دفع تدني أسعار النفط الصين إلى موجة شراء محموم وصلت بالواردات إلى مستويات قياسية في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وفقاً لتقديرات وكالة «رويترز» التي أشارت إلى أن أكبر مستهلك للطاقة في العالم ضاعف إلى المثلين احتياطاته الإستراتيجية من الخام عام 2014 مقارنة بالعام السابق. وأظهرت بيانات أن الصين تمضي، بفضل مضاعفة الفائض النفطي العام الماضي، في تكوين احتياطات إستراتيجية من الخام أكبر مما كان يعتقد سابقاً. وعلى رغم ذلك يهوّن محللون من أثر تلميحات الى أن المشتريات الصينية قد تدعم أسواق النفط العالمية، إذ هوت الأسعار أكثر من النصف منذ منتصف العام الماضي. ومع تباطؤ النمو العالمي، رأى المحلل لدى «فيليب» للعقود الآجلة في سنغافورة دانيال أنغ، أن الصين ربما تقترب من استنفاد السعة المتوافرة حالياً لاحتياطاتها البترولية الإستراتيجية. وقال: «استمرار الصين في زيادة احتياطاتها الإستراتيجية من النفط شكّل مفاجأة في ضوء بياناتهم الاقتصادية، إذ توقعنا ألا تزيد واردات الخام (...) ولا نتوقع استمرار هذا المستوى من واردات النفط في الأجل الطويل». وأشارت تقديرات وكالة «تومسون رويترز» للبحوث وتوقعات النفط، إلى أن إجمالي واردات الصين تجاوز 31 مليون طن، أو أكثر من سبعة ملايين برميل يومياً، للمرة الأولى الشهر الماضي، أي أكثر ب 10 في المئة مقارنة بالكمية الشهرية القياسية السابقة. وتوقع «سيتي بنك» في مذكرة، تباطؤ واردات النفط الصينية، ما سيشكل «خيبة أمل على الأرجح لكل من تمنى أن تقود الصين انتعاشاً في أسعار النفط». ولا يُعرف الكثير عن احتياطات الصين الإستراتيجية أو منشآت التخزين أو سعتها، ونادراً ما تصدر بكين أي بيانات عن مخزونات النفط التجارية باستثناء نسب التغير المئوية في الأحجام التي تصدرها وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» الرسمية. وتملأ الصين المرحلة الثانية من الاحتياطات الإستراتيجية منذ أن استكملت المرحلة الأولى عام 2009. وتقدر الاحتياطات حالياً بأكثر من 30 يوماً من واردات الخام، بينما تعتزم بكين بناء احتياطات بنحو 600 مليون برميل أو 90 يوماً تقريباً من الواردات. وقال الخبير في «اتش اس بي سي» توم هيلبولت: «مع تراجع أسعار الخام العالمية، يبدو أن الصين تغتنم الفرصة لتضيف الخام المنخفض الكلفة إلى مخزوناتها الإستراتيجية». ولكنه حذر من المبالغة في تقدير المخزونات الإستراتيجية مع احتمال فقدان بعض الكميات لسبب أو لآخر أو استخدامها في المصافي بدلاً من تخزينها. ولامست واردات الخام الصينية مستويات قياسية أو شبه قياسية العام الماضي، على رغم تباطؤ الاقتصاد وضعف نمو الطلب على النفط. وأظهرت بيانات سمسار شحن حصلت عليها وكالة «رويترز» أن عدد الناقلات العملاقة المستأجرة المتجهة من الشرق الأوسط إلى الصين ارتفع خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من العام الماضي. وأشارت إلى أن «يونيبك»، الذراع التجارية لشركة «سينوبك» المملوكة للدولة، استوردت حمولة 40 ناقلة عملاقة على الأقل منذ أيلول (سبتمبر) من الشرق الأوسط وغرب أفريقيا. واشترت «تشاينا أويل»، الذراع التجارية ل «بترو تشاينا»، كميات قياسية من خام عُمان في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، واستوردت 47 شحنة من خامات «زاكوم العلوي» وعُمان ودبي. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) وعد الرئيس الصيني شي جين بينغ بالبدء في إصدار بيانات مخزونات النفط في شكل منتظم، إلا أنه لم يحدد إطاراً زمنياً لذلك. وأصدر مكتب الإحصاءات الوطني أول إعلان عن المرحلة الأولى من المخزون في تشرين الثاني الماضي، كاشفاً أنها تضم نحو 91 مليون برميل أو ما يعادل تسعة أيام من واردات النفط .