أبقى الرئيس محمود عباس يده ممدودة الى حركة «حماس» للمصالحة بعد ساعات من اصدار مرسومه الرئاسي الذي حدد فيه موعد اجراء الانتخابات العامة بعد ثلاثة اشهر. وقال عباس أمس في كلمة افتتح فيها المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في رام الله ان اصدار المرسوم الرئاسي جاء استجابة لاستحقاق دستوري. لكنه أكد ان هذا المرسوم لا يقف في طريق المصالحة الوطنية، موضحاً: «الآن هناك استحقاق دستوري، وهناك قانون، وهناك واجب علينا، وهذا الموقف درسناه في كل المؤسسات الفلسطينية قبل أن نعلنه اليوم (السبت)، ونحن مستمرون في الاستحقاق الدستوري، وسنستمر في المصالحة، وسنستمر في العمل السياسي والمفاوضات بحسب ما ألزمنا أنفسنا به». وحمل عباس بشدة على «حماس» محملاً إياها المسؤولية عن عدم تحقيق المصالحة الوطنية بعد «تلكؤها» في توقيع المبادرة المصرية. واتهم الحركة بأن «قرارها ليس في يدها». لكنه قال: «مصممون على المصالحة، ولا بد ان نصل اليها»، مضيفاً: «اذا لم تنجح (المصالحة) هذه المرة، فانها ستنجح في المرة الثانية، او في المرة الثالثة. فلا بد من اعادة الوحدة للشعب في طرفيه العزيزين (الضفة الغربية وقطاع غزة)». واتهم عباس «حماس» باعاقة اعادة اعمار قطاع غزة، وقال ان الدول المانحة تعهدت في مؤتمر شرم الشيخ تقديم 4.5 بليون دولار لاعادة اعمار القطاع لكن «حماس» اعاقت اعادة الاعمار مشترطة ان يتم ذلك عبرها. واضاف ان «حماس» رفضت حتى اعادة الاعمار عبر المنظمات الدولية، ما أدى الى بقاء اصحاب البيوت المهدومة، وعددهم نحو مئة الف، في العراء للشتاء الثاني على التوالي. وكانت «فتح» وافقت على المقترحات المصرية للمصالحة، فيما اعلنت «حماس» ان لديها تحفظات على بعض النقاط. واعتبرت جهات عديدة، بما فيها مصر، رفض «حماس» التوقيع على المبادرة «هروباً من المصالحة». وأكد عباس انه لجأ الى تحديد موعد الانتخابات في 24 كانون الثاني (يناير) المقبل تطبيقاً للقانون الاساسي للسلطة الذي ينص على ضرورة ان يعلن الرئيس موعد الانتخابات قبل ثلاثة اشهر، علماً ان فترة ولاية المجلس التشريعي وفترة ولاية الرئيس تنتهيان معاً في 24 كانون الثاني المقبل. ونصت الورقة المصرية على تأجيل الانتخابات لمدة ستة اشهر في 24 حزيران (يونيو) العام المقبل استجابة لطلب «حماس». ويرى مراقبون في إقدام الرئيس على تحديد موعد الانتخابات وسيلة للضغط على «حماس»، مستبعدين اجراءها بعد ثلاثة اشهر بسبب رفض «حماس» السماح باجرائها في قطاع غزة الواقع تحت سيطرتها. وعقد المجلس المركزي بدعوة من الرئيس للمصادقة على مرسومه الرئاسي الذي يحدد فيه موعد الانتخابات. وتستمر دورة المجلس يومين تجري في نهايتها المصادقة على المرسوم. ويناقش المجلس المصالحة الوطنية وتداعيات الموقف من تقرير غولدستون في شأن الحرب الاسرائيلية على غزة، والانتخابات الرئاسية والتشريعية، وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية. وتشكل منظمة التحرير، خصوصا مجلسها المركزي، مرجعية السلطة الفلسطينية بصفته المؤسسة التي تنوب عن المجلس الوطني (البرلمان الفلسطيني) في حال عدم عقده. من جهة أخرى، أعلن عباس امام المجلس انه لن يتفاوض مع اسرائيل ما لم توقف الاستيطان وتحدد مرجعية المفاوضات وهدفها في اقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967. وقال ان لقاءه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو لا يعني استئناف المفاوضات، وانه جاء كي لا يحمله العالم المسؤولية عن عدم اطلاق المفاوضات. واضاف انه ابلغ الجانب الاميركي انه لن يتفاوض مع اسرائيل من دون وقف الاستيطان وتحديد مرجعية المفاوضات. وتابع ان اسرائيل تعارض رؤية الدولتين، مضيفا: «انهم يتحدثون عن رؤية الدولتين، لكن في الحقيقة انه (الموقف) خال من المضمون، فهم يتحدثون عن دولة على 50 في المئة او 40 في المئة او 30 في المئة من الضفة». وتابع: «اقول بصراحة انهم يتحدثون عن الدولة ذات الحدود الموقتة». واتهم «حماس» بقبول الدولة ذات الحدود الموقتة في وثيقة قدمتها الى الحكومة السويسرية مترافقة مع هدنة طويلة الامد. ودافع عباس بشدة عن قراره سحب ثم اعادة طرح تقرير غولدستون على مجلس حقوق الانسان في الاممالمتحدة، نافياً ان يكون وراء الموقف الاول أي صفقة مع الادارة الاميركية واسرائيل.