استقبلت إيران بحفاوة بالغة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، واعتبرت أن زيارته تكتسب أهمية خاصة وتفتح فصلاً جديداً في العلاقات بين البلدين. وقال الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد ان تركيا وإيران تستطيعان صوغ «نظام إقليمي جديد»، معتبراًً ان تعاونهما «يقلل حجم الفراغ (في المنطقة) ويضع حداً لمخططات الأعداء» في الخارج. وتركزت محادثات أردوغان الذي وصل الى إيران آتياً من باكستان ليل الإثنين - الثلثاء، على التعاون الثنائي بين البلدين، فيما أبلغت مصادر إيرانية «الحياة» أن طهران تراهن على أن تكون تركيا «بوابة العبور للغاز الطبيعي الإيراني الى أوروبا». ويرافق أردوغان وفد سياسي وتجاري واقتصادي كبير، وهو التقى محمد رضا رحيمي النائب الأول للرئيس الإيراني، كما شمل جدول زيارته محادثات مع مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي. وأشاد نجاد بمواقف أردوغان من إسرائيل والبرنامج النووي لإيران، واستبعد الرئيس الإيراني «تسوية المشاكل في غياب العدالة»، وزاد: «عندما يملك نظام غير شرعي (إسرائيل) أسلحة نووية لا يمكن أحداً منع دولة أخرى من حيازة الطاقة النووية لأهداف سلمية». وأشاد نجاد بمنع أنقرة تل أبيب من المشاركة في مناورات «أطلسية» في تركيا، مشيراً الى ان «النظام الصهيوني يشكل تهديداً لكل الدول». وخاطب أردوغان قائلاً: «إن موقفكم الواضح من النظام الصهيوني ستكون له انعكاسات إيجابية على المستوى الدولي وفي العالم الإسلامي». وأفادت وسائل الإعلام الإيرانية بأن أردوغان أكد لنجاد دعم أنقرة حق طهران في الطاقة النووية السلمية. في الوقت ذاته، رأى نائب الرئيس الإيراني ان «ظروف» تركيا وإيران «أوجدت فرصة ذهبية علينا اغتنامها لتمتين علاقتنا». وتقدر المبادلات التجارية بين البلدين ب12 بليون دولار سنوياً، ويحاولان الى زيادتها الى 20 بليوناً في السنتين المقبلتين. ويتوقع أن تتوج زيارة أردوغان بالتوقيع على 7 اتفاقات للتعاون المشترك في مجالات الطاقة والقضاء والصحة والتجارة، كما أفادت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية. ونقلت إذاعة طهران عن نجاد قوله لأردوغان: «كلما وسعت الدول الإقليمية علاقاتها واقتربت من بعضها، كلما أمكنها حل مشاكلها ووضع حد لأصحاب النيات السيئة الذين يتآمرون ضدها». وأضاف: «تعاون إيران وتركيا سيفيد كلا الدولتين والمنطقة والعالم الإسلامي أجمع». الى ذلك، قالت مصادر إيرانية ل «الحياة» أمس، إن أنقرةوطهران «تشتركان في العديد من وجهات النظر حيال التطورات الإقليمية والملفات المتعلقة بالعراق ولبنان وفلسطين». وأضافت أن تعزيز تركيا دورها في المنطقة «لا يزعج طهران، بل يحقق رغبتها في تفعيل التعاون الإقليمي في مقابل النفوذ الخارجي الذي يحقق اجندته السياسية على حساب مصالح المنطقة». ورأى محللون في طهران أن المقاربة التركية للملفات الإقليمية يمكن ان تعزز الأمن والاستقرار في المنطقة. وأشاروا الى أن سكرتير مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني محسن رضائي دعا خلال زيارته أنقرة الأسبوع الماضي، الى تشكيل «منظمة دول جنوب غرب آسيا»، على ان تكون تركيا وإيران نواة هذا التكتل لمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية الإقليمية والدولية. ورأى أحد المحللين ان تركيا تبدو في حاجة الى «مباركة إيرانية» للدخول على خط المساهمة في حل الأزمات الإقليمية من أجل إثبات دورها ك «جسر» بين دول آسيا والاتحاد الأوروبي. وذهبت مصادر ديبلوماسية في طهران الى اعتبار زيارة أردوغان باكستانوإيران، محاولة تركية لإحياء حلف «السنتو» بين الدول الثلاث، وجهداً لتفعيل الخيار الإقليمي الأمني الذي يشكله الطوق التركي - الإيراني - الباكستاني، الأمر الذي لا تعارضه طهران.