استبقت حركة «طالبان باكستان» حملة مرتقبة للجيش في جنوب وزيرستان، بشن سلسلة هجمات في مدينة لاهور (عاصمة إقليم البنجاب) شرق باكستان، حيث تمكنت من السيطرة على مقر مكتب التحقيقات الفيديرالي في المدينة ومركزين لتدريب الشرطة وقوات النخبة المكلفة محاربة المتشددين. وجاء ذلك في وقت أعلن البيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما اعتمد أمس، القانون الذي يقضي بمنح باكستان مساعدة بقيمة 7.5 بليون دولار على مدى خمس سنوات، لتمكين إسلام آباد من محاربة الفقر والتطرف. ووقعت أحداث لاهور في اليوم الحادي عشر لهجمات شنتها الحركة في كل المناطق بما فيها العاصمة إسلام آباد كما استهدفت مقر قيادة الجيش في راولبندي المجاورة. وأرفقت «طالبان» هجماتها في لاهور بعملية انتحارية في مدينة كوهات جنوب بيشاور، وتفجير سيارة مفخخة داخل مجمع سكني حكومي في إقليم بيشاور، ما أسفر عن مقتل طفل وجرح ستة مدنيين آخرين. وناهزت حصيلة هجمات «طالبان» في 24 ساعة، أربعين قتيلاً وعشرات الجرحى، فيما تصاعدت المخاوف في المدن الباكستانية من فصل آخر لهجمات واسعة للحركة، بهدف ضرب الاستقرار ومنع الجيش من بدء حملته جنوب وزيرستان التي طال الحديث عنها خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وقتل 11 شرطياً في كوهات حيث هاجم انتحاري بسيارته المفخخة بوابة مركز أمني مكلف ملاحقة عناصر «طالبان» الآتين من منطقة القبائل. وأعلنت الحركة مسؤوليتها عن الهجوم الذي اعتبرته رداً على دور شرطة مدينة كوهات في التحقيق مع العناصر القبلية والتضييق عليها، والتعاون مع الأجهزة الأمنية الأميركية عبر إعطائها معلومات عن أماكن قادة الحركة وعناصرها في منطقة القبائل، ما يسهّل استهدافهم بغارات تشنها طائرات أميركية من دون طيار. وتزامن ذلك مع الإعلان عن غارة أميركية على موقع في ميران شاه شمال وزيرستان، أسفرت عن 5 قتلى و7 جرحى. كما واصل الجيش الباكستاني قصف معاقل الحركة في شمال غربي باكستان موقعاً 27 قتيلاً. وبعد ساعات على هجمات لاهور، أكدت وزارة الداخلية، تمكن الجيش وعناصر القوات الخاصة التابعة للشرطة من استعادة السيطرة على مباني الأجهزة الأمنية في المدينة وقتل المسلحين المهاجمين الذين لم يُعرف عددهم بالتحديد. وأشار قائد الشرطة في لاهور برويز راتهور إلى وجود عدد من النساء من بين هؤلاء، لافتاً الى أن عناصر «طالبان» كانوا يرتدون أحزمة ناسفة ما يؤكد أن الهجمات انتحارية ولم يكن هدفها خطف رجال أمن والتفاوض لإطلاق أسرى من المقاتلين القبليين، كما حصل في العملية التي استهدفت السبت الماضي، مقر قيادة الجيش في راولبندي، إذ أشار الناطق باسم القيادة العسكرية إلى أن المهاجمين كانوا يريدون خطف ضباط بارزين للتفاوض على إطلاق معتقلي الحركة لدى الجيش. ورأت مصادر أمنية ان استهداف المراكز الأمنية في لاهور، وقبلها مقر قيادة الجيش في راولبندي، أظهر ثغرات خطرة في عمل الأجهزة الأمنية تمكنت الحركة من استغلالها لرصد أهدافها والدخول إليها. وقال ل «الحياة» مسعود شريف ختك المدير السابق لجهاز الاستخبارات العامة، عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الحاكم، أن عمليات «طالبان» في عمق البنجاب تشكل رسالة تحذير خطرة للسلطات. واعتبر أن خطورة الوضع الأمني تستدعي البحث عن حل سياسي وليس عسكرياً لمشكلة المتشددين في مناطق القبائل. وأعلن القائد الهولندي لقوات الحلف الأطلسي في جنوبأفغانستان، أن الحلف بحاجة الى 10 - 15 ألف جندي إضافي في هذه المنطقة للتصدي لمقاتلي «طالبان».