صعّدت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» أمس من لهجتها تجاه شريكها في الحكم حزب المؤتمر الوطني وهددت بسحب ضباطها من جهاز الأمن والمخابرات إذا تمسك الأخير بإقرار قانون الأمن الجديد عبر البرلمان بغالبيته البرلمانية. وطلبت الحركة إرجاء مناقشة الموازنة الجديدة في البرلمان بعدما قاطعت جلسة مجلس الوزراء التي صادق عليها فيها. واستمرت كتلة «الحركة الشعبية» ونواب الجنوب في البرلمان في مقاطعة الجلسات للأسبوع الثاني، وقال رئيس الكتلة ياسر عرمان للصحافيين أمس إنهم لن يعودوا إلى البرلمان إلا في حال موافقة حزب المؤتمر الوطني على تحديد جدول زمني لتمرير القوانين المرتبطة باتفاق السلام والتحول الديموقراطي. وسحب حزب المؤتمر الوطني قانون الأمن من جلسة البرلمان أمس، لكن عرمان هدد بأن حركته ستسحب ضباط جهاز الأمن الذين ينتمون إليها في حال تمسك «المؤتمر الوطني» بإقرار القانون في شكله الحالي باعتباره منافياً لاتفاق السلام والدستور الانتقالي، مشيراً إلى أن نائب رئيس «الحركة الشعبية» رياك مشار طلب عبر رسالة إلى نائب الرئيس علي عثمان طه ارجاء مناقشة الموزانة الجديدة حتى الخميس المقبل، معرباً عن أمله بتسوية القضايا العالقة بين الطرفين قبل ذلك الموعد. إلى ذلك، أجرى المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان سكوت غرايشن محادثات في الخرطوم أمس مع مستشار الرئيس مسؤول ملف الحوار مع الإدارة الأميركية غازي صلاح الدين ركزت على القضايا الخلافية بين «الحركة الشعبية» و «المؤتمر الوطني»، خصوصاً ما يتصل بقانون الاستفتاء والإحصاء السكاني والانتخابات. ونقل غرايشن إلى صلاح الدين مقترحات من «الحركة الشعبية» التي تشاور مع قيادتها في جوبا عاصمة الجنوب قبل انتقاله إلى الخرطوم. وسيواصل غرايشن مشاوراته في العاصمة السودانية لردم الهوة بين طرفي السلام، وطرح أفكار ومقترحات لتجاوز الأزمة بينهما تفتح الطريق أمام اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب. وقال صلاح الدين إن الولاياتالمتحدة تتعامل ك «إمبراطورية أنانية» تُفكّر في نفسها فقط، وشكك في أن تستطيع إدارة باراك اوباما رفع العقوبات عن السودان أو إزالة اسمه من لائحة الدول الراعية للإرهاب مهما فعل لأنها «لا تملك الشجاعة الكافية» للقيام بذلك وهي غير مستعدة للتعامل مع ضغوط النشطاء السياسيين. وقال إن تعاطي السودان مع أميركا ضروري ومفيد لأنه في الحد الأدنى يدرأ أذاها حتى وإن لم يحقق مصالح. وأكد أنه لم يتفاجأ بالإستراتيجية الجديدة لأميركا تجاه السودان التي تستند إلى ضغوط وحوافز ووصفها ب «الإستراتيجية التكتيكية أو تجارة البيع بالقطعة»، وقال إنها دائماً تأخذ ولا تعطي. وأبدى اعتراضه على كلمة حوافز التي ترد في التعبير الأميركي، وقال إنها لغة متعالية، وأضاف: «لسنا بحاجة إلى حوافز وإنما نتحدّث عن حقوق». وأكد أن للإدارات الأميركية المتعاقبة موقفاً ثقافياً من السودان وأنها ظلت مُتحيِّزة ضد شمال البلاد، وأن هناك «مجموعة متمكنة» داخل السياسة الأميركية تؤثر في القرار وتنظر إلى السودان باعتباره منطقة صراع ثقافي بين حيّز مرتبط بالحضارة الغربية يقابله حيِّز منتمٍ للأمة العربية والإسلامية. وأضاف صلاح الدين أن من الطبيعي أن تأتي زيارات غرايشن المتكررة إلى السودان لخدمة خط إدارته، لكنه لفت إلى أن موقف غرايشن مختلف على المستوى الشخصي، ويحاول أن يجتهد ليكون نزيهاً في حدود ما يسمح به الدور الأميركي. من جهة أخرى، صد «الجيش الشعبي لتحرير السودان» الذي يسيطر على جنوب السودان هجوماً قادته عناصر من قبيلة دينكا نوك الشرقية على منطقة اتاك ديار الواقعة شرق ملكال، وراح ضحية الأحداث عشرة أشخاص من ضمنهم أربعة مدنيين. وقال الناطق باسم «الجيش الشعبي» كوال ديم إن عناصر يُتوقع أنها من دينكا نوك الشرقية الذين يقطنون على نهر السوباط بين ملكال والناصر هاجمت أول من أمس منطقة اتاك ديار التابعة لقبيلة الشلك والتي تقع على بعد ثمانية كيلومترات شرق ملكال بغرض «إحداث خراب» في المنطقة. وأشار إلى أن قوة من «الجيش الشعبي» قوامها فصيلان إلى جانب شباب المنطقة تصدت للمهاجمين بعد أن اشتبكت معهم، مشيراً إلى أن الأحداث خلّفت ستة قتلى من المهاجمين وأربعة من المدنيين بينهم امرأة.