بعد ساعات على صدور المرسوم الرئاسي الفلسطيني الذي حدد 24 كانون الثاني (يناير) عام 2010 موعداً للانتخابات الرئاسية والتشريعية، أعلن الرئيس محمود عباس انه لا يناور بل جدي في اجراء الانتخابات في موعدها كاستحقاق دستوري، وإن كان ترك يده ممدودة لحركة «حماس» للمصالحة التي تمسكت بها القاهرة امس، مؤكدة ان من «المستحيل ان تتخلى عنها». واوضح عباس في كلمة امام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية امس ان المرسوم «استحقاق دستوري» وانه «في منتهى الجدية، ولا نناور في تطبيقه»، مؤكداً في الوقت نفسه ان السلطة «ستستمر في المصالحة، وفي العمل السياسي والمفاوضات». وحمّل «حماس» مسؤولية «التلكؤ» في التوقيع على الورقة المصرية المتعلقة بالمصالحة، لكنه قال: «مصممون على المصالحة، ولا بد ان نصل اليها». واضاف انه حدد موعد الانتخابات تطبيقاً للقانون الاساسي للسلطة الذي ينص على ضرورة ان يعلن الرئيس الموعد قبل ثلاثة اشهر، علماً ان ولاية المجلس التشريعي وفترة ولاية الرئيس تنتهيان معا في 24 كانون الثاني المقبل. وتجنبت «حماس» الرد على كلمة عباس امام المجلس المركزي، وان كان قادتها والناطقون باسمها سارعوا الى مهاجمة الرئيس ووصف مرسومه بأنه «غير دستوري» ويكرّس الانقسام ويبيّت لتزوير الانتخابات. واعتبر الناطق باسم الحكومة المقالة في غزة طاهر النونو أن الانتخابات «لن تعطي عباس شرعية جديدة طالما لم تشارك حماس في الانتخابات، خصوصاً اذا جرت في الضفة وحدها، وستبدو فتح وكأنها تنافس نفسها فقط لا غير». وقال إن ملف الانتخابات كان على أجندة الحوار «ولا يجوز الاستفراد بموعدها، خصوصاً أن الموعد الجديد في الورقة المصرية التي وقعت عليها فتح هو في 28 حزيران (يونيو) 2010، ما يؤكد أن عليه التزام ما وقع عليه». وشدد على «عدم دستورية المرسوم لأن ولاية عباس انتهت في 9 كانون الثاني (يناير) الماضي، واذا كنا نغض الطرف عن هذه المسألة فهذا لا يعطيه حقاً دستورياً». ورغم ان المرسوم الرئاسي فاجأ «حماس»، الا ان الحركة لم تكترث كثيراً لهذه الخطوة، بل بدت «مطمئنة» الى أن عباس لن ينفذ تهديداته ولن يعمل على تنظيم الانتخابات فعلاً، رغم أنه نفذ تهديده الأول باعلان موعدها. وترى «حماس» أن هناك فرقاً بين اعلان موعد تنظيم الانتخابات وبين تنظيمها فعلياً. وفي هذا الصدد، استشهد النونو بعضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عزام الأحمد الذي قال من على شاشة «هيئة الاذاعة البريطانية» (بي بي سي) العربية أمس: «أقول بملء فمي إن الانتخابات لن تجري في 24 كانون الثاني (يناير) 2010». واستدل النونو من هذا الكلام على «حجم التخبط في فتح»، رافضاً كشف خيارات «حماس» في حال أصر عباس على تنظيم الانتخابات في موعدها المعلن، باستثناء تأكيد «الاستمرار في جهودنا للوصول الى المصالحة». لكنه استدرك قائلاً: «اذا استمر عباس في غيه وخطواته لافشال المصالحة، فلدى الحركة خيارات كثيرة». ويُعتقد بان «حماس» قد تلجأ الى منع تنظيم الانتخابات في قطاع غزة بكل وسيلة ممكنة، أو قد تلجأ الى خيار تنظيمها في القطاع في شكل متزامن، لكن بشكل منفصل عن انتخابات الضفة. ومن المرجح في هذه الحال أن ترشح رئيساً وتنتخب نواباً بغالبية مريحة خصوصاً أن «فتح»، أكبر منافس للحركة الاسلامية، ستقاطع هذه الانتخابات. كما أن من بين الخيارات امام «حماس» أن تُبقي الوضع على ما هو عليه، أسوة بما فعلت «فتح» مع المجلس التشريعي السابق (الأول) الذي انتهت فترة ولايته في ايار (مايو) عام 1999 وتم التمديد له تلقائياً الى أن جرت الانتخابات الاخيرة في 25 كانون الثاني (يناير) عام 2006 التي فازت فيها «حماس» بغالبية كاسحة.