بدأت مجموعات من اليهود في الولاياتالمتحدة حملة فريدة من نوعها ترمي إلى بناء علاقات صداقة مع الشرائح ذات الأصول الأفريقية، وذلك لتأمين الدعم لإسرائيل، التي تشعر بأنها في عزلة متزايدة على المستوى الدولي، إلى جانب وقوف العديد من الشخصيات البارزة في المجتمعات الأفريقية الأصل بالولاياتالمتحدة إلى جانب الفلسطينيين. وتجري اللقاءات بمشاركة شخصيات من الجانبين، وبوساطة من مسيحيين قريبين من الأفكار الصهيونية، حيث جرى الاجتماع الأول في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، برعاية مجموعة "مسيحيون موحدون من أجل إسرائيل"، التي تعتبر أكبر جماعة مسيحية صهيونية بالولاياتالمتحدة. القس مايكل ستيفنز، مسؤول شؤون الاتصال مع المجتمعات الأفريقية الأصل ضمن مجموعة "مسيحيون موحدون من أجل إسرائيل"، قال إن الأصوات المسيحية الصهيونية كانت "مفقودة في كنائس السود." وأضاف: "لهذا السبب بات أشخاص مثل (زعيم أمة الإسلام لويس) فرخان، و(الواعظ المسيحي آل) شاربتون و(القس) جيسي جاكسون هم النماذج الأساسية داخل المجتمعات الأفريقية الأصل لجهة تحديد العلاقة مع اليهود، وإذا لم يحصل تواصل فإن المعلومات المقدمة منهم ستكون الوحيدة المتاحة" للمجتمعات السوداء في الولاياتالمتحدة." وتبدو الإشارة واضحة في حديث ستيفنز إلى فرخان وشاربتون وجاكسون على خلفية مواقفهم المنتقدة لإسرائيل، وخاصة لجهة تنديدهم بأسلوب معاملتها للفلسطينيين. وإلى جانب مجموعة "مسيحيون موحدون من أجل إسرائيل"، يبرز نشاط جمعيات أخرى، وعلى رأسها "لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية" التي تحاول إجراء اتصالات مشابهة مع القيادات الطلابية في جامعات معروفة بدور السود التاريخي فيها، وبينها "سبيلمن كولج" و"مورهاوس كولج." ويأتي هذا التحرك في وقت تعيش فيه إسرائيل عزلة دولية متزايدة تدفعها إلى البحث عن حلفاء جدد في العالم، حيث يقول ديفيد بورغ، المدير التنفيذي لمجموعة "مسيحيون موحدون من أجل إسرائيل" في رسالة إلكترونية: "من الطبيعي أن تكون الكنائس الأفريقية - الأمريكية على قائمة الجهات التي يهمنا الاتصال بها." وتثير هذه الدعوات اهتمام الكثير من الأمريكيين أصحاب الأصول الأفريقية، وفي هذا الإطار يقول دينيس كوبر، إن على المجتمعات السوداء التعلم من تجارب اليهود، موضحاً: "يمكنني أن أقول إننا نحن السود لسنا موحدين مثل اليهود.. يمكننا الاستفادة من تجربتهم لأنهم يهتمون بمجتمعهم ويقومون بحمايته، ونحن نحتاج إلى ذلك." وتقول مجموعة "مسيحيون موحدون من أجل إسرائيل" إنها تضم 850 ألف عضو، وتأسست قبل ستة أعوام بهدف توفير الدعم لإسرائيل في أوساط الكنائس الإنجيلية التي يرتادها البيض، ولكن نشاطاتها بدأت تجذب في الآونة الأخيرة اهتمام الكثير من السود. ويعتقد عدد من الإنجيليين أن عليهم دعم إسرائيل باعتبار أن وجود دولة يهودية سيساعد على تسريع العودة الثانية للمسيح إلى الأرض مع اقتراب يوم الدينونة. ورغم هذه الجهود، إلا أن مهمة الجماعات المسيحية الصهيونية ليست بالسهولة التي يتصورها البعض، إذ أن الكثير من الشرائح في المجتمعات السوداء بالولاياتالمتحدة تنظر بصورة انتقادية لإسرائيل وتتعاطف مع الجانب الفلسطيني في الصراع بين الطرفين، كما يميل البعض إلى ربط اليهود بالحضارة الغربية التي استعمرت قارة أفريقيا لقرون طويلة. ويدافع جيرالد لينور، وهو المدير التنفيذ ل"تحالف السود من أجل هجرة عادلة" عن وجهة النظر هذه بالقول، إن على المجتمعات الأمريكية السوداء دعم حقوق الفلسطينيين الإنسانية. ويضيف: "بصفتي ناشط حقوقي في مجال مكافحة الفصل العنصري، فإنني أعتبر أن ممارسات الفصل التي يتعرض الفلسطينيون لها، والمعاملة غير العادلة التي يعانون منها، هي جريمة ضد الإنسانية وشكل من أشكال الفصل العنصري." أما دينا عمر، العضو في جميعة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، فقد انتقدت بشدة تصرفات "لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية"، وقالت إنها تستغل "تاريخ السود في أمريكا من أجل تبرير الاضطهاد المستمر للفلسطينيين في إسرائيل." وإلى جانب هذه المواقف تبرز بعض التعليقات من قبل شخصيات يهودية في الولاياتالمتحدة، تعتقد بأن الكنائس الإنجيلية تعمل وفق أجندتها الخاصة التي قد لا تتقاطع بالضرورة مع مصالحهم، وهم يدعون بالتالي إلى التريث قبل التعبير عن الرضا حيال عملها.