ما أن يتخلف خطيب الجامع الرسمي عن الحضور حتى يبدأ القلق يساور المصلين، الذين يشرعون في حساب الدقائق الضائعة من الوقت المنتظر، ويتصبب العرق من جبين كل طالب علم حاضر في الجامع لاحتمال أن يتم إحراجه من قبل كبار السن ورجال المجتمع العاديين بتكليفه بإلقاء خطبة مناسبة للموقف. وحتى عندما يحضر الخطيب البديل فإنه أحيانا يضطر إلى الارتجال، وربما يتورط في إلقاء خطبة مكررة سبق للخطيب الرسمي إلقاؤها، وقد يلقي خطبة «خارجة عن النص»، ما يثير حيرة المصلين أو استياءهم، وهو الأمر الذي يدفعهم إلى إحاطة وزارة الأوقاف بهذه المخالفة. وعلى رغم محاولات وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف لحل هذه الإشكالات، إلا أن إجراءات الضبطية تبقى ضعيفة، لتظل مشكلة «الخطباء الطارئين» بلا حل، من خلال الآلية العشوائية أحياناً و«التقصير» في أحيان أخرى، سواء كان من الوزارة أو من الخطباء الرسميين أنفسهم. في حين يعرض عدد من ضيوف التحقيق تجاربهم حول «خطباء غفلة» يحضرون ويؤدون أداء ضعيفا، ويقدم خطباء بدلاء تم إحراجهم بذريعة الواجب الاجتماعي بالحضور نيابة عن الخطيب الرسمي، الأمر الذي يوقعهم في مواقف حرجة. وذلك ما يرفضه الدكتور زيد الغنام واصفا إياه بأنه «خطأ نظامي غير مقبول، وتترتب عليه سلبيات لا يمكن تلافيها، لأنها تصبح جزءا من الماضي». وتبدو المشكلة أشد تعقيدا حين يتعرض الخطيب لظرف طارئ أو لوعكة صحية في قرية نائية عن المدن الرئيسية كما يوضحه أحد خطباء القرى النائية محمد صالح علوين، الذي دعا إلى تأسيس موقع إلكتروني يكون بمثابة الخط الساخن لحل المشكلة، محتجا لرأيه بأن أكثر الخطباء البدلاء من طلبة العلم أو الدعاة الذين اعتمدتهم وزارة الأوقاف والأئمة لسد هذه الفراغات يلجؤون إلى الاعتذار الحضور، لعدم توفر وسيلة النقل أو لعدم تأكدهم من طريقة الوصول إلى الجامع. ويظل المصلون الذين ينتظرون إلى وقت متأخر في قلق، يترقبون الموقف: هل يأتي إمام بديل ويصعد درجات المنبر؟ أم يجب عليهم أن يكلفوا أكثرهم علماً وجرأة وفصاحة بالصعود؟ رغم ما قد يتعرض له من أزمة من شدة هول الموقف الذي يندى له الجبين.. فإلى تفاصيل التحقيق.