الاتحاد يتغلّب على القادسية بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    انطلاق معرض المدينة بيلدكس    ملتقي لتوطين قطاع الطاقة وتعزيز الريادة العالمية للمملكة    القدية للاستثمار تطلق برنامج صُنّاع الّلُعب التدريبية    نتنياهو رداً على محاولة اغتياله: لا شيء قادراً على ردعنا    الحضور السعودي الدولي    لص اقتحم منزلين.. نشر الغسيل ونظف الأرضيات    تحذير أممي من تداعيات مقتل 700 فلسطيني    تعزيز التعاون التعديني بين المملكة وإسبانيا    الإعلامي البرتغالي «جواو» ل«البلاد»: دوري روشن السادس عالمياً قريباً.. وأداء الهلال ممتع    في ختام الجولة السابعة من دوري روشن.. الاتفاق يواجه العروبة.. والرياض ضيفًا على الأخدود    ما هكذا يكون الرد يا سالم!!    غُصَّة حُزن وألم    إحالة مسؤولين في إحدى القنوات التلفزيونية للتحقيق    وسط إشادة واسعة بالرسوم المتحركة والمؤثرات البصرية.. مانجا للإنتاج تحتفل بالعرض الأول للأنمي السعودي    شارك في مؤتمر اللغات بإسبانيا.. مجمع الملك سلمان العالمي يعزز هوية "العربية"    جامعة الملك خالد تحصل على المركز 11 عربيًّا والرابع وطنيًّا في تصنيف QS العربي للعام 2025    دراسة: لا يشترط المشي لفترات طويلة يومياً    القيادة تعزي ملك مملكة البحرين في وفاة الشيخ حمود بن عبدالله بن حمد بن عيسى آل خليفة    الوطن مجموعة من النعم    مبابي وفينيسيوس يقودان ريال مدريد لفوز صعب على سيلتا فيجو    بلان: هناك مشاكل دفاعية.. وبنزيمة خارق    مدرب القادسية: قدرات الإتحاد سبب الخسارة    موعد مباراة الإتحاد بعد الفوز على القادسية    135 منشأة مخالفة لنظام المنافسة    اقتراح لتسوية مديونيات المخالفات !    اللقافة مرة أخرى    ضبط نحو 22 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    ساعتان لإصدار تراخيص أنشطة النقل    رأيُ سياسيٍّ أمريكيٍّ في سياسة بلاده ...؟!    وصول الطائرة الإغاثية السعودية السابعة لمساعدة الشعب اللبناني    التحول الرقمي يُعيد تشكيل الحدود    لماذ أحب الهلال..؟    تأمين المركبة لحفظ المال وراحة البال    أكتوبر.. فرصة لاجتماع نجوم الشتاء والصيف في السماء    أمين الطائف يقف على مشروعات ظلم والمويه    القبض على (7) إثيوبيين في جازان لتهريبهم (330) كجم "قات"    البدء بأعمال الصيانة والتأهيل لطريق الملك فهد (الدمام الخبر السريع) للمرحلة الرابعة    حائل: حملة للكشف المبكر عن سرطان الثدي    إمام المسجد النبوي: أحب القلوب إلى الله أرقّها وأصفاها    خطيب المسجد الحرام: التأني يقي من الانحراف    "حزب الله" يهاجم شمال إسرائيل.. ومسيّرة تستهدف مقر إقامة نتنياهو    إحالة مسؤولين بإحدى القنوات التلفزيونية للتحقيق بسبب تقرير إخباري مخالف    فشل اغتيال نتنياهو يشعل حرب إسقاط القيادات    7 ميداليات سعودية في معرض أنوفا للاختراعات    مفتي موريتانيا: مسابقة خادم الحرمين لها أهمية بالغة في خدمة الدين    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على فرحان بن عبدالعزيز آل فرحان    إطلاق 15 ظبي ريم بمتنزه واحة بريدة    حرس الحدود في مكة ينقذ (3) مواطنين تعطلت واسطتهم البحرية    شارك مجمع طباعة المصحف بالمدينة المنورة في معرض "جسور"    قطاع خميس مشيط الصحي يُقيم حملة "التطعيم ضد الانفلونزا الموسمية"    قطاع ومستشفى تنومة يُقيم فعالية"الأسبوع العالمي للصحة النفسية"    في ثوانٍ.. اختبار جديد يكشف الخرف بمختلف أنواعه    أجواء طريف المعتدلة تحفز المواطنين والمقيمين على ممارسة رياضة المشي    أحمد أبو راسين يرزق بمولوده "نهار"    أبسط الخدمات    برقية شكر للشريف على تهنئته باليوم الوطني ال94    السعودية إنسانية تتجلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب أنابيب الغاز على امتداد أوراسيا
نشر في الحياة يوم 04 - 11 - 2009

ثلث الغاز السائل الذي تستهلكه أوروبا في التدفئة مصدره روسيا. وبعض بلدان أوروبا روسيا مصدر غازها كله. ويتوقع الأوروبيون أن يزيد الغاز الذي يستهلكونه في العقدين القادمين 40 في المئة. وقد يقضي هذا بتعاظم التعويل على غاز روسيا. والباعث على القلق هو أن الحكم الروسي لم يتورع عن قطع إمدادات الغاز في أثناء نشوب منازعات مع الدول المستهلكة، شأن أوكرانيا، حسماً للمنازعة، من غير اعتبار أحوال البلدان التي ليست طرفاً في الخلاف ولكنها تتلقى الغاز من طريق الممر الأوكراني.
وتحسباً لاندلاع خلافات من هذا الضرب، تعهدت شركات طاقة من بلدان أوروبية متفرقة، هي تركيا وبلغاريا ورومانيا والمجر والنمسا، بناء خط أنابيب غاز ينقل المادة الثمينة هذه من بعض حقول الشرق الأوسط وحوض بحر قزوين إلى أوروبا عبر الهضبة الأناضولية، هو خط «نابوكو». وهذا الخط يسهم الاتحاد الأوروبي في تمويله، وتؤيده الولايات المتحدة. وهو يتجنب المرور بروسيا، أو بالبلدان التي تنتهج سياستها. ولا يتكتم المشاركون فيه على معناه السياسي، وهو تقييد التحكم الروسي في تموين أوروبا بالطاقة، والحؤول دون توسلها بالغاز الى معاقبة الدول التي تخالفها الرأي والنهج السياسي.
وتحارب موسكو إنشاء الخط بوسائل شتى، منها إغراء بعض السياسيين الأوروبيين النافذين بالوظائف والمرتبات العالية. والمستشار الألماني السابق، غيرهارد شرودر، مثل بارز على الاستمالة بالوظيفة والمرتب العالي. وهي تخطط للاستيلاء على أسهم في شركات الطاقة الأوروبية بواسطة شركات مصطنعة. وتعمد موسكو أخيراً الى شراء الغاز من بلدان آسيا الوسطى وحوض قزوين، وتأمل في جمع معظم العرض بيدها. وهي تقترح أسعاراً تبلغ 4 أضعاف الأسعار التي كانت تسددها الى وقت قريب، وتستبق شراء أطراف «نابوكو» السلعة من أسواقها القريبة من روسيا. وروسيا عازمة على إنشاء خط مواز ومنافس لخط «نابوكو»، هو خط «ساوث ستريم» (الجنوبي). ويمتد الخط المزمع من روسيا الى بلغاريا والبلقان، عبر البحر الأسود، ويتفرع الى إيطاليا غرباً، والنمسا شمالاً.
ويقسم الرأي في سياسة الطاقة الروسية أوروبا كتلتين: الأولى، ومعظم بلدانها من أوروبا الشرقية والوسطى، وهي منطقة النفوذ السوفياتي قبل عشرين عاماً. والثانية، تربط بلدانها، وفي صدارتها إيطاليا وألمانيا، بروسيا روابط تجارية وغايات استراتيجية. ويعلن شرويدر أن الشراكة في احتياطات روسيا من المواد الخام، وشطر كبير منها مخزون في الأراضي السيبيرية، إما أن تتولاه أوروبا مع موسكو أو تتولاه مع الصين، وهي الدولة التي تقوم على الجهة الشرقية من سيبيريا.
والغاز، على خلاف النفط، يفضل نقله في خطوط الأنابيب الثابتة. والخطوط تمر ببلدان وطرق. ويفترض مدها اتفاقات ملزمة وطويلة الأمد بين الدول القائمة على طول الخطوط، من منابع الغاز الى أسواق الاستهلاك. وتقسم حرب الغاز دول أوراسيا اليوم على نحو ما قسمتها الحرب على الموارد الطبيعية في القرن التاسع عشر. ويشارك في حرب الغاز سياسيون لا يترفعون عن ارتكاب الدنايا، ووسطاء يسبحون في الوحل، وموظفون شرسون، وتكنوقراطيون لا يبالون بما يفعلون. ولا شك في أن العامل الحاسم في «معركة نابوكو» هو العزيمة والقوة على الحسم.
وأضعف التكتل المؤيد ل «نابوكو» أن الدول الغربية الكبيرة أقل استهلاكاً للغاز الروسي من دول شرق أوروبا ووسطها وجنوبها. ولم ترغب الدول الأوروبية الغربية في استعداء موسكو. فأظهرت إيطاليا وألمانيا بعض التحفظ عن «نابوكو»، وتتمتع فرنسا بتموين متعدد المصادر. فحالت الدول الثلاث دون إسهام الاتحاد الأوروبي في تمويل الخط، وهو يبلغ طوله 2050 ميلاً وتبلغ أكلافه 11 بليون دولار، ودون إعلان الاتحاد دعم إنشاء الخط سياسة مشتركة. واثار التلكؤ الأوروبي الرسمي حفيظة أعضاء الاتحاد الجدد، وهم من شرق أوروبا وجنوبها. ودامت الحال على هذا النحو الى 2006. ففي العام، ومذذاك، والخلاف الروسي الأوكراني لا ينفك يتفاقم. وكان الخط الأوكراني، وهو ممر 80 في المئة من الغاز الروسي الى أوروبا، مفتاحاً من مفاتيح سيطرة الكرملين على أعضاء حلف وارسو العسكري. حين استقلت أوكرانيا عن موسكو، في صيف 1991، بقي الغاز في قبضة روسيا أداة تُعملها هذه في حلفائها السابقين.
وغداة فك القبضة الروسية على جوار روسيا الأوروبي، خصخص رجال الأعمال والموظفون، على جانبي الحدود بين البلدين، مرافق الطاقة خصخصة معقدة أدت فيها الرشى دوراً راجحاً. وحين انتصرت الثورة البرتقالية الأوكرانية في 2004، وخسر مرشح الكرملين الى الرئاسة، بعث الكرملين البنود التي تخوله إحراج كييف وابتزازها. ولخص فلاديمير بوتين سياسته بالقول: إذا كانت أوكرانيا ترغب في الانخراط في الدائرة الأوروبية الأطلسية، فعليها أن تسدد سعراً غربياً أطلسياً لقاء النفط الروسي. ولما تلكأت كييف في الاستجابة، أغلقت موسكو الأنابيب 4 أيام.
وأسفر الإجراء الروسي عن وجه عدواني آثر الأوروبيون وقتاً طويلاً الإغضاء عنه. فمال بعضهم الى تأييد مد خط «نابوكو»، ومال بعض آخر الى مساندة الخط الجنوبي الذي «يحرر» خط الأنابيب من أوكرانيا وخلافها مع موسكو وتعنتها وفسادها.
وكانت الحكومة الايطالية السباقة، وشركة نفطها العامة «إيني»، السباقة الى التعاقد على الخط الجنوبي في 2007. وبعض السياسيين النافذين الألمان لا يرون ضيراً في تأمين نفطهم وغازهم من طريق بحر البلطيق، ممر الخط الشمالي المباشر من روسيا الى ألمانيا.
وفي الأثناء تألق نجم تركيا، فهي تقوم بلصق الآبار بالعراق وإيران وأذربيجان. وتعاظم استهلاكها من الغاز، بينما أوشكت عقودها مع روسيا على الانتهاء. فهي بين طالبي ودها، ومتنافسين عليه، ولا تتحرج من التلويح لأوروبا بثمن مرتفع لخط «نابوكو». ويذهب سفيرها بواشطن الى العقبة العصية بوجه الخط هو تلكؤ أوروبا وانقسامها واشتراطها الشروط الجديدة.. وبلغاريا لا تملك مقومات مقاومة روسيا، فهي عالة على الإمداد الروسي في انتظار مد خط «نابوكو». والخط الجنوبي يمر ببلغاريا كذلك. ونجحت روسيا في استملاك حصة كبيرة في شركة الطاقة المجرية الأولى، خلسة. وتسللت الشركات الروسية الى النمسا، المحطة الأخيرة لكلا خط «نابوكو» والخط الجنوبي. وتملك «غازبروم» الروسية 30 في المئة من مرفق تخزين الغاز وتوزيعه بأوروبا الوسطى. وتشتري موسكو من أذربيجان 500 مليون قدم مكعب بسعر أعلى من سعر السوق، بموجب اتفاق دعا اليه ميدفيديف نظيره الاذربيجاني في غضون 2009. وأذربيجان هي قوام «نابوكو» وركنه. ولم تترك روسيا مجالاً للشك في ما قد تصنعه دفاعاً عن مصالحها النفطية. والدليل هو ما صنعته في جورجيا، جار أذربيجان على البحر الأسود. وكان هذا نذيراً لأذربيجان، وللجيران الآخرين.
ومنذ وقت قريب، انتبه أنصار «نابوكو» الى ضرورة تنسيق خططهم وسياستهم. ففي أيار (مايو) وقع الاتحاد الأوروبي صفقة مع أذربيجان تعهد بموجبها مقايضة التجهيزات الغازية الأذرية بمبادلات تجارية مجزية. وفي 13 تموز (يوليو)، خطا رؤساء تركيا وبلغاريا ورومانيا والمجر والنمسا خطوة على طريق تحديد شروط الشراكة وتنفيذها. وكان نوري المالكي، العراقي، بين الرؤساء الحاضرين. وقد يضطلع العراق بدور يتقدم دور أذربيجان، في 2014، فيسهم في ضخ 500 مليون قدم مكعب من الغاز في «نابوكو». ووقعت شركتان، واحدة مجرية والأخرى نمساوية، صفقتين مع كردستان العراق، إيذاناً بتعاون واسع ووثيق بين دول الكونسورسيوم. ومن ناحية أخرى، أضعفت الأزمة الاقتصادية العالمية «غازبروم»، وقيَّد انخفاض أرباحها 85 في المئة خططها. ولا يدعو هذا الأوروبيين الى التقليل من شأن روسيا، بل الى إشراكها شراكة تليق بها، ولا تلحق الضرر بمصالحها.
* مستشار نفطي، عن «فورين بوليسي» الأميركية، 9-10/2009، إعداد و. ش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.