حافظ اللبنانيون أمس على منسوب التفاؤل بإمكان تشكيل الحكومة الجديدة نهاية هذا الأسبوع، خصوصاً وان القصر الجمهوري شهد مساء امس، لقاء مفاجئاً بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري. ومع أن أي اشارات على إمكان ترجمة هذا التفاؤل الى واقع لم تظهر. فان الرئيس سليمان تجاوز قبل لقائه الحريري، مسألة الحكومة للحديث عن مرحلة ما بعد التشكيل، متوقعاً أمام زواره أن تكون هذه المرحلة «مرحلة الإصلاح الإداري والاقتصادي والسياسي»، ولافتاً الى ان «اللامركزية الإدارية هي البند الأول نظراً لدورها في التنمية في المناطق وتعزيز السلطات المحلية فيها بما يشكل عاملاً مساعداً للدولة في شتى المجالات». وأشار الى «إعداد التشريعات والقوانين اللازمة لهذا الموضوع في وزارة الداخلية». وكان سليمان عرض هذا الشأن مع وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال زياد بارود الذي اطلعه أيضاً على الوضع الأمني في البلاد وعمل وزارة الداخلية في هذه المرحلة. وكان رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط قال لمحطة «المنار» التابعة ل«حزب الله» إن لقائه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة ليل أول من أمس، كان «جيداً وإيجابياً، لكننا لم نتحدث في الحقائب وكل ما يتعلق بالتأليف متروك للرئيس المكلف الذي يفضل إكمال تفاوضه مع كل الأطراف بسرية مطلقة». ولفت عضو كتلة «التحرير والتنمية» النيابية أنور الخليل الى أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري «غير مرتاح بعدما أخذت مسألة تشكيل الحكومة كل هذا الوقت على رغم كل ما قام به لتسهيل مهمة التأليف». إلا أنه أضاف: «التفاؤل هو التوجه الأول للرئيس بري منذ تكليف الأول للرئيس الحريري وهو ليس بجديد». وفي حديث إلى قناة «أخبار المستقبل»، أشار إلى أن «التباين في مواقف المعارضة، بين متشائم ومتفائل، يعود الى أن العقد ما زالت موجودة، وأصبحت معروفة أيضاً كما أن البدائل أصبحت معروفة»، مشدداً على أن «الرئيس المكلف سعد الحريري لن يعتذر، لأن في اعتذاره مشكلة أكبر من تأخير التأليف يوماً أو أكثر». وعن المداورة في الحقائب الوزارية، أكد الخليل أن هذا الأمر «لا يخلق مشكلة لدى الرئيس بري وقد يكون حلاً مقبولاً جداً، خصوصاً إذا كانت المداورة على جميع الإدارات، بحيث تصبح عادلة». وقال: «الرئيس المكلف مشكلته ليست مع المعارضة فقط، ولكن ضمن فريقه أيضاً وهو يتواصل مع الجميع وبجهد فعلي للتوصل إلى حل». من جهته، اعتبر وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال إيلي ماروني أن «لدى الرئيس المكلف سعد الحريري رغبة بولادة الحكومة يوم ذكرى ولادة والده، لذلك حدد نهاية الأسبوع موعداً لإعلان الحكومة». وقال: «عدنا بعد خمسة أشهر من الاستشارات الى نقطة الصفر، إذ كان المبدأ في البداية، رفض توزير للخاسرين، وألا تعطى وزارة الاتصالات ل«التيار الوطني الحر». وسأل: «ما الذي تغيّر للعودة الى الوراء بخطوات ولقبول ما رفضناه منذ خمسة أشهر؟». وإذ لفت الى أن «آخر تشكيلة عرضها العماد ميشال عون على الحريري هي إبقاء الاتصالات معه وتوزير باسيل في غيرها»، رأى انه «لا يجب الإذعان لهذه الشروط لأن فور صدور التشكيلة الحكومية سيعلن فريق «8 آذار» انتصاره ويقول إن نتائج الانتخابات انتهت». وأكد أن حزب الكتائب «سيتمثل حتماً بوزير ماروني، وننتظر حجم حصة مسيحيي «14 آذار» ونوعية الحقائب ويبنى على الشيء مقتضاه، فليس من صفاتنا الخضوع والخنوع». واعتبر ان زيارات الحريري المتكررة الى الرابية «تشير الى أن عون هو العقدة بينما الأمور مسهلة من قبل رئيس الهيئة التنفيذية ل«القوات اللبنانية» سمير جعجع والرئيس أمين الجميل». واعتبر عضو تكتل «لبنان أولاً» النيابي نبيل دوفريج ان «صيغة الدوحة الحكومية لا يمكن أن تبقى في الحكومة الجديدة، لأنها غير دستورية، ففي الدوحة قالوا بحكومة تبقى حتى الانتخابات النيابية على أن تنبثق حكومة جديدة بعد انتخاب المجلس النيابي الجديد، فلا يمكن أن يتحول اتفاق الدوحة الى دستور لأنه مجرد تسوية بعد الخطأ الذي ارتكبته بعض الاطراف التي استعملت السلاح في الداخل في أيار (مايو) 2008». ولفت دو فريج في حديث لموقع «14 آذار» الالكتروني الى ان «اتفاق الطائف هو المستهدف الأول اليوم من كل هذه الممارسات التي يقوم بها البعض منذ اغتيال أب وعرّاب هذا الاتفاق الرئيس الشهيد رفيق الحريري»، مضيفاً ان «حلم المثالثة يمكن أن يتحقق إذا نجحت محاولات بعض الجهات الانقلاب على هوية لبنان، وبالتالي نحن ضد تغيير الكيان اللبناني والهوية اللبنانية على اعتبار أننا مع المناصفة وتطبيق الطائف الذي قرره اللبنانيون، مع إمكانية تعديل بعض بنوده في حال اقتضت الظروف، إلا أن هذا الاتفاق يجب أن يطبّق». وأكد «أننا ربحنا الأكثرية ليس لنحكم فقط، انما لنستمر في مقاومة المخطط الذي يضرب اتفاق الطائف الى حين الوصول للمثالثة وتغيير النظام والصيغة، في وقت لم ينجح الفريق الآخر بأخذ ما يريد عبر استخدام السلاح، ولم ينجح أيضاً في المسار الديموقراطي، لأنه لو حصل على الأكثرية في الانتخابات النيابية كان بإمكانه ضرب كل هذه المبادئ والثوابت بطريقة ديموقراطية». وأعرب عن اعتقاده أن «سورية استوعبت الأمور أكثر من طريق اتصالاتها مع الاميركيين والاتراك والفرنسيين الذين ابلغوها وشددوا على أن لبنان بلد سيد مستقل ولا يمكن أن يكون هناك أي حل أو تسوية على حساب هذا البلد، وهذا واضح من كل التصريحات»، لافتاً الى أن «البلد الوحيد الذي ما زال بطريقة غير مباشرة ويسمح للسوري بلعب دور سلبي في لبنان هو إسرائيل، لأنها تريد أن تبقي الفوضى موجودة فيه»، وقال: «الحلف بين سورية وإيران قائم وكل ما قيل ويقال عن زعزعة أو طلاق هو كلام خيالي». واعتبر عضو كتلة «زحلة بالقلب» النيابية عقاب صقر أن «هناك بعض الأقفال التي تعترض تشكيل الحكومة وأن هناك مفاتيح كثيرة للحل وفي معراب مفتاح أساسي لتشكيل الحكومة التي ستؤلف قريباً»، مؤكداً بعد لقائه جعجع أن الأخير «مستمر في التسهيل وليس التعطيل، وانه ماض في عملية اللين وثابت في عملية إدارة المعركة على قاعدة تقديم كل التسهيلات من دون التراجع عن ثوابت 14 آذار وثوابت رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري». رجال دين وأبدى مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني «ارتياحه للأجواء السائدة في البلد التي ستوصل إلى صيغة ملائمة لإنجاز التشكيلة الحكومية في إطار التفاهم والتعاون المبني على الثقة المتبادلة وحسن النوايا وتعزيز الوحدة الوطنية»، داعياً إلى «التفاؤل على رغم المواقف المتشددة والمناورات السياسية التي أصبحت مكشوفة أمام الجميع». وطالب نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان المسؤولين «بالعمل لإنقاذ البلاد مما تتخبط فيه، فلا نعيش القلق والانتظار بين التفاؤل والتشاؤم بتشكيل الحكومة، ولا سيما أن إسرائيل تتربص الشر بلبنان وهي تتجاوز كل القوانين وتنتهك السيادة اللبنانية كل يوم، لذلك علينا أن نكون في صحوة ويقظة دائمة لنراقب عمل إسرائيل ومؤامراتها فالصواريخ التي نصبت في بلدة حولا هي من عمل المخابرات الإسرائيلية وهي تخدم أهداف إسرائيل». وانتقد المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله «دفن الرأس في الرمال على طريقة النعامة»، معتبراً أن المسؤولين «لا يقيمون وزناً للأخطار التي تطل برأسها من البوابة الجنوبية، وينتظرون «الإنجاز الكبير» بولادة حكومة جديدة بعدما يزيد على الأربعة أشهر من الانتظار». ورأى أن «لبنان هذا سيبقى في دائرة الاهتزاز السياسي، وسيبقى ساحة مفتوحة للتجسس الإسرائيلي، من دون مساءلة من الأممالمتحدة التي يعمل ناظر القرار 1701 (تيري رود) لارسن على التأسيس في تقاريره المنحازة للعدو لمزيد من الخرق الصهيوني للقرار، والاستباحة المتواصلة للسيادة اللبنانية، لتستمر النظرة الدولية للبلد من زاوية الأمن الإسرائيلي. أما أمن اللبنانيين وسلامهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي فسيبقيان مرتهنين لقرارات الخارج، وإهمال الداخل».