لم تُحدث التظاهرات التي دعا إليها «تحالف دعم الشرعية» المؤيد للرئيس المصري المعزول محمد مرسي في الذكرى الرابعة للثورة، صدى كالذي أوقعه قتل الناشطة الشابة في حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي» شيماء الصباغ برصاص خرطوش أول من أمس، خلال مسيرة بالورود نظمها عشرات من أعضاء الحزب في محيط ميدان التحرير لإحياء ذكرى الثورة. وقالت النيابة في تقرير مبدئي عن وفاتها إن مناظرة جثمانها أظهرت «اختراق رصاصات خرطوش ظهرها ما أدى إلى وفاتها وتم استخراج بلي من ظهرها». واتهم حزب «التحالف الشعبي» الشرطة بقتل الصباغ، فيما تبرأت وزارة الداخلية من تلك التهمة. وقالت إنها «تكثف جهودها لضبط الجناة» الذين لم تحدد هويتهم. وأطلق ناطقون باسم الداخلية تصريحات إعلامية أكدوا فيها أن قوات الشرطة في محيط ميدان التحرير «أطلقت قنابل الغاز فقط على المتظاهرين»، وأن «مجهولين وسط المتظاهرين كانوا يحملون أسلحة خرطوش». لكن شهوداً من المشاركين في التظاهرة اتهموا الشرطة بقتلها، وأكدوا أن ضباطاً كانوا مسلحين ببنادق خرطوش، وهو ما أيدته صور التقطت للتظاهرة. وشيّع مئات الصباغ أمس في مسقط رأسها في مدينة الإسكندرية. ونظم ناشطون مسيرة بعد دفنها هتفوا خلالها ضد وزارة الداخلية. وقال مسؤولون في حزب «التحالف الشعبي» خلال مؤتمر صحافي في مقر الحزب في القاهرة أمس إن أجهزة الأمن مسؤولة عن مقتل الصباغ. وقال القيادي في الحزب مدحت الزاهد إن «الطرف الوحيد الذي قتل الصباغ هو الأمن»، لافتاً إلى أن منظمي المسيرة اتفقوا على فضها في حال حدوث أي مناوشات مع قوات الشرطة، وأن «الفعالية لم تكن ضد النظام، ولكن لإحياء ذكرى الثورة ووضع أكليل من الزهور في ميدان التحرير، مهد الثورة المصرية». وأوضح أن «الشرطة استخدمت عنفاً مفرطاً في فض العدد المحدود الذي شارك في المسيرة ومن دون إنذار». وشاركت رئيس حزب «الدستور» هالة شكر الله في المؤتمر الصحافي. وقالت إن «الحكومة فرضت علينا معادلة كاذبة هي الأمن مقابل الحرية، ولن نقبلها بعد اليوم»، منتقدة الشرطة التي «أصبحت فوق المحاسبة وتتعامل على أن من حقها فعل كل شيء». لكن وزارة الداخلية قالت في بيان إن المتظاهرين «قاموا بإطلاق الألعاب النارية والشماريخ وفور توجه القوة الأمنية (نحوهم) تفرقوا وتم ضبط 6 منهم»، مضيفة أنها بعد فض التظاهرة تبلغت بوفاة الصباغ، «وتكثف الأجهزة الأمنية جهودها لكشف ظروف وملابسات الواقعة وضبط مرتكبيها». وفي محاولة للنأي بنفسها عن قتلها، قالت: «نهيب بالكافة الحذر من مثل تلك التجمعات خشية اندساس العناصر الإرهابية التي احترفت القتل وإحداث فتنة ووقيعة في الشارع المصري». وأمر النائب العام هشام بركات باستدعاء أفراد الشرطة الذين اشتركوا في فض التظاهرة للتحقيق معهم وسماع أقوالهم. وقال بيان للنيابة إن «النائب العام أمر بإجراء تحقيقات فورية وموسعة في حادث وفاة الصباغ». وتحفظت النيابة العامة على «دفاتر الأحوال الخاصة بقيام القوات بمأمورية لفض التظاهرة التي شاركت فيها الصباغ، ودفتر تسليح القوات، للوصول إلى أشخاص القوة وعددها ونوع الأسلحة التي استخدموها لفض التظاهرة». وعاين فريق من محققي النيابة محيط ميدان التحرير، حيث قتلت الصباغ. وطالبت النيابة كل من تتوافر لديه معلومات جدية في شأن الأحداث، بأن يتقدم للشهادة. واستمعت النيابة إلى شهادة عدد من زملاء الصباغ توجهوا إلى النيابة طواعية لسرد روايتهم عن الأحداث، لكن النيابة بعدما دونت أقوالهم، وجهت إليهم تهمة «المشاركة في تظاهرة غير مصرح بها»، وأخلت سبيلهم على ذمة هذا الاتهام، بانتظار سماع أقوال متظاهرين ألقت الشرطة القبض عليهم خلال الفعالية، بتهمة «التظاهر من دون تصريح». وأكد رئيس الوزراء إبراهيم محلب في بيان «ثقته الكاملة» في أن تحقيقات النيابة «ستتوصل إلى الجناة الحقيقيين». وقال: «لديّ يقين بأن كل من له حق سيحصل عليه، ومن أخطأ وأُدين سينال عقابه أياً كان وفق تحقيقات نزيهة وقضاء عادل فدولة ما بعد 25 يناير تحترم القانون وتطبقه على الجميع». ودان المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي في تعليق عبر حسابه على موقع «فايسبوك» أمس «العنف المفرط» من الشرطة في مواجهة المتظاهرين. وقال: «ليس من المعقول ولا المقبول أن يسمح بعد 4 سنوات من ثورة المصريين العظيمة وفي ذكراها أن تستمر إسالة دماء مصريين أبرياء مسالمين لمجرد تعبيرهم عن رأيهم سلمياً»، مطالباً بسرعة التحقيق مع المسؤولين عن قتلها، والإفراج عن الموقوفين من أعضاء حزبها. وعلق نائب الرئيس السابق محمد البرادعي على الواقعة عبر حسابه على موقع «تويتر»، مؤكداً أن «العنف ليس حلاً»، قائلاً: «نرى أقبح ما فينا ونفقد أغلى من فينا. متى سندرك أن العنف ليس حلاً وأن وطناً قائماً على هيبة الإنسان هو الوطن الذي نبتغيه جميعاً؟».