على رغم أن مراسم العزاء لا تزال مرهونة بتسلم جثث المتوفين في الحادثة التي هزت محافظة الطائف أول من أمس، إلا أن ملامح الحزن والأسى والذهول خيمت أمس على أبناء منطقة السر جنوب المحافظة بعد أن بهتهم إطلاق النار العشوائي من أحد أبناء المنطقة على أشخاص كانوا في استراحة لتناول العشاء، موقعاً قتيلين وأكثر من 10 إصابات. وكشفت مصادر أمنية ل«الحياة» أن جهات التحقيق تحفظت على ذوي الجاني كإجراء احترازي للحيلولة دون حصول تداعيات للموقف، أو حوادث انتقام، حتى يتم التوصل إلى حل يحدد مسار ملف القضية. وأكد الناطق الإعلامي في صحة الطائف بالإنابة سراج الحميدان ل«الحياة» أن ثلاثة من المصابين لا يزالون يتلقون العلاج في مستشفى الملك فيصل بعد مغادرة المصاب رائد السواط، متوقعاً خروجهم خلال الأيام الثلاثة المقبلة. وأشار إلى أن الإصابات تراوحت بين متوسطة وطفيفة، موضحاً أن جميع المنومين تحت حراسة أمنية مشددة منعت عنهم الزيارة باستثناء أشقائهم. وقال الحميدان «إن جثث المتوفين تم التحفظ عليها في ثلاجة الموتى في مستشفى الملك فيصل حتى انتهاء التحقيقات والاجراءات الأمنية في هذا الجانب». بدوره، أوضح المدير الطبي لمراكز القوات المسلحة للرعاية النفسية الاستشاري النفسي الدكتور عبدالحميد هاشم رداً على سؤال ل«الحياة» عن تحول الإنسان إلى قاتل فجأة، أن الغضب الشديد جراء تعرض الإنسان لألفاظ جارحة تجعل الانتقام هدفه الرئيس. ولفت إلى أن الغدة الكظرية تفرز مادة «الأدرينالين» في الدم عند الغضب ما يتسبب في ارتفاع ضغط الدم وسرعة ضربات القلب واندفاع في السلوك العدواني وعدم التفكير في اتخاذ القرار. وقال أحد زملاء الجاني ل«الحياة»: «إن علاقة صداقة تربطني به منذ خمس سنوات، وصدمت بخبر تحوله إلى قاتل إذ كان يشاركنا جلسات السمر في المتنزهات، وعرفته خلال تلك السنوات ذا سلوك متزن تجاه الآخرين ويضمر لهم كل احترام». وأضاف: إن الجاني حصل على تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي في منطقة شقصان، وتخرج في الكلية الصحية قبل سنتين، فجرى تعيينه بوظيفة ممرض في المنطقة ذاتها، ليتم نقله فيما بعد إلى مركز صحي السحن الواقع على بعد 60 كيلومتراً تقريباً، إلا أنه ظل يعيش مع والديه واشقائه في منزلهم في شقصان، لافتاً إلى أن والده طاعن في السن ومتقاعد من إحدى القطاعات العسكرية قبل سنوات عدة. تدهور حال أحد المصابين وقال متعب السواط شقيق المتوفى في الحادثة أحمد معيوض السواط ل«الحياة» إن والده دخل في وضع صحي صعب أمس، ما دفع إلى إحضار الطبيب إلى المنزل لمعاينته وإعطائه العلاج اللازم. وأضاف أن شقيقتان للمتوفيين نقلتا إلى المستشفى جراء الصدمة التي تعيشها أسر الضحايا. وقال: «شهد منزلا والدا المتوفيين شقيقي وزميله فارس مسعود السواط توافد عدد من الشيوخ وأهل الخير لتهدئة الوضع ومشاطرتنا الحزن»، لافتاً إلى أن العزاء لن يبدأ حتى يتم الدفن.