تلقى «الحرس الثوري» الإيراني ضربة قوية أمس، في هجوم انتحاري أسفر عن مقتل 49 شخصاً على الأقل بينهم سبعة من قادة «الحرس» بمن فيهم نائب قائد القوات البرية فيه الجنرال نور علي شوشتري وقائد «الحرس» في محافظة سيستان - بلوشستان الجنرال محمد زادة. وسارعت طهران الى اتهام واشنطن ولندن بالوقوف وراء الهجوم الذي استهدف اجتماعاً لزعماء العشائر من الطائفتين السنية والشيعية برعاية قادة «الحرس» ومسؤولين من الإدارة المدنية، وذلك في مبني بلدية مدينة بيشين المحاذية للحدود مع باكستان وأفغانستان (جنوب شرقي البلد). كما استدعت القائم بالأعمال الباكستاني في طهران احتجاجا على قيام «الارهابيين» باستخدام الاراضي الباكستانية، بحسب وكالة «ايسنا» الايرانية. وأسفر الهجوم الذي تبنته جماعة «جند الله» السنية المتطرفة بزعامة عبد الملك ريغي، عن سقوط 49 قتيلاً وحوالى 30 جريحاً، بينهم مشاركون في الاجتماع ومدنيون صادف مرورهم أمام بوابة المقر عندما فجر انتحاري شحنة ناسفة ذكر انه كان يلفها على جسده. ولم تورد وسائل الإعلام الإيرانية تفاصيل عن كيفية وقوع الهجوم، كما لم تنقل صوراً من مكان الحادث. ودانت واشنطن الهجوم الذي وصفته ب «الإرهابي»، نافية الاتهامات بتورطها فيه، والتي جاءت على لسان كبار المسؤولين الإيرانيين وفي مقدمهم رئيس البرلمان علي لاريجاني. ورأى لاريجاني أن الرئيس الأميركي باراك اوباما «قال انه سيمد يده الى إيران، لكنه احرق يده بهذا العمل الإرهابي». واصدر الناطق باسم الخارجية الأميركية ايان كيلي بياناً مقتضباً جاء فيه: «ندين هذا العمل الإرهابي ونأسف لسقوط الضحايا البريئة». وأضاف أن «المعلومات التي تحدثت عن تورط أميركي مغلوطة تماماً». وفي وقت تعهد الرئيس الإيراني محمد احمدي نجاد بملاحقة المجرمين المتورطين في هذا الهجوم معتبراً أنهم ارتكبوا «جرائم ضد الإنسانية»، أصدرت القوات المسلحة الإيرانية بياناً شديد اللهجة، اتهمت فيه الولاياتالمتحدة وبريطانيا بالضلوع في الهجوم وتوعدت بالانتقام. وورد في البيان الصادر عن قيادة القوات المسلحة الإيرانية أن المسؤولين عن الهجوم هم «إرهابيون» يدعمهم «الشيطان الأكبر أميركا وحليفتها بريطانيا». وأضاف: «سنأخذ بثأرنا في المستقبل غير البعيد، وسيطهر البلوش (السكان المحليون) هذه المنطقة من الإرهابيين والمجرمين». وأوردت وسائل إعلام أن شوشتري كان يتولى من خلال موقعه في «الحرس» مهمات قيادية في «قوة القدس» وهي قوات خاصة كلفت بمهمات عدة في الداخل والخارج. وأفاد التلفزيون الحكومي بأن «وزارة الخارجية استدعت القائم بالاعمال الباكستاني وابلغته بأن هناك أدلة على أن مرتكبي هذا الهجوم جاءوا الى ايران من باكستان»، واضاف ان الديبلوماسي «أكد أن بلاده ستتخذ كل التدابير من أجل تأمين حدودها مع ايران». وتابع التلفزيون أن «ايران اتهمت في السابق باكستان باستضافة أعضاء في جماعة جند الله». وكانت القيادة الإيرانية عهدت الى «الحرس» مهمة المحافظة على أمن المناطق الحدودية، وملاحقة عناصر «جند الله» المتهمين بالارتباط ب «القاعدة» والذين تقول طهران إنهم يتلقون دعماً من واشنطن ولندن، ويتخذون من الأراضي الباكستانية منطلقاً لهجماتهم. واستدعت الخارجية الإيرانية أمس، القائم بالأعمال الباكستاني في طهران للاحتجاج على سماح بلده للجماعة بالتحرك في أراضيه. واعتبر مسؤولون إيرانيون، ومن بينهم لاريجاني ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان علاء الدين بروجردي، ان الهجوم استهدف التعايش (المذهبي) في المحافظة، وصولاً الى ضرب الاستقرار فيها، علماً ان الجماعة دأبت على استهداف مراكز ورموز شيعية، وكانت آخر هجماتها الانتحارية أوقعت 25 قتيلاً في مسجد زهدان عاصمة المحافظة في 28 أيار (مايو) الماضي. وقال محمد مرضية مدعي عام زهدان ان «اي مشتبه به لم يعتقل إثر الهجوم» أمس، مؤكداً أن «جماعة عبد الملك ريغي أعلنت مسؤوليتها عن هذا العمل الإرهابي». وأعلنت وزارة الداخلية الإيرانية أن من بين ضحايا الهجوم «أبرياء من السنة والشيعة ووجهاء عشائر وقادة في الحرس الثوري». وأضافت الوزراة في بيان: «سنعتقل في وقت قريب جداً منفذي هذا العمل الإرهابي وسنعاقبهم». ويأتي الهجوم عشية استئناف المحادثات بين إيران والدول الست الكبرى في فيينا اليوم، أملاً في التوصل الى اتفاق على تخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج. وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية راهن على بناء الثقة بين واشنطنوطهران خلال هذه المحادثات، من اجل التوصل الى حل لأزمة النووي الإيراني. (راجع ص 7)