أكدت الفنانة التشكيلية هدى العمر أن هناك الكثير مما ينقص الفن التشكيلي في السعودية، كتواجد قاعات عرض تابعة لوزارة الثقافة، واستمرارية الإنتاج وإقامة أنشطة تنعش وتنشط الساحة المحلية مشيرة إلى أن التحدي الوحيد الذي تواجهه المرأة في مجال التشكيل أنها امرأة ومسؤولياتها كزوجة وأم تجعل إنتاجها ووقتها أقل من الرجل، لافتة إلى أن الساحة التشكيلية العربية عموماً تعاني من قلة النقد والنقاد. وأكدت العمر ان التشكيك في أعمال الزميلات أساء للتشكيلية السعودية. إلى نص الحوار ماذا يشغلك الآن عن الفن التشكيلي؟ - في الماضي كانت تشغلني هموم كثيرة، كتواجد قاعات عرض تابعة لوزارة الثقافة لتسهل علينا عرض واستمرارية الإنتاج، وإقامة أنشطة تنعش وتنشط الساحة المحلية ويستفيد منها المبتدئ. وأيضاً تواجد متحف للفنون بعاصمة الوطن وتواجد وظائف رسمية في الوزارة للفنانة التشكيلية، التي تمتلك خبرة إدارية للمعارض وخلافه أسوة بالرجل. ولكن الآن اختلفت همومي فأصبح همي الريشة واللون، لأنني إذا أهملتهما أهملت نفسي وكياني وعطائي. تشغلني أيضاً محاضرات وندوات تأتي من خلالهما فرصة لتسليط الضوء على أهمية الفنون وتاريخها للعامة من الناس، وأخص بذكري الأكاديميات من الزميلات اللاتي يلححن بشدة لتذوق ومعرفة الأساليب الفنية المختلفة. وأجد ان همي تثقيف العامة بهذا الجانب. أيضاً كثيراً ما يصلني «ايميل» من الشباب والشابات للنصيحة وإبداء وجهة نظري الفنية في أعمالهم، فأصبح من ضمن همومي مساعدة هذا الجيل الواعد للفنون المحلية. هل يمكن الحديث عن آخر تجاربك الفنية التشكيلية؟ _ آخر تجاربي كانت مشاركتي ببينالي القاهرة الثقافي الدولي الأول، بمصر في صيف العام الحالي. واستضاف البينالي صالون الخريف الباريسي، ونظم هذا اللقاء رئيس مجلس ادارة جمعية «تواصل» للفنون الفنان عبدالرازق عكاشة، المصري الأصل ومقيم بفرنسا، والذي كان هدفه الأول هو تواصل الشعوب المختلفة بلغة بصرية يقرأها الجميع من دون ترجمة. وكانت تجربة رائعة بالنسبة لي استفدت من خلالها صداقة 17 فناناً وفنانة من مختلف البلدان المشاركة، وكم هو جميل ان تتحد قارات العالم تحت مظلة الإبداع والثقافة، وان تقارن أعمالك بأعمالهم وتسمع آراء نقاد عالميين في أعمالك. ما التحديات التي تواجه الفنانة التشكيلية السعودية؟ _ لا توجد تحديات تخص الفنانة دون الفنان، الفن الحقيقي لا ينظر إلى العنصرية، ولا تستطيع ان تحكم على عمل فني وتقول هذا عمل نسائي وآخر رجالي. هناك تسهيلات كثيرة وتوجه كريم من وزارة الثقافة والإعلام بدعم المرأة في هذا المجال أسوة بالرجل، وربما التحدي الوحيد الذي تواجهه المرأة في هذا المجال هو ببساطة أنها امرأة ومسؤولياتها كزوجة وأم تجعل إنتاجها ووقتها أقل من الرجل. ما رأيك في الدرس النقدي حول الفن التشكيلي في السعودية، وهل لدينا نقاد في هذا الفن؟ _ من خلال احتكاكي بالفنون التشكيلية في بلدان عربية خارج حدود الوطن، أجد أن الساحة التشكيلية العربية عموماً تعاني من قلة النقد والنقاد. قليلاً ما تكون هناك رؤية نقدية مصاحبة لمعرض تشكيلي في الساحة المحلية. وقد حضرت واحدة فقط خلال عام 2009 مصاحبة لمعرض الفنان «عبدالجبار اليحيى» ألقاها الدكتور محمد عبدالمجيد فضل والفنان عبدالرحمن السليمان ومن وجهة نظري أنها أفضل رؤية نقدية محترفة حضرتها إلى الآن، لأنها تضمنت مقومات النقد التشكيلي الصحيح. كيف ترين علاقة الفنانات بالفنانين التشكيليين السعوديين في الاستفادة من تجارب بعضهما البعض؟ _ لا توجد علاقة استفادة بقدر ما هو تبادل معرفي ثقافي لكلا الطرفين، من خلال إقامة المعارض ورؤية الحديث من إنتاجهم أو رؤيتهم لإنتاجنا كتشكيليات. الفنانة التشكيلية السعودية تتهم بأن النجاح الذي حققته ليس من خلال تجربتها، إنما من الاستعانة بالعمالة الأجنبية، ما تعليقك؟ - لا أدري عن أي عمالة يتحدثون؟ إذا استحقت أحداهن لقب فنانة معترف بها ويتحدث عنها الإعلام، وتقيم معارض وتتقبلها صالات العرض، وتشارك مع أنشطة الدولة فاللوم لا يقع عليها بل يقع على من منحها هذا الحق. لقد بالغ الزملاء بتعميم التشكيك في أعمال الزميلات كاعتراض أعمى أساء للتشكيلية السعودية. وهنا أجد الفرصة بتوجيه النصيحة لهؤلاء بتحري الدقة في ما يكتبون، ولا عيب هنا بل إفادة بأن اعتراضهم أو اتهامهم يأتي بصورة نقدية أكاديمية صحيحة مع ذكر الأسماء، حتى لا يختلط الحابل بالنابل ولا يصير هناك إجحاف في حق زميلات كافحوا سنوات عدة، ولهن تاريخ حافل بالانجازات والعطاء. ما رأيك في الأعمال الفنية التي تعتمد على برامج الرسم بالكومبيوتر بدلاً من الريشة؟ _ الفن الرقمي «Digital Art «هو ببساطة استخدام تقنية الكومبيوتر كأداة لإنتاج عمل فني، ويعتبر الفن الرقمي من الفنون الحديثة المعاصرة في العالم حالياً. وإذا نظرنا للأفلام العالمية في هوليوود فإن غالبية نجاح تلك الأفلام يعتمد على هذا النوع من الفنون، ولكن لا نستطيع أن نقارن هذا النوع من الفنون مع اللوحة هذا من وجهة نظري. فهناك فرق بين فنان يخلط لون ويستخدم يده ومشاعره وأحاسيسه، التي تتحد مع أدواته وهو يرسم وتحل الآلة مكان هذا كله. ولا أقلل من شأن هذا النوع من الفنون بل أن هناك فارقاً كبيراً بين اللوحة الفنية واللوحة الرقمية، ولا نستطيع مقارنة الأولى بالثانية فكل فن منهما مستقل بذاته من وجهة نظري، فالأولى تتحد بها رؤيا الفنان وروحه ومهاراته الأدائية العملية، وتمكنه من خلط ألوانه بدرجاتها المختلفة ووضع بصمة خاصة به، يستحيل تقليدها أو تحويرها بينما الثانية تتحد بها رؤيا الفنان مع الآلة.