في وقت واصل معارضون لقرار حظر جزئي لارتداء النقاب في الكليات الأزهرية والمساكن الجامعية حملاتهم المناهضة له سعياً لإلغائه، بدأ مسؤولون حكوميون محاولات حثيثة لتهدئة السجال المتوتر منذ أسبوع. وكانت الأزمة بدأت بطلب شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي من طالبة تدرس في معهد أزهري خلع نقابها، ثم أعقب ذلك قرار من المجلس الأعلى للأزهر وجامعات مصرية يحظر ارتداء هذا الرداء الديني داخل الفصول الدراسية للفتيات وفي مدن السكن الجامعية.وتبنى حقوقيون وأعضاء في جماعة «الإخوان المسلمين» أول من أمس دعوتين قضائيتين اختصموا فيها شيخ الأزهر ووزير التعليم العالي ورئيس جامعة القاهرة، وطالبوا بإلغاء قرار حظر ارتداء النقاب، واعتبروا أن هذا القرار يمثل «تمييزاً واعتداء على الحرية الشخصية، وهو ما يُعد مخالفة للدستور والقانون في مصر»، فيما تبنى التلفزيون الرسمي حملات للمدافعة عن القرار، إذ خرج مسؤولون حكوميون يؤكدون أن القرار ليس مخالفاً للشريعة الإسلامية وجاء في المصلحة العامة وحفاظاً على أمن الطالبات داخل مساكنهن. وأكدت وزيرة الأسرة والسكان مشيرة خطاب أن قضية النقاب لن تحل بقرار أو قانون، ولكن بقناعة تامة من المواطنين أنفسهم. وأشارت إلى أن هناك حالات متكررة لرجال تخفوا فى زي النقاب وتغلغلوا وسط تجمعات الفتيات، ما يشير إلى أن ذلك قد يؤدي إلى إيذاء المرأة بأن يندس بين تجمعاتها الرجال من ضعاف النفوس. وقالت خطاب على هامش افتتاحها ورشة عمل التدابير التربوية البديلة للاحتجاز «إنه إذا واجهنا قضية النقاب بقوانين إدارية، سنفشل في حلها والأسلوب الأمثل لذلك هو الإقناع والحوار». وأكدت «ضرورة أن يكون هناك حوار حر في المجتمع حول الدوافع التي أدت إلى ارتداء الفتيات للنقاب»، ورفع وعي المجتمع تجاه هذه القضية إذ يركز الخطاب الإعلامي لدى تناوله مثل تلك القضايا على الشكل الخارجي، ولا يتطرق إلى المضامين. وأوضحت أن الوسيلة الفاعلة للرد على النقاب تنبع من المجتمع المدني. وأكد رئيس جامعة الأزهر الدكتور أحمد الطيب أن النقاب ليس حراماً أو مكروهاً ولكنه مباح وفقاً لما أقرته الشريعة الإسلامية والمذاهب الفقهية، وهو عادة من العادات كالزي العربي القديم، وأما الفريضة فهي الحجاب. وشدد على أن علماء الأزهر ليسوا ضد النقاب. وقال الطيب في حواره مع عدد من طالبات جامعة الأزهر حول النقاب «إن الجامعة هي محراب العلم والتحصيل، مطالباً بعدم ارتداء النقاب داخل المدينة الجامعية أو أثناء أداء الامتحانات وعدم الانسياق وراء الفتن ومروجي الأفكار الهدامة». وأشار إلى أن الجامعة ستخصص مشرفات وحرساً نسائياً للتأكد من حسن سير العملية التعليمية في إطار جهودها لتقديم العلم النافع والفهم السليم لتعاليم الدين الإسلامي كمؤسسة تعليمية تربوية، ولن تسمح بأي تجاوزات في هذا الموضوع. وشدد الدكتور عبدالله الحسني نائب رئيس جامعة الأزهر خلال الحوار ذاته على «حرص الجامعة على مصلحة أبنائها الطلاب والطالبات وتسهيل كل الإجراءات لتخفيف الأعباء على أولياء الأمور وتسهيل العملية التعليمية في إطار دور الجامعة كمؤسسة تعليمية وتثقيفية لها مكانتها وخصوصيتها وثوابتها». ولفت الحسيني إلى أن خريجي الأزهر هم سفراء للدين الإسلامي الوسطي المعتدل في مصر والخارج، ولن تسمح الجامعة لأي جهة بأن تخترق فكرها الوسطي وهويتها الإسلامية الأزهرية. وبدوره، أكد الدكتور محمد عبد الفضيل القوصي نائب رئيس الجامعة سابقاً خلال لقائه الطالبات «أن التوسط هو الحجاب وهو المأخوذ به شرعاً وليس النقاب»، و«أن ما قرره المجلس الأعلى للأزهر أخيراً في شأن النقاب ينبع من الشرع وجمهور الفقهاء ومن الموازين الشرعية المعتبرة ومن حكمة الإسلام أن النقاب ليس مفروضاً ولكنه مباح وفق آراء الفقهاء».