أكدت واشنطن سعيها الى «حوار من دون شروط مسبقة» مع طهران، من خلال مجموعة الدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والمانيا)، وصولاً الى تفاهم يتيح لإيران تطوير برنامج نووي سلمي، وينزع فتيل الأزمة بين الجانبين، فيما اقترحت إسرائيل على الولاياتالمتحدة تحديد مهلة لهذا الحوار، لئلا تستفيد منه إيران في كسب الوقت، وجمع مواد تكفيها لتطوير قنبلة نووية. ولوحظ ان التصريحات الإسرائيلية أسقطت من الحساب مبدأ ضرب منشآت نووية إيرانية. جاء ذلك في وقت ارتسمت ملامح سياسة أميركية جديدة حيال طهران تميز بين «حقها» في امتلاك قوة نووية سلمية، وبين الرفض القاطع لإيران «مسلحة نووياً»، الأمر الذي أشار اليه الرئيس الأميركي باراك اوباما في خطابيه في براغ وأنقرة أواخر الأسبوع الماضي. وأبلغ مسؤول أميركي «الحياة» أمس، ان هذا التحول في الموقف أدى الى إعلان الخارجية الأميركية هذا الأسبوع استعداد وليام بيرنز نائب وزيرة الخارجية ل «التفاوض مباشرة» مع الجانب الإيراني في الاجتماعات المقبلة لمجموعة الدول الست، سعياً الى حل ديبلوماسي للأزمة، أو «في أدنى حد، امتحان نيات إيران» ومدى صدقية تأكيدها أنها تسعى الى طاقة نووية سلمية فحسب. (راجع ص 7) وأوضح المسؤول الأميركي ان الرغبة في إنجاح التفاوض، دفعت واشنطن الى التخلي عن شرط مسبق للحوار، هو وقف طهران تخصيب اليورانيوم، وتحويل هذا الشرط الى «هدف» تسعى الإدارة الأميركية الى تحقيقه في المدى المنظور عبر التفاوض. كما لمح المصدر الى انفتاح الإدارة على إجراء اتصالات مع طهران خارج نطاق مجموعة الدول الست، «اذا كان ذلك يخدم المصالح الأميركية». ولوحظ تضارب في الموقفين الاميركي والفرنسي من إعلان الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد استكمال بلاده دورة إنتاج الوقود النووي، اذ بدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مشككة في صحة هذا الإعلان، في وقت وصف الناطق باسم الخارجية الفرنسية أريك شوفاليه تلك التصريحات بأنها «مثيرة للقلق»، وقال ان باريس «ستنتظر تقويم الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من اعلان» طهران. وكان نجاد أعلن ان بلاده «اختبرت نوعين جديدين من أجهزة الطرد تفوق قدرتهما بأضعاف قدرة الأجهزة العاملة حالياً»، فيما أعلن رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة النووية غلام رضا اغازاده، ان بلاده نصبت «نحو سبعة آلاف جهاز طرد على ان يرتفع العدد الى خمسين ألفاً». في تل أبيب، اقترح وزير التنمية الإسرائيلي سيلفان شالوم ان تحدد الولاياتالمتحدة «مهلة زمنية» للحوار الرامي الى إقناع إيران بالتخلي عن برنامجها النووي، وقال تعليقاً على اقتراح واشنطن بدء حوار مع طهران: «علينا التفكير معاً في المهلة الزمنية لهذا الحوار». وأشار شالوم في تصريح الى الإذاعة العسكرية في تل أبيب، الى ان رفض امتلاك ايران السلاح النووي ليس موقفاً اسرائيلياً فحسب، بل «حتى الدول العربية وأوروبا والولاياتالمتحدة، لن تقبل بذلك». وأعرب عن تشاؤمه بفرص إقناع طهران بالسبل الديبلوماسية، مبدياً خشيته من ان يكون «الحوار مضيعة للوقت». واعتبر ان ضربة عسكرية يجب ألا تكون الخيار البديل في حال فشل الحوار، بل «الضغوط الاقتصادية على طهران والتي أتت بنتائج في جنوب أفريقيا (لإلغاء نظام الفصل العنصري) وليبيا وبدرجة أقل في كوريا الشمالية». وأفادت صحيفة «هآرتس» ان الملف النووي الإيراني سيكون في صلب محادثات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في واشنطن الشهر المقبل.