عبّر عدد من الكتاب الشباب في مدينة مكةالمكرمة، عن شعورهم بالإحباط واليأس، من أي تحول يمكن أن يحدث في نادي مكة الثقافي الأدبي، تجاه علاقته بهؤلاء المبدعين، إذ إن هذه العلاقة في نظرهم لا تزال تتسم بالتجاهل الكامل سواء من جهة النشر، أم من خلال المشاركة وطرح الأفكار الهادفة إلى تطوير النادي وانتشاله، كما يقولون من أنشطته الجافة، ذات الصبغة الأكاديمية البحتة، وكأنما النادي فرع من فروع جامعة أم القرى. وقال هؤلاء الكتاب ل«الحياة» إن النشاطات الإبداعية والمواكبة للطفرة الأدبية، سواء في الشعر أم في السرد، قليلة ونادرة وخجولة. ويقول القاص فوزي المطرفي، الذي صدرت له مجموعة قصصية بعنوان «رغبات» ويستعد لإصدار عمله الروائي الأول: منذ سنواتٍ طوال ونادي مكة الأدبي لا يهتم سوى بتفعيل محاضرات الجامعة، وإقامة الندوات الأكاديمية على رغم المحاولات التي تقدم بها الكثير من الأصدقاء الشباب، لتفعيل الأمسيات الإبداعية بأنواعها. ومن هذه المحاولات الورقة التي تقدمت بها شخصياً مع بعض الأصدقاء، بهدف إقامة جماعة تعنى بالشعر والسرد، كما هي الحال في بعض الأندية الأدبية في المملكة، لكنني للأسف تابعت مراسم تشييع تلك الورقة، من خلال بيروقراطية الاجتماعات والتوصيات المحبطة»، متسائلاً: ماذا نريد من نادي مكة؟ على افتراض أن هذا السؤال مهم، أقول: «هناك جيل طلائعي يطمح إلى رؤية مناسبات أدبية، تهتم بمناشط فنون القصة والرواية وقراءات النتاج المحلي، وعقد أمسيات الشعر داخل النادي لا «خارجه» وتنسيق برنامج يدخل - ولا بأس من ذلك - ضمن الفعاليات السنوية للمحاضرات الأكاديمية، التي يقيمها النادي برغبة مجلس إدارة النادي أو من بقي من هذا المجلس، وهذا الكلام موجه بالدرجة الأولى إلى وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية الدكتور عبدالعزيز السبيّل، لعله يُجدّد لنا من عهد ظَمْياء ما عَفا!». ويرى الشاعر الشاب ياسر العتيبي، الذي يستعد لطباعة مجموعته الشعرية الأولى أنه، على رغم الدعم المادي والمعنوي الذي تقدمه وزارة الثقافة للأندية الأدبية، وما تركته بعض الإدارات السابقة من موازنة ضخمة للأندية الحالية، كما هي حال نادي مكة الأدبي «إلا أن هناك بعض الأندية لا تزال في ركود وبُعد عن الحراك الأدبي الذي تشهده المملكة، وفي مقدم هذه الأندية الراكدة يقف نادي مكة الأدبي، الذي أصبح بعيداً عن المشهد والحراك الأدبي، ودعم المبدع والتواصل مع المثقف كرؤية وحالة، يفترض لها الحياة لا أن تهمش وتقصى بشعارات نادي مكة الدائمة، وهي خصوصية مكة. ولا نعلم لماذا لم نسمع بهذه الخصوصية من قبل، عندما كانت رئاسة نادي مكة الأدبي بيد الأديب إبراهيم فودة، وكيف كان النادي في ذلك الزمن يعد في مقدم الأندية والمشهد الأدبي والثقافي في المملكة، لما يحتويه من ثقافة متجاوزة وشعوره بحقيقة الثقافة والمثقف والحياة»، مشيراً إلى أن نادي حائل الأدبي يصدر أكثر من خمسة وعشرين كتاباً في السنة، لعدد من المثقفين في أنحاء المملكة، متسائلاً: ماذا نقول لنادي مكة الأدبي، الذي لم يستطع أن يدعم المثقف في مكة ناهيك عن دعم المثقفين في مكان آخر؟ وأتمنى أن تضع وزارة الثقافة تقويماً سنوياً لفعالية وحراك الأندية الأدبية في المملكة، لا من حيث الكم فيما يسمى أنشطة ولكن من حيث الكيف والمحتوى، لعل بعض الأندية تتحرك وتبتعد عن هذا الركود والسكون الطويل». ويستغرب الشاعر طلال الطويرقي، الذي أصدر قبل أشهر الطبعة الثانية من مجموعته الشعرية «ليس مهماً» وكانت الطبعة الأولى صدرت عن نادي الطائف الأدبي، من البيات الدائم لنادي مكة الأدبي «من دون أن يقتدي بأندية أخرى كحائل والشرقية مثلا ً- على رغم أن الحجاز فضاء رحب للفن والإبداع، ومكة غنية بشبابها المبدع والمتحفز والمنتج أيضاً وثمة أسماء جيدة ولا يلتفت إليها. ويرعبني هذا التجاهل حين أعرف أن هذه الأسماء تعتلي المنابر حتى خارج حدودنا، ولا أعرف سبباً لتغييبها المتعمد عن نشاطات النادي وعن إدارة دفته أيضاً، والنادي لم يقم أصلاً إلا لاحتضانهم». ويرى أن على من يقودون النادي «التخلص من صراعاتهم البينية أولاً - بعيداً عن جرّ الشباب لها لترجيح فئة ما - عندها سيتخلصون من أنانية موقوتة لا تودي إلا بمشهدنا الثقافي». ويقول الشاعر محمد سيدي إن النادي «يعاني من جمود الإدارة وعدم مواكبتها المشهد الثقافي في المملكة، وبعدها عن كل ما يجد من نماذج أدبية، وبالتالي فهي بعيدة تماماً عن المواهب الشابة، خصوصاً أنها مرتبطة بشكل تام بجامعة أم القرى، ما يحوّل الكثير من أنشطتها إلى أنشطة أكاديمية أو شبه أكاديمية، ولهذا يغيب نادي مكة الأدبي عن منافسة الأندية، إن على مستوى الأنشطة والأمسيات الإبداعية، أو على مستوى الإصدارات. فإصدارات النادي متواضعة، على الأقل من جهة الشكل والطباعة، كما أنها في غالبها بعيدة تماماً عن أجواء الإبداع والحراك الثقافي المتوهج في السنوات الأخيرة».