سعى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى اظهار اشد الود لسلفه جاك شيراك. وذلك في الوقت الذي سجلت شعبية الرئيس السابق ارتفاعاً ملحوظاً، فيما هوت شعبية الحالي الى ادنى مستوى لها، الى حد بدأت الشكوك في احتمال انتخابه ثانية في الانتخابات المقبلة المقررة سنة 2012، وفي الوقت الذي حامت شبهات سياسية حول دور ساركوزي في مقاضاة شيراك بتهم فساد عندما كان رئيسًا لبلدية باريس. وقد يكون هذا الود العلني يهدف الى نفي هذه الشكوك، خصوصًا انه تضمن اشادة بالسياسة الخارجية التي انتهجها شيراك. جاء ذلك خلال تقديم «مؤسسة شيراك للوقاية من الأزمات» التي أسسها الرئيس السابق جاك شيراك لرجال دين، مسلمين ومسيحيين، من افريقيا لدورهم في التقريب بين الحضارات. واختتم ساركوزي الحفلة التي أجريت في القاعة الرئيسية لجامعة السوربون في حضور شيراك وأعضاء لجنة التحكيم للجائزة، بتحية عمل شيراك عبر مؤسسته، مخاطباً إياه بمودة ومستخدماً مراراً عبارة «عزيزي جاك». وقال ساركوزي انه لم يفاجأ لأن المؤسسة قررت تكريم «ثلاثة رجال حوار وسلام إذ ان الحوار والسلام هما ركيزتا رؤيتك للعالم». ونوه ساركوزي للمرة الأولى ببعد النظر الذي أبداه شيراك برفضه الحرب على العراق. وقال: «لقد كانت نظرتك صائبة». وكان شيراك حذر في كلمته من المخاطر الناتجة من الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، متوقفاً عند أزمة الغذاء والبؤس «عند جيراننا الأفارقة». ورأى أنه لا بد من إعطاء الأولوية للحق على القوة وأن الحرب ليست الحل في أي مكان، ولذا ينبغي مساعدة من يعمل على إطفاء الصراعات. وحضر الحفلة جمهور كبير من السياسيين الفرنسيين والديبلوماسيين العرب ومنهم سفراء السعودية محمد آل الشيخ ومصر ناصر كامل والبحرين ناصر البلوشي. وتزامنت الحفلة مع صدور الجزء الأول من مذكرات شيراك، التي يتطرق فيها الى مصارحة ساركوزي له، عندما قرر تأييد منافسه على الرئاسة رئيس الحكومة السابق ادوار بالادور. وأظهر حضور ساركوزي، وتأييده مؤسسة شيراك انه يرغب في القول لمن يتهمه بأنه وراء قرار ملاحقة الرئيس السابق، أن لا علاقة له بهذا القرار خصوصاً، ان شيراك بات من الشخصيات الأكثر شعبية في فرنسا وفقاً لاستطلاعات الرأي. في موازاة ذلك، يواجه ساركوزي في منتصف ولايته تراجع شعبيته الى ادنى حد يبدو معه معرضاً ل»هزيمة» في انتخابات 2012، بحسب استطلاع نشرت نتائجه امس. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن الاستطلاع الذي اجراه معهد «سي.اس.آ» ان ساركوزي سيهزم في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، لو أجريت اليوم، امام المدير العام لصندوق النقد الدولي الاشتراكي دومينيك ستروس -كان بنسبة 49 في المئة مقابل 51 في المئة. وأفاد استطلاع آخر اجراه «معهد ايفوب» ونشرته مجلة «باري ماتش» بأن شعبية الرئيس الفرنسي تراجعت بست نقاط لتصل الى 39 في المئة في تشرين الثاني (نوفمبر) مقارنة بالشهر السابق، في «اسوأ نتيجة» منذ انتخابه في ايار (مايو) 2007. وأعرب 63 في المئة من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع عن استيائهم من ادائه. وأكد المعهد ان شعبية الرئيس «لم يسبق ان تدنت الى ما تحت 41 في المئة «. كذلك يواجه الرئيس الفرنسي احتجاج 24 نائباً في مجلس الشيوخ الرافضين المصادقة على الغاء ضريبة محلية تدفعها الشركات لتمويل الهيئات البلدية والإقليمية.