برز أمس لقاء مصالحة عقد بين قاعدتي الحزبين «التقدمي الاشتراكي» و «السوري القومي الاجتماعي» في حضور رئيسي الحزبين رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط والنائب أسعد حردان في القصر البلدي في صوفر، شدد خلاله جنبلاط على ضرورة أن «نذهب الى العمق العربي الواسع سورية ومن خلالها العالم العربي»، داعياً مصر الى فتح معبر رفح الى قطاع عزة.واستهل اللقاء، الذي حضره قياديون من الحزبين ونجل جنبلاط تيمور، بكلمة لحردان قال فيها: «اليوم هو يوم التلاقي والمصالحة بعد ظروف طارئة وعابرة»، مستعيداً علاقة التحالف بين الحزبين. ورأى أن «اسقاط اتفاقية 17 ايار (مايو) الخطيرة والمذلة التي حاول العدو الإسرائيلي ومن وقف معه فرضها على لبنان وفك حصار بيروت، ما هو الا التجسيد العملي لمسار جاد معمد بالدم في سبيل اقامة دولة المواطنة الحقيقية ودولة الحرية». وقال: «نحن نحفظ كل هذا ايها الرفاق في الحزب التقدمي الاشتراكي وأيها الأهل في الجبل، ممارسة لا شعاراً، لأننا مؤمنون أن وحدة الجبل هي حجر الزاوية لوحدة لبنان الذي يريد له اعداؤه ان يغرق في متاهات الشرذمة والتشتيت، كما أننا مؤمنون بإسقاط كل مشروع معاد يستهدف النيل من وحدة لبنان او التلاعب بهويته أو حرفه عن طريقه الطبيعي أو استخدامه منصة للتآمر على مكامن القوة في بلادنا وفي طليعتها معادلة المقاومة.واللبنانيون لا يتنكرون للحقائق، وكما لا ينسون مساهمة الثورة الفلسطينية في مواجهة العدو، لا ينسون ايضاً أن سورية وقفت الى جانب لبنان في مختلف المحطات الصعبة، ويتذكر أهل الجبل كيف استبسل الجنود السوريون خلال الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، كما استمرت سورية في احتضان المقاومة التي نمت بثبات ومكنت عام 2000 من دحر الاحتلال وساعدت على صمود لبنان وشرعت ابوابها وقلبها لاحتضان اللبنانيين». وأضاف: «لعل لقاءنا في بعديه التصالحي والوطني يتكىء على الرؤية المشتركة التي ناضلنا سوياً وفقها مع القوى الوطنية ونستمر بالنضال في سبيل اقامة دولة موحدة لا طائفية تعزز مفهوم المؤسسات وتقيم العدل الاجتماعي الحقوقي. قلقنا سيبقى دائماً ونضالنا المشترك مع القوى الوطنية الصديقة والحليفة يشكلان حافزاً التزامياً لتعزيز العمل الوطني لمواجهة الأخطار التي تواجه لبنان وتهدده باستمرار». وشدد على «الشراكة بين الشعب والجيش والمقاومة، وضرورة التمسك بالثوابت الوطنية التي يؤكد عليها الرئيس ميشال سليمان وفي طليعتها حق لبنان المطلق في المقاومة ما دام احتلال». ودعا الى «تشكيل حكومة وفاق وطني حقيقي تكون اولى مهماتها ترسيخ الوحدة الوطنية وإنقاذ لبنان من ازماته». واختتم: «يا رفيق ابو تيمور، لا اخالني الا معبراً باسمك واسمي واسم حزبينا مع القوى الوطنية كافة حين اتوجه بتحية التقدير الكبير لسورية شعباً وجيشاً وقيادة وعلى رأسها الرئيس الدكتور بشار الأسد لوقوفها الى جانب لبنان ومقاومته وشعبه وجيشه ومؤسساته ووحدته واستقراره». ثم تحدث جنبلاط، فقال: «من هنا كان العبور الى التحرير عام 1983، ومن خلفنا الجيش العربي السوري الذي وقف، وهذا تاريخ لا يمحى، تلك الوقفة البطولية في عين زحلتا والصفا والسلطان يعقوب. آنذاك وسورية عبرنا الى التحرير. كل فصيل وطني وقومي وإسلامي منا كانت له مهمة. كنتم انتم ايها الرفاق في الحزب السوري القومي الاجتماعي السباقين في عمليات المقاومة في الحمرا وغيرها، ثم انتشرت المقاومة في الجبل والإقليم وصيدا وبيروت. والجيش الذي قيل عنه انه لا يقهر كان يردد في شوارع بيروت «اننا سننسحب لا تطلقوا علينا النار» وانسحب الجيش. كانت مهمتنا المركزية كحزب تقدمي اشتراكي صد الهجمات في تلك الجبهة التي سقط عليها الآف منا ومنكم ومن المجاهدين الوطنيين والفلسطيين ولاحقاً الجيش العربي السوري في سوق الغرب. وكان التحرير تدريجياً الى ان تحرر لبنان كله عام 2000 وأسقطنا كل المحاولات لربط لبنان بالمحور الإسرائيلي الغربي». وزاد جنبلاط: «لن نتوقف كالغير من دول أكبر منا بكثير عند مضائق. غيرنا عبر ووقف امام المضائق وكانت المضائق اكبر مصيدة، فدخل في ما يسمى التسويات الانفرادية وضاع دوره التاريخي العربي الكبير، على امل ان يسترشد هؤلاء ويعودوا الى الحضن من خلال بوابة رفح. فلتفتح بوابة رفح، وحدها تستطيع ان تعيد مصر الى عمقها العربي والتاريخي». وقال: «لن نتوقف. اتفقنا عند شيء مقدس ولا نزال ولن نقبل الا به، وهو اتفاق الطائف. لن ادخل في التفاصيل الداخلية الدستورية العقيمة للطائف. سأقول فقط في اتفاق الطائف نقطة اساسية واحدة وهي اننا سنتمسك باتفاق الهدنة أي الحرب المجمدة مع اسرائيل. لا تسوية، لا صلح، لا سلام، لا مفاوضات مع اسرائيل. وكل واهم في هذا العالم العربي، اذا كان هناك بعد من واهم بأن هناك امكانية وصول الى تسوية او صلح او سلم أو قيام دولة فلسطينية مع اسرائيل إما مجنون أو متآمر». وتابع: «هذه ثوابتنا: التمسك باتفاق الهدنة والجغرافيا السياسية املت منذ عقود ان نختار بين البحر ولا اعتقد أننا نسبح كفاية، والذي يريد أن يذهب الى اسرائيل رأينا مصيره كيف انتهى في مزبلة التاريخ وسيدحض، وبين ان نذهب الى العمق العربي الواسع سورية ومن خلالها العالم العربي». وأضاف جنبلاط: «لا اقول هذا الكلام لأتملق. نعم خرجت سورية، هل هناك من عنجر او بوريفاج؟ لا، لكن اقول هذا من عمق قناعتي السياسية وتاريخي السياسي حتى عندما كان الخلاف للحركة الوطنية مع سورية عام 1975 تجاوزنا الألم الكبير والجرح من اجل المصلحة الوطنية والقومية». ولفت الى «أننا اليوم نجتمع من اجل صلح، أو الأجدى من أجل أن نعود الى الذات، الى تلك التضحيات المشتركة التي دفعنا فيها وإياكم في الحزب السوري القومي الاجتماعي مئات على شتى الجبهات»، مضيفاً أن «المصالحة اليوم فردية» على خلفية اشكال كان وقع بين شخص من «القومي» وآخر «اشتراكي» من آل الأحمدية. وقال: «أي عمل غير مسؤول لا نتحمل نحن ولا آل الأحمدية مسؤوليته». وكان جنبلاط زار ظهراً خلوة الشيخ ابو سليمان حسيب الصايغ في بلدة معصريتي يرافقه نجله تيمور في حضور الوزير السابق وئام وهاب وحشد من مشايخ الطائفة. وأكد جنبلاط أن «وحدة الجبل تتعزز اكثر فأكثر مع كل الفاعليات السياسية والحزبية، أما الأحادية في القرار فخطأ، ونحن لم ولن نصادر القرار يوماً أو نتفرد به»، وقال: «صحيح انه كان هناك في يوم ما رأي واحد، لكن اليوم هناك تنوع في طائفة الموحدين العرب الدروز من اجل الإفادة من هذا التنوع، وهذا التنوع من دار خلدة الى المختارة الى هذه الخلوة الى رفيقنا السابق ورفيقنا الحالي وئام وهاب الى الشيخ سليمان الصايغ الذي لنا معه صولات وجولات الى الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين الى الشيخ أمين الصايغ الى كل المشايخ الأفاضل، وكل منا يكمل الآخر على طريقته».