كشف إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس عدم ترشيح نفسه للانتخابات المقبلة، غياب مرشح يحظى بإجماع أجنحة السلطة وحركة «فتح»، رغم تداول أسماء كثيرة، بسبب غياب الظروف التي أمنت بعد رحيل الرئيس السابق ياسر عرفات انتقالاً سلساً للسلطة إلى عباس الذي كان الرجل الثاني آنذاك. وووجه موقف عباس باعتراض مصري، كما اتصل به الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى وحضه على العدول عن قراره، ودعاه وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أمس إلى «مواصلة مسيرته نحو السلام»، فيما اعتبر وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند ان «دوراً كبيراً في المستقبل» ينتظر عباس. وامتنعت إسرائيل عن التعليق رسمياً على الإعلان، وإن أكدت أن لها «مصلحة» في وجود قيادة فلسطينية معتدلة. وفي وقت أكد ل «الحياة» مسؤول في مكتب عباس أمس وجود «فرصة حقيقية» لتراجع الرئيس عن تنفيذ تهديده في حال استجابت الولاياتالمتحدة لشروطه لاستئناف المفاوضات، هيمن نقاش خلافة عباس على المشهد الفلسطيني بقوة، وطرحت أسماء من داخل «فتح» وخارجها لتولي المهمة، على خلفية عدم وجود نائب للرئيس وشغور موقع الرجل الثاني في الحركة. وتصدر الأسماء المطروحة رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض وأمين سر «فتح» محمد غنيم (أبو ماهر) وعضو اللجنة المركزية للحركة الدكتور ناصر القدوة ابن شقيقة عرفات، والقيادي «الفتحاوي» الأسير مروان البرغوثي. ورغم القبول الغربي الذي يحظى به رئيس الوزراء، فإن كونه ليس عضواً في «فتح»، يثير حفيظة تيار في الحركة يرى أن غيابها من الرئاسة سيشكل بداية لمرحلة جديدة من التراجع قد تصل إلى الانهيار. ويشدد أحد أبرز ممثلي هذا التيار عضو اللجنة المركزية محمد دحلان على أن «فتح» يجب أن تدعم مرشحاً من قادتها مثل «أبو ماهر» في حال أصر عباس على الانسحاب. وعاد اسم مروان البرغوثي إلى الواجهة مجدداً، مدعوماً بفريق من «فتح» يرى أنه المرشح الوحيد القادر على مواجهة مرشح إسلامي، نظراً إلى شعبيته الواسعة التي تظهرها استطلاعات الرأي. وتؤكد مصادر عدة أن البرغوثي مصمم هذه المرة على خوض الانتخابات من سجنه، حتى لو لم تتفق الحركة على ترشيحه. ويطرح أيضاً اسم ناصر القدوة الذي يعزز حظوظه عدم ارتباط اسمه بملفات الفساد والتنازلات السياسية التي شهدتها المفاوضات الانتقالية. وأكد مصدر مصري ل «الحياة» أن بلاده «تعارض الخطوة» التي أعلنها عباس. ورأى أن «مغادرة عباس ستربك الساحة الفلسطينية وستكون لها تداعياتها السلبية، وعباس يعلم موقفنا جيداً». وفي واشنطن، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إنها تتطلع إلى العمل مع عباس «بأي صفة جديدة». وأكدت أنهما ناقشا خلال اجتماعهما مطلع الأسبوع «مستقبله السياسي»، لكنها لم تعط تفاصيل، مكتفية بالقول انه «أكد التزامه الشخصي بعمل ما في وسعه لتحقيق حل الدولتين... وأتطلع إلى العمل معه بأي صفة جديدة».