شوماخر مع فيراري, مضيفا: "من الواضح ان الامر لن يكون سهلا, لكني آمل في ان أسير على خطى ميكايل والفوز بالعديد من البطولات, لكني اعتقد ان هذا الامر سيكون صعبا للغاية". وأعرب السائق الاسباني عن حماسه ليقود الى جانب ماسا وقال في هذا الصدد: "تربطنا علاقة جيدة جدا. فيليبي سائق سريع جدا ويملك شخصية رائعة. انه في الفريق منذ اعوام, وبالتالي بإمكانه ان يساعدني على التأقلم بأسرع وقت ممكن". ويعتبر اتفاق الشراكة بين بنك سانتاندر الاسباني الذي بدأ اولا مع ماكلارين عام 2007, وفريق فيراري والذي تم الاعلان عنه خلال جائزة ايطاليا الكبرى, الجولة الثالثة عشرة من بطولة العالم 2009, أهم المؤشرات على وصول الونسو الى "مارانيللو". وستساهم هذه الشراكة المقدرة بنحو 40 مليون يورو على مدى 5 سنوات, في دفع أجور الونسو الذي ابدى رئيس فيراري لوكا دي مونتيزيمولو اعجابه به قائلا: "لقد أحببت دائما الونسو لانه سائق ممتاز وانا اراقبه مذ كان مع ميناردي". ولا شك في ان ماسا يخشى في ان تؤثر رعاية بنك سانتاندر في قرارات فيراري وتحديدا في امكان جعل الونسو السائق الرقم واحد في "الفريق الاحمر" ابتداء من 2010 ومنحه الافضلية في السباق نحو احراز لقب بطولة العالم للسائقين. وفي هذه الاثناء, يضغط فيراري من خلال دي مونتيزيمولو بقوة لاقرار اشراك ثلاث سيارات ابتداء من الموسم المقبل بدل سيارتين, متسلحا بحجة انسحاب بي ام دبليو وتويوتا من بطولة العالم وتقلص عدد الفرق المشاركة, وقال: "قد يتيح انسحاب بي ام دبليو وتويوتا المجال امام كل فريق للمشاركة في بطولة 2010 بثلاث سيارات. سأحاول الضغط لادخال هذا التعديل حيز التنفيذ. ولا شك في اننا نفكر في منح مقود السيارة الثالثة لميكايل شوماخر" خصوصا ان الاخير لم يستبعد العودة الى الحلبات في الاونة الاخيرة رغم فشله في استكمال منافسات موسم 2009 عوضا عن ماسا نظرا لمعاناته من الام في العنق نتيجة سقوطه من دراجة نارية خلال مشاركته في احد السباقات. وفي حال عودة شوماخر, فإن على ماسا ان لا يخشى وصول الونسو, وان على السائق الاسباني الا يخشى أقدمية البرازيلي مع فيراري, بل يتوجب عليهما معا ان يحذرا من قدوم "شومي" الذي أعطى فيراري ما يجعله يحصل منها على افضلية اخلاقية قبل ان تكون رياضية.