اعتبرت ايران ان زيارة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية امس، المنشأة الجديدة لتخصيب اليورانيوم قرب مدينة قم، والتي وصفها الغرب بأنها «سرية»، تؤكد الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي. وتزامنت زيارة المفتشين مع تصعيد طهران حملتها على مشروع المدير العام للوكالة الذرية محمد البرادعي لتخصيب اليورانيوم الايراني في الخارج، مؤكدة انها لم تلتزم بموعد محدد للرد على اقتراحه في هذا الشأن، الذي وافقت عليه الولاياتالمتحدةوروسيا وفرنسا. في غضون ذلك، أكد محمد رضا باهونار نائب رئيس مجلس الشورى (البرلمان) الايراني ان طهران لن تجري محادثات مباشرة مع واشنطن. ونقلت «وكالة الانباء العمالية» الايرانية (إيلنا) عن باهونار قوله ان «مسؤولين يقولون احياناً ان الوقت حان لاجراء حوار رسمي مع الولاياتالمتحدة، لكن ذلك يتطلب موافقة المجلس الاعلى للامن القومي الايراني والمرشد علي خامنئي، ولا يمكن لأحد ان يعصي أوامرهما»، اذ انهما يصرّان على ان «اجراء محادثات مباشرة مع الولاياتالمتحدة ليس ضمن السياسات المعتمدة في إيران». وأوضح ان «شروط اجراء محادثات مع واشنطن لم تتوافر بعد». وأفادت وكالة انباء «مهر» أن مفتشي الوكالة الذرية زاروا منشأة التخصيب وسط إيران، في اطار ما وصفته ب «سياسة بناء الثقة والتعاون المتنامي بين الجمهورية الاسلامية والوكالة الذرية». وأضافت «مهر» ان «من المقرر أن يقوم المفتشون بزيارات عدة الى المنشأة». وأفاد مسؤول ايراني ان «مفتشي الوكالة الذرية سيقارنون بين وضع المنشأة والمعلومات التي قدمتها إيران في شأنها، وذلك خلال زيارتهم التي تستغرق ثلاثة ايام». وأكد الناطق باسم «المنظمة الايرانية للطاقة الذرية» علي شيرزاديان ان خبراء الوكالة الذرية بدأوا تفتيش المنشأة غداة وصولهم الى طهران ليل السبت - الاحد. ويضم فريق المفتشين 4 اشخاص بينهم امرأة، ويرأسه هرمان ناكايرتز، مسؤول قسم العمليات للضمانات الامنية في الوكالة الذرية في منطقة الشرق الاوسط. وينوي المفتشون مقارنة التصاميم الهندسية التي قدمتها إيران للمنشأة، بواقعها الفعلي، وإجراء مقابلات مع عاملين وأخذ عينات بيئية للتحقق من عدم وجود مواد نووية مشعة في الموقع، ومناقشة دور المنشأة في اطار البرنامج النووي الإيراني. ومن غير المتوقع صدور نتائج حول زيارة المنشأة، قبل مغادرة المفتشين إيران. وأكد النائب الإيراني البارز حسن سبحانيان أن طهران تبعث من خلال عمليات التفتيش برسالة ل «بناء الثقة والتفاعل الجيّد والشفافية»، مشدداً على أنه سيكون «من الجيد أن يستقبل الغربيون هذه الرسالة في شكل صحيح». وقال: «يستطيع المفتشون أن يروا بأنفسهم المنشآت الجديدة، وأن يدركوا الطبيعة السلمية للنشاطات النووية الايرانية، مثلما حدث من قبل دائماً». وتُعد عملية التفتيش إحدى خطوات «بناء الثقة» التي اتُفق عليها بين إيران والدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والمانيا)، في جنيف في الاول من الشهر الجاري. وكان البرادعي اتفق مع ايران خلال زيارته طهران في الرابع من الشهر الجاري، على تفقد مفتشي الوكالة المنشأة التي ابلغت طهران الوكالة الذرية بوجودها في 21 أيلول (سبتمبر) الماضي، بعد نحو سنة من بدء أعمال البناء فيها، ما أثار انتقادات دولية واسعة. والمنشأة مبنية في جبل قرب قاعدة ل «الحرس الثوري» في بلدة فردو التي تبعد نحو 30 كيلومتراً عن قم، ونحو 160 كيلومتراً جنوبطهران. والمنشأة التي تؤكد إيران انها لن تبدأ العمل قبل 18 شهراً، قادرة على استيعاب نحو 3 آلاف جهاز للطرد المركزي، مقارنة بنحو 8 آلاف جهاز تعمل في منشأة ناتانز للتخصيب. وتواصلت امس الانتقادات الايرانية لمشروع البرادعي تخصيب 1200 كلغ من اليورانيوم الايراني في روسيا، بنسبة 19.75 في المئة لاستخدامه في تشغيل مفاعل للبحوث الطبية في طهران. وقال النائب محمد كرمي راد وهو عضو في لجنة السياسة الخارجية في البرلمان: «انا ضد قبول الصفقة، انها ليست في مصلحة ايران». اما الديبلوماسي أبو الفضل زورهواند وهو سفير سابق لدى إيطاليا، فاعتبر الخطة بمثابة تعليق للتخصيب، وهذا طلب رفضته طهران مراراً. وقال: «إذا أردنا تخصيب هذه الكمية مجدداً، سيستغرق ذلك 18 شهراً على الأقل. وخلال هذه الفترة، سيكون أمامهم الوقت اللازم للضغط على إيران مجدداً ودفعنا في الاتجاه الذي يريدونه. هذه المؤشرات من الغرب تُسبّب انعدام ثقة». وبعد قوله الجمعة الماضي انه سيسلّم البرادعي عندما يعود الى فيينا هذا الاسبوع، رد طهران على مشروع التخصيب، أكد المندوب الايراني لدى الوكالة الذرية علي اصغر سلطانية أن بلده «لا يزال يقوّم بعناية الأبعاد المختلفة لاتفاق فيينا». ونقلت قناة «العالم» عنه «نفيه وجود موعد محدد» للرد، مشيراً الى انه «سيقدم الرد الايراني للبرادعي عندما يعود إلى فيينا».