عاش الوسط السياسي اللبناني المتابع عن كثب لمفاوضات تأليف الحكومة الجديدة، بين هبة باردة وأخرى ساخنة يوم أمس، فبدأ النهار بأخبار تداولها بعض رموز المعارضة متعلقة بجهود حلفاء سورية لتذليل عقبات التأليف، ومفادها ان المساعي نجحت والحكومة ستظهر خلال ساعات قليلة، وانتهى بانطباع مفاده ان الخلاف على الحقيبة الرابعة التي يطالب بها رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، زعيم «التيار الوطني الحر»، ما زال مستمراً. وعزز عون ذلك في تصريح له مساء أكد فيه ان هناك حقيبتين متفق على ان يتولاهما وزراؤه هما الاتصالات والطاقة وأن الحقيبتين الأخريين لم تحسما بعد. وسبق إقفال النهار، على تبدد أجواء التفاؤل مرة أخرى، انكفاء حليف العماد عون وعضو تكتله النيابي النائب سليمان فرنجية عن مواصلة جهوده بينه وبين الرئيس المكلف سعد الحريري الذي قالت مصادره ان لا جديد لديها في شأن تأليف الحكومة. وقالت مصادر متصلة بفرنجية انه انكفأ بعدما لاحظ تغييراً في مواقف عون عن آخر المخارج التي كان اتفق معه عليها وعدم تجاوبه مع الإلحاح الذي نقله إليه بضرورة تسريع تأليف الحكومة في المناخ الإقليمي الحالي. وأفادت المعلومات بأن المفاوضات بقيت عالقة على طلب عون حقيبة الاقتصاد بدلاً من الثقافة، فيما اقترح الحريري عليه إسناد حقيبة الصناعة بدلاً من الثقافة، وهو ما اعتُبر العرض الأخير، إضافة الى السياحة والاتصالات. وكانت أوساط المعارضة التي أشارت صباحا الى حلحلة نتيجة جهود ملحة بُذلت مع عون كي يقبل بعرض الحريري، لكن أوساطاً في الأكثرية قالت ان ما يحصل يدل على انها في ربع الساعة الأول ولا صحة لهذه الأجواء. وقالت أوساط محايدة ان تأخير تأليف الحكومة بات مربكاً لبعض أركان المعارضة، وإن رئيس البرلمان نبيه بري سعى خلال لقائه الوزير باسيل أول من امس الى إقناع عون بالتجاوب مع الوساطات وأبلغه بضرورة «عدم حشر الحريري لأنه يجب ان تكون التضحية والتنازلات متبادلة». كما ان مصادر المعارضة أفادت بأن «حزب الله» سعى الى رمي ثقله للمساعدة بالوصول الى مخارج حل وسط، في اجتماع باسيل مع قيادته بعد لقائه بري (تردد انه التقى الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله). وعاش اللبنانيون اجواء انسداد الأفق السياسي والحكومي في ظل مزيد من التعقيدات الإقليمية والحراك الخارجي الذي يتأثر به لبنان. وفيما ذكرت اوساط سياسية في بيروت ان سبب ما قيل عن إلحاح سوري على تسريع تأليف الحكومة هو الرغبة في إنجازها قبل الزيارة المرتقبة للرئيس بشار الأسد فرنسا في 13 الجاري، توقفت هذه الأوساط امام زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم طهران امس، والإعلان عن ان نظيره الإيراني منوشهر متقي سيزور المملكة العربية السعودية. وترقب الوسط السياسي هاتين الزيارتين. وفي طهران رأى الوزير المعلم الذي أجرى محادثات فيها مع الرئيس محمود احمدي نجاد ونظيره الإيراني منوشهر متقي «أن سورية وإيران لم تكونا يوماً تقفان ضد تشكيل الحكومة اللبنانية»، وأن طهران ودمشق مسرورتان للأنباء التي تتحدث عن قرب تشكيل الحكومة اللبنانية، وهما تدعما تشكيل هذه الحكومة. وأفادت المعلومات من طهران بأن امير قطر حمد بن خليفة آل ثاني سيزور طهران اليوم ليوم واحد، في الوقت نفسه الذي يواصل المعلم محادثاته في العاصمة الإيرانية. وقال المعلم بعد جولة من المحادثات مع متقي، ان ايران وسورية لم تتدخلا في أجواء تشكيل الحكومة اللبنانية، معرباً عن امله بتشكيل هذه الحكومة في إطار الوحدة الوطنية الكاملة. وقال متقي انه سيزور المملكة العربية السعودية الأسبوع المقبل لبحث قضايا الحجاج الإيرانيين والقضايا ذات الاهتمام المشترك. ولفت الى ان سورية وإيران تعملان على تعزيز الأمن والاستقرار في لبنان.