تناولت محادثات الرئيس بشار الأسد ونظيره الكرواتي ستيبان ميسيتش في زغرب أمس «وضع أسس استراتيجية متينة» لعلاقات البلدين الاقتصادية والسياسية. وقال الأسد رداً على أسئلة ل«الحياة» إن المحادثات ناقشت توقيع اتفاقات عدة أحدها للنقل البحري ل«ربط الموانئ» السورية على الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط بالموانئ الكرواتية على البحر الادرياتيكي لان البحرين «هما فعلياً بحر واحد»، في حين أكد ميسيتش عدم وجود «أي عقبات» أمام الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية الى مستوى العلاقات السياسية. وبدأ الأسد أمس أول زيارة لرئيس سوري لكرواتيا أو إحدى دول يوغسلافيا السابقة، إذ أجرى بعد مراسم استقبال رسمية في القصر الرئاسي جلستي محادثات، واحدة ثنائية، والثانية حضرها نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية عبدالله الدردري ووزير الخارجية وليد المعلم ومعاونه عبد الفتاح عمورة. كما أجرى الأسد محادثات مع رئيسة الوزراء بادرانكا كوسر ورئيس البرلمان لوكا بيبش الذي أقام مأدبة غداء لمناسبة الزيارة، في حين أقام الرئيس الكرواتي مأدبة عشاء مساء أمس. واعتبر ميسيتش قيام الأسد بهذه الزيارة بعد سنة على زيارته لدمشق «دليلاً على رغبة البلدين بتطوير العلاقات الى مستوى أعلى». غير انه أشار الى أن الجانب الكرواتي «لم يستغل استغلالاً تاماً الفرصة التي أتيحت له نتيجة زيارتي سورية العام الماضي»، معرباً عن الأمل في ان «ننجز الآن ما لم يتحقق العام الماضي لأنه ليست هناك عقبات أمام تطوير التعاون، وفي المجال الأول في المجال الاقتصادي». وأشار الى أن المحادثات تناولت الوضع في الشرق الأوسط «الذي يثير القلق المشروع في العالم بأسره، إذ أن أزمة الشرق الأوسط إحدى الشرور التي تواجه المجتمع الدولي، وحلها سيكون له أثر إيجابي على المنطقة والمسرح العالمي»، مضيفاً انه جدد التأكيد على مبدأ حل الدولتين «ما يعني أن دولة إسرائيل الموجودة منذ عقود من الزمن ينبغي أن يضمن وجودها بأمان وسلام في حين يجب أن يسمح للفلسطينيين بقيام دولة لهم. الحل ليس ممكناً من دون دور فاعل للمجتمع الدولي، وبالتالي كرواتيا تدعم جهود المجتمع الدولي لتحقيق الهدف». وأعرب عن «الارتياح» لوجود نحو مئة جندي كرواتي ضمن «القوات الدولية لفك الاشتباك» في الجولان (اندوف). من جهته، قال الأسد إن المحادثات كانت «شفافة ومعمقة لوضع أسس استراتيجية متينة لعلاقات بلدينا الاقتصادية والسياسية»، لافتاً الى أن المحادثات تناولت مراجعة الاتفاقات المطلوب توقيعها التي تساعد على المزيد من التعاون بين البلدين، والتي تشمل اتفاقين للتعاون الاقتصادي وحماية الاستثمارات، إضافة الى اتفاقات في مجال النقل البري والبحري خصوصاً للوصل بين الشواطئ الشرقية للبحر المتوسط وموانئ البحر الادرياتيكي والتعاون في مجال السياحة بين البلدين. وقال: «سيتم الإسراع في درس هذه الاتفاقية لتوقيعها وفتح الأبواب أمام القطاع الخاص في البلدين ومجالس رجال الأعمال لتوسيع التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة بين البلدين». وشرح الأسد لنظيره الكرواتي «وجهة نظرنا تجاه القضايا المطروحة، خصوصاً قضية السلام في الشرق الأوسط، وأعدت التأكيد على موقف سورية الساعي الى تحقيق السلام العادل والشامل المبني على أساس قرارات الشرعية الدولية ومؤتمر مدريد الذي يتطلب وجود شريك من الطرف الإسرائيلي لإتمام هذه العملية». وزاد: «فشل عملية السلام خلال العقدين الماضيين في تحقيق السلام في الشرق الأوسط يلقي عبئاً جديداً على الدول الأوروبية لإحياء هذه العملية المتوقفة التي تضمن الأمن والاستقرار للشرق الأوسط وأوروبا والعالم»، قبل أن يشير الى المعاناة الإنسانية للفلسطينيين وضرورة فتح المعابر في قطاع غزة و«رفع الحصار وإزالة المستوطنات من الأراضي الفلسطينية». وقال ميسيتش رداً على سؤال أن بلاده لا يمكنها أن تقوم بالكثير في إطار عملية السلام، لكن أضاف: «ممكن أن تسهم في جمع الدول المعنية بالشرق الأوسط للحوار بينها. خلال زياراتي المتكررة الى الشرق الأوسط، فهمنا أن جميع الاطراف المعنية في الشرق الأوسط تهتم بالسلام»، مشيراً الى انه «فهم بعد محادثات (أمس) انه يمكن لسورية أن تلعب دوراً كبيراً في سلام دائم في الشرق الأوسط». وسألت «الحياة» الأسد عن موقع كرواتيا ضمن الرؤية السورية لربط البحور الأربعة (المتوسط، قزوين، الأسود، والخليج العربي)، فأوضح: «لو استطعنا وصل كل بحار العالم مع بعضها بعضاً من خلال علاقات اقتصادية وثقافية جيدة، فهذا يخدم السلام في العالم ككل. لكن الجغرافيا مهمة، وكلما اقتربت هذه الجغرافيا كان تأثيرها المباشر عليك أكثر سلباً أو إيجاباً. في هذا الإطار، البحر الادرياتيكي والبحر المتوسط هما فعلياً بحر واحد، لكن هناك تسمية للبحر الادرياتيكي. لذلك، تحدثنا في جلسة المحادثات حول ضرورة ربط هذه الموانئ بين سورية وكرواتيا. هذا يبدأ (بتوقيع) اتفاقية النقل البحري».