تعشق تصميم الأزياء. يلهمها الليل تصاميم من وحي أحدث صرخات الموضة. ومن وحي خيالها تكمل التفاصيل التي تحمل توقيعها المميز. كل الأزياء التي ترضى عن شكلها وألوانها وقصتها، وتلقى استحساناً في نفسها تكون هي من يرتديها أولاً وأخيراً! موهوبة، لكنها غير معروفة، بل هي غير موجودة إطلاقاً على خريطة المصممين والمصممات، ولو المبتدئين منهم. هي في حقيقة الأمر مشروع مصممة أزياء قد يكون أو لا يكون أبداً. اكتشفتها زميلتها نهى في المؤسسة الثانوية، وأخرجتها للعلن قليلاً، بالحرفين الأولين من اسمها. ق.م. أحبت الرسم منذ الصغر، إلا أنها حولت موهبتها الفنية مع بلوغ سن المراهقة نحو تصميم الأزياء، من أجل أن تحقق في هذا العالم أحلاماً لم تتحقق في الواقع. «إما لأنني لم اقدر على اقتناء ملابس أحببتها، وإما لأن عائلتي المحافظة لا تقبل شكل الأزياء التي أختارها، وهذا جعلني أرتدي مختلف الملابس من خلال الورقة» تبوح ق. م، المصممة على إبقاء هويتها في الخفاء، بسرها الكبير الذي ترعاه وحيدة عندما تغلق على نفسها باب الغرفة ليلاً. استسلمت ق.م. لأسئلة صديقتها نهى المستدرجة، وكأنها كانت بحاجة لمن يشاركها ولعها وأحلامها ومخاوفها. «لست فنانة، ربما أكون موهوبة، لكن أسرتي تنكر علي ذلك». تعتقد الأسرة أن الفن سيلهي المراهقة عن الدراسة، نتيجة رسوبها السنة الماضية. اقتنصت نهى لحظة الانكسار هذه، بسؤال مستفز: «إلى متى ستظلين محتفظة بموهبتك لنفسك؟». تغلبت مخاوف الفتاة على طموحها: «لا أظن أنها سترى النور يوماً. أرفض الشهرة والظهور، كما أخشى رد فعل أسرتي». أنهت نهى الحوار بحرفية واضحة: «أتمنى أن تغيري موقفك وتعلني للقراء عن اسمك في المرة المقبلة، كما أتمنى أن أراك مصممة أزياء مشهورة». ونشرت حديثها مع زميلتها الموهوبة في أول عدد من «النشرة المدرسية» التي أصدرتها الشهر الماضي مؤسستها «أم البنين» في مدينة فاس المغربية. دعم المواهب الشابة هو ما تسعى الى العمل عليه تجربة النشرة المدرسية الجديدة، وعلى رأسها موهبة التعلم والبحث وتطوير الذات من خلال ممارسة أشكال الكتابة الصحافية والتعبير عن الرأي والأفكار في نشرة ينتجها ويقرأها التلاميذ. إنها «أول قطرة غيث لترسيخ الثقافة الإعلامية في المؤسسة التعليمية وصقل موهبة التلميذ في البحث والتقصي والتواصل البناء»، يقول مدير المؤسسة، محمد فلجة. مشروع الصحافيين الصغار راود طويلاً رئيس تحرير هذه النشرة يونس عبد السلام الشغوف بعالم الإعلام والذي يعمل إدارياً في المدرسة. يونس فخور اليوم بعد أن بات لديه أخيراً فريق صحافي متوهج بحماسة الكتابة مثل «الكبار». سكينة قد تكون اختارت عنواناً ضخماً لريبورتاجها الصغير: «التلميذ والكتاب: هل من علاقة في ظل العولمة»، لكنها في النهاية نجحت في تلخيص الإشكالية في بضعة آراء مختلفة للتلاميذ وأطر المؤسسة تناولت فيها تأثير الانترنت على التحصيل المعرفي للتلاميذ، وعبرت في الختام عن موقف إيجابي برسالة واضحة ومشجعة: «مؤسستي تضم مكتبة جميلة ومجهزة بكتب يمكن لمرتادها أن يجد فيها ضالته، يبقى المشكل في كيفية التصالح بين التلميذ والكتاب، فما الانترنت إلا صيحة الكترونية مساعدة فقط». فاطمة الزهراء تابعت قضية حقوق الأطفال من خلال الصحافة المغربية. وعلى رغم أنها كتبت بتعميم كبير، يفهم منه أن الصحافة تقدم في الغالب «طفولة مغتصبة ومستغلة في الجنس والإنتاج قبل الأوان وخاصة الفقراء»، فإنها نقلت لقرائها مدى ألمها لواقع حرمان الطفولة وانشغالها بظروف عيشهم الصعبة. ما يميز هذه التجربة أنها مؤنثة، فغالبية التوقيعات لتلميذات، وبعضهن كتب أكثر من موضوع، بينما برز التلاميذ الذكور في صفحة الأخبار المحلية، وساهم أحدهم في موضوع المخدرات، ولم تتركه التلميذات يفرح بتفرده، فقد زاحمته زينب. ولعل هذا النموذج الذي يبدو أنه مجرد صدفة، ليس في واقع الحال كذلك، لأنه يتقاطع مع حقيقة إقبال الفتيات في شكل لافت في السنوات الأخيرة على التخصص في دراسة الإعلام والصحافة، وذلك ما سجله المعهد العالي للإعلام والاتصال في الرباط بالنسبة الى غلبة عدد الطالبات على الطلاب. فهل يصير مستقبل الإعلام في المغرب نحو التأنيث فعلاً؟