لفت القس الدكتور إبراهيم الغريب إلى أن مبادرة العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، هي التي أيقظت ضمير المسيحيين في كندا وأميركا، وأقنعتهم بعدل القضية الفلسطينية التي ما كانت قبل أحداث أيلول تحظى بكثير اهتمام، ثم زادتها العاصفة الأميركية غياباً وتشويهاً. في تطور أطلق عليه «الصحوة المسيحية». وقال: «المبادرة السعودية العربية أحدثت صحوة مسيحية في الغرب، ومن هنا جرى اهتمام كنائس أميركا وكندا ورعاياها بالفلسطينيين والعرب، ووجد هذا الاهتمام نقاطاً موجودة ومستمرة في العدوان الإسرائيلي تعزز (...) فأخذ التعاطف مع إسرائيل يأخذ منحى آخر لدى المسيحيين الأميركيين، فالمسيحيون الكاثوليك، والأرثوذكس كانت لديهم الأرضية الأكثر تفهماً لمعنى السلام والعيش المشترك في الأراضي المقدسة، وجاءت قرارات الأممالمتحدة، وبعض المواقف الأميركية التي تؤكد نقض شرعية الاحتلال، واعتراف العالم بحق الشعب الفلسطيني في العيش بحرية وبكرامة على أرضه، كدافع لتحرر الإنسان الأميركي، وبالتحديد المسيحي الإنجيلي الأميركي من عقدة الخوف التي منعته من المجاهرة بما علمته إياه المسيحية من اعتبار التعدي والعدوان والاستيلاء على مقدرات الشعوب ممارسات لا يمكن أن تؤسس العدل الإنساني، بغض النظر عن انتماءات الشعوب وأصولها ومعتقداتها». ووثّق الغريب أن هذا الصوت المسيحي الذي أخذ في التصاعد مع المبادرة السعودية، بلغ مرحلة لم تكن حتى إسرائيل تتوقعها، عندما وقع نحو 84 من الزعماء المسيحيين الإنجيليين بياناً حول وضع إسرائيل وفلسطين، كسروا فيه قوالبهم المعتادة في الانحياز المطلق لإسرائيل. وفي البيان دعوا الجانبين إلى التفاوض على حل عادل للدولتين، وقالوا: «إننا كإنجيليين ملتزمين بسلطة الكتاب المقدس الكاملة نرى أنفسنا مضطرين إلى الإدلاء ببيان معاً في هذه اللحظة التاريخية من حياة الأرض المقدسة». وأضافوا: «الصراع الإسرائيلي الفلسطيني القائم منذ عقود، هو قرب نقطة تحول بالغة الأهمية، الاستعمار مستمر، وينفجر رهيباً أحياناً». وبينما أكدوا دعمهم المستمر لأمن إسرائيل حذروها إذا لم تتحسن الأوضاع بسرعة بينها وبين فلسطين من «عواقب مدمرة». وأن «الفلسطينيين، خصوصاً الشباب الذين ليس لديهم فرص اقتصادية سيتعاطفون بشكل متزايد مع الحلول الجذرية والإرهاب ما سيشكل خطراً على أمن إسرائيل، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، سيشكل ذلك تهديداً للأمن القومي الأميركي بشكل أكبر أيضاً، إذ إن الكثيرين من البليون وثلاثة ملايين مسلم في العالم يتطلعون إلى أميركا من منظور موقفها من القضية الفلسطينية، وإذا استمر الوضع القائم، فالأرجح هو أن المواقف المعادية للولايات المتحدة وسياساتها، والأنشطة الإرهابية ستزداد بشكل كبير بين المسلمين في جميع أنحاء العالم». يسرد الغريب تلك الوقائع ونظائر، ليخلص من ذلك إلى حجم تأثير مبادرة الملك السعودي الراحل على صعد شتى، تجاوزت الموقف من المسلمين في أميركا إلى «مراجعة قسم كبير من أتباع السياسات الإسرائيلية في أميركا للأحداث ومواقفهم، وقراءة كل ما خص المسلمين والعالم العربي، وبالتحديد سياسة المملكة العربية السعودية على أنها مهد الإسلام».