تبادل المقاولون والجهات الحكومية الاتهامات والانتقادات حول تعثر تنفيذ المشاريع خلال «ملتقى المقاولين الوطني الثاني» الذي اختتم أعماله أمس في «غرفة الشرقية». وفي حين اعتبر متحدثون جهات حكومية بأنها «لا تملك تصوراً كاملاً لمشاريعها، وهو ما يجعلها عرضة للتغير الدائم»، رأى آخرون أن «المقاولين لا يملكون شروط التطوير الإداري والاستعانة ببيوت الخبرة، في قبول المشاريع المطروحة عليهم». وقال نائب رئيس لجنة المقاولين في «غرفة الرياض» صباح المطلق: «إن تعثر المشاريع ينتج عن عوامل عدة، من بينها نطاق العمل ومتطلبات الجودة والمدة الزمنية والتكاليف الإجمالية»، مضيفاً أن «البيئة الراهنة يغلب عليها النموذج التقليدي في العقود الحكومية، على رغم ظهور نماذج لعقود أخرى، تتعامل بها شركات كبرى مثل «أرامكو»، إلا أن السطيرة للنموذج التقليدي». وأسهب المطلق في توضيح أسباب تعثر المشاريع، وقال إن «بعضها يولد متعثراً، وبخاصة أن صاحب المشروع لا يملك فكرة متكاملة عنه، إضافة إلى أن الإجراءات الحكومية في الترسية، تعتمد أرخص العروض، وليس أنسبها»، وعدم البت بسرعة يؤدي إلى إشكالات بين المالك والمقاول». وتابع يقول: «كما أن عدم وجود قوائم موردين معتمدة من الحكومة لمشاريعها، يضع المقاول أمام خيارات ربما تكون غير مقبولة»، مشيراً إلى وجود خلل في «البيئة التعاقدية، كما أن أحد أسباب التعثر، يمكن في دور جهاز الإشراف، وبخاصة أن الجهات الحكومية، تعاني من نقص في الكوادر، سواء بسبب التسرب، أم ممارسة المشرف لأكثر من عمل». ورأى أن «سعودة الوظائف، لم تكن مصحوبة ببرامج تدريبية فعالة». وبين أن «مشكلة المقاولين تكمن في ضعف التنظيم والفعالية، كما أن المقاول المحلي، من الصعب عليه أن يتخذ خطة طويلة الأمد، في إعداد القيادات والأنظمة الحديثة، فضلاً عن أن معظم العقود مكرسة لإدارة المخاطر». أما وكيل وزارة النقل المساعد للشؤون الفنية محمد السويكت، فطالب في ورقة قدمها في الملتقى بالوقوف إلى جانب المقاول في تنفيذ المشاريع. وقال: «إن مشاريع وزارة النقل بلغت كلفتها أكثر من 43 بليون ريال، وتعاقدت الوزارة مع 176 مقاولاً، ينفذون 681 مشروعاً». وذكر أن «الوزارة تعمل على تقديم حوافز إلى المقاول، من خلال منحه دفعة أولى تبلغ 20 في المئة، بعد أن كانت عشرة في المئة، إضافة إلى صرف قيمة المواد الموردة للموقع، كما أن للمقاول الحق في الحصول على دفعة مقدمة بنسبة 75 في المئة من قيمة المواد». وأشار إلى معالجة الوزارة قضية التعويضات التي نتجت عن ارتفاع الأسعار، موضحاً أنها أعدت برنامجاً لتطبيق آلية التعويض، ورصدت 460 مليون ريال، صرف منها 270 مليوناً. من جهة أخرى، رفض وكيل وزارة العمل للشؤون العمالية عبدالرحمن البواردي أن تكون وزارة العمل سبباً في تأخر صدور التأشيرات إلى المقاولين، وقال: «إن الوزارة أصدرت نحو 306456 تأشيرة في عام 1428 ه للمقاولين، ارتفعت إلى 336546 تأشيرة في عام 1429ه». وعدد المشكلات التي يقع فيها المقاول، مبيناً أن من بينها عدم تحقق نسبة السعودة، التي لا تقل عن 9 في المئة، كما أن كثيراً من المقاولين لا يتقدم في الوقت المناسب لطلب التأشيرات، أو يكون لديهم عمالة لا عمل لها. إنشاء هيئة مستقلة وبنك التعمير السعودي أوصى المشاركون في ملتقى المقاولين الوطني الثاني بإنشاء الهيئة السعودية للمقاولين، على أن تكون مستقلة وفقاً للأنظمة المتبعة في المملكة، وتأتي التوصية امتداداً لتوصيات الملتقى الأول الذي عُقد في مدينة جدة. وطالبوا بتطوير الأنظمة والإجراءات المتعلقة بالاندماج والتحالف والاستحواذ بين شركات ومؤسسات المقاولات، مؤكدين أهمية تطوير الإجراءات النظامية، والموافقات الحكومية المتعلقة بانتقال العمالة، والتحول إلى شركات مساهمة، وما يصاحبها من إجراءات تصنيف المقاولين، بما يكفل تحقيق عمليات الاندماج والتحالف والاستحواذ بفعالية وكفاءة. وجاءت التوصية الثالثة مطالبة بتفعيل توصية اللقاء السابق، الخاصة بنظام المنافسات والمشتريات، والتي تناولت اعتماد الدراسة المقدمة في الملتقى الأول، كأساس لتطوير عقد المنافسات والمشتريات، بما يتلاءم مع تطلعات قطاع المقاولات، ورفع قيمة الدفعة المقدمة في المشاريع الحكومية المعطاة للمقاول الوطني إلى 20 في المئة، في مقابل ضمان بنكي يقدمه المقاول الوطني، ودفع قيمة المواد الموردة للموقع والمعتمدة من المشرف على المشروع بواقع 75 في المئة أو 80 في المئة. وطالبوا بتعويض المقاولين عند ارتفاع أسعار مواد البناء، وتعديل معيار الترسية من الأخذ بمبدأ أقل الأسعار إلى مبدأ العرض الأنسب، وتطبيق مبدأ «القوة القاهرة» المنصوص عليه بالعقود الخاصة بالتضخم وهبوط العملة وارتفاع الأسعار. وأوصوا بالإسراع في تنفيذ مقترح اللجنة الوطنية للمقاولين بإنشاء بنك التعمير السعودي، والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، لتشجيع البنوك المحلية على منح تسهيلات للمقاولين، ووضع آلية مناسبة لتحقيق هذا الهدف. وأكدوا أهمية إنشاء مركز بحوث بقطاع المقاولات وصناعة التشييد، ووآلية لمتابعة وتنفيذ توصيات الملتقى، من خلال تكليف لجنة المقاولين ب«غرفة الشرقية» بوضع آلية المتابعة، كما أوصوا بإنشاء موقع إلكتروني للملتقيات.