لا تزال كلمات احد المسؤولين الرياضيين في منطقتنا الخليجية «تزن» في أذني عندما التقيته في مدينة دبي، حرفياً ما زلت أتذكر هذه الجملة: «نحن في الخليج ينضحك علينا بس بمزاجنا»! ثم استدرك قائلاً: «اقصد البعض منا وليس الكل». الجملة التي قالها مؤلمة جداً، بيد أنها حقيقية بعض الشيء، فهناك الكثير من المواقف التي جرت وتجري ولا تزال، تظهر لنا هذه الحقيقة المؤلمة. لكنني أرغب أن أجملها قليلاً وأقول إننا في الخليج عاطفيون إلى حد كبير، ومن الممكن أن تؤثر فينا أية كلمة أو فعل يصدر من شخص يرغب في استغلال الشارع الرياضي إلى جانبه. الفرنسيون يجيدون التعامل مع المواقف بطريقة عاطفية أكثر من أن تكون عملية.. لذا كان من الطبيعي ان يستغل الفرنسي برونو ميتسو، المدرب الحالي لمنتخب قطر وسابقاً لمنتخب الإمارات عاطفتنا الجياشة، وكلما تقافز من بلد الى آخر، يضع كلماته في قالب عاطفي، يتحدث عن الأحلام... الأطفال... حبه للمجتمع... الخ من المواضيع التي يرق لها القلب قبل ان يعتمدها العقل. بالطبع لا انسى قصة دخوله الى الاسلام ودور زوجته السنغالية في قيادته من الظلمات الى النور، تلك القصة تناولتها وسائل الاعلام في الخليج بطريقة ايضاً عاطفية، وصورت لنا قصة دخول ميتسو الى الإسلام بانها من القصص الخالدة في الحضارة الاسلامية... تكاد تنفع ان تكون كتاباً ينشر لنتعلم منه حقيقة ديننا الحنيف من خلال الأخ العزيز ميتسو. لاحظ عزيزي القارئ أنني لا اتحدث عن الامور الفنية، بل أتحدث عن اننا كإعلام خليجي اعطينا ميتسو أكثر من حقه و «زيادة» عندما تناولنا حياته الشخصية، فعندما أشهر برونو ميتسو وزوجته إسلامهما بشكل رسمي بدائرة أوقاف دبي قبل «خليجي 18» بخمسة أشهر، وقيامه بتغيير أوراقه الرسمية وجواز سفره وفق اسمه الجديد (عبدالكريم)... هلل الاعلام الاماراتي لهذا الحدث العالمي، مؤكداً ان هذا الامر سينعكس على الابيض الاماراتي. وبعد الفوز ب «خليجي 18» كتب احد الصحافيين مقالاً عن ميتسو، شعرت من خلاله بانه يستحق الجنسية الاماراتية! فقد شرح ان ميتسو زهد العيش في الفلل الفخمة في أبرز مناطق دبي، وانه اختار فيلا عادية باحدى الاحياء الاماراتية، لشعوره بانه منتم لهذا المجتمع، وايمانه بانه لا يستطيع ان يستغني عن الامارات، وان أهل هذا البلد هم أهله والاحلام والاطفال وكلام الى آخره يذكرني باحد الامثال الخليجية: «خريط مجمع... تعال وتسمع»! نهاية الحكاية أن ميتسو ترك المجتمع الذي قيل انه ينتمي اليه... ترك الفيلا العادية وترك الاحلام والاطفال وترك أهله بالامارات بطريقة سخيفة، وحوّل حب الاماراتيين الى كره، فلقد اتضح لنا انه يحب قطر وأهلها والفلل العادية هناك، وانه ينتمي للمجتمع القطري، ولديه أحلام هناك ويحب الأطفال هناك... والغريب ان الاخوة في قطر تعاملوا معه كما تعاملنا نحن! بين القوسين - نحن «عاطفيون» الى حد كبير في مجال العمل، ما جعلنا نخشى ان «نزعل» أمثال ميتسو. - بالمناسبة... حالياً ميتسو يتعامل رسمياً باسم «برونو» وليس «عبدالكريم».