مع انطلاق مباريات دوري أبطال آسيا لكرة القدم ستخوض أربعة أندية سعودية منافسات البطولة التي كان الدخول إليها أشبه بالخروج من عنق الزجاجة، على اعتبار أن الشروط التي فرضها الاتحاد الآسيوي على الاتحادات في القارة كانت في حاجة إلى رغبة جادة بالعمل على تحقيقها والإيمان أولاً بجدواها... وحقيقة يحسب للاتحاد السعودي رغبته في تلبية شروط المشاركة في البطولة الجديدة وبالتالي منح الأندية فرصة الظهور في المنافسات القارية، وللحق أيضاً يحسب للاتحاد الآسيوي مرونته في تفهم أوضاع بعض الدول ومنحها فرصة المشاركة في مقابل وعود بتطبيق المعايير المطلوبة. ومن ضمن الاشتراطات التي فرضها الاتحاد الآسيوي على الدول الراغبة في المشاركة في منافسات دوري أبطال آسيا تجهيز الملاعب بتقنيات حديثة وتوفير شروط السلامة والراحة للمتفرجين، ولأن الملاعب السعودية بمدرجاتها الخرسانية وأسلاكها الشائكة كانت في حاجة إلى استثناء، قام الاتحاد الآسيوي بمنح نظيره السعودي فرصة لترميم منشآته الرياضية من خلال تركيب الشاشات الإلكترونية والمقاعد البلاستيكية، فضلاً عن توفير الخدمات اللازمة من أجل راحة المتفرجين وسلامتهم، غير أن ذلك الاستثناء الموقت تسبب مع الأسف في تأخير خطوات الترميم بل وفي اختفاء مظاهره، فالإنجاز الذي تحقق حتى الآن يتمثل بتركيب مقعد بلاستيكي واحد في إستاد الأمير فيصل بن فهد قبل نحو ستة أشهر، ما يعني أن تركيب 20 ألف مقعد ربما يتطلب الانتظار عشرة آلاف سنة، وإن كنت أنصح بإزالة ذلك المقعد البلاستيكي حتى لا يتم تصنيفه من عجائب الدنيا السبع مستقبلاً، أو حتى لا يصبح مستقبلاً مزاراً لتحية المشجع المجهول! والطريف أن التأخير في تطوير المنشآت الرياضية بات يقابل برضا تام من الوسط الرياضي، لأن المشجعين يجدون متعة في الجلوس على المساطب الخرسانية ووضع السجادات وورق الجرائد لحماية ملابسهم من الأرضيات المتسخة، وهم لا يجدون في غياب النظافة عن دورات المياه والممرات الضيقة ما يحول من دون البقاء في الملعب لثلاث ساعات ومشاهدة مباراة في الدوري المحلي، ولعل الأغرب من ذلك أن سكان مدينة جدة غير متحمسين لبناء ملعب جديد بالسرعة التي كانوا يطالبون بها، خصوصاً أنهم ما زالوا في جدل حول موقع الملعب ما بين مطالب بنقله إلى جنوبجدة، ومطالب بتثبيت موقعه في شمال جدة، ولم يناقش أحد أمر تصميم الملعب والشكل الهندسي الذي يفترض أن يكون قد أعلن وظهرت صوره، فضلاً عن مناقشة بدء البناء وموعده وتكاليف الإنشاء وهي أمور ما زالت غيبية لا يعلمها إلا الله، من شأنها تأجيل البدء في الإنشاء لسنوات طويلة، ناهيك أن فترة بناء الملعب ستستمر لنحو عشر سنوات على اعتبار أننا لا نعترف بسرعة الإنجاز! ندرك تماماً أن هناك من لايرى ضرورة للصرف على الرياضة على اعتبار أنها نوع من الترف، ومن هنا تأتي معاناة الرياضيين عموماً والقيادة الرياضية خصوصاً، وهي بالمناسبة معاناة توازي بدايات التراجع للرياضة الكويتية التي قطع عنها الدعم في فترات على اعتبار أنها ترف... وحقيقة لا نريد العودة إلى تجارب خاسرة ونترك كثيراً من الأمثلة التي يحتذى بها في الدول الخليجية المجاورة، لأن الرياضة باتت عنواناً لتقدم الشعوب ورقيها، وليس كثيراً على الرياضة السعودية أن تجد من يمنحها الدعم الذي تستحقه، والذي يمنحها على الأقل ترميم بنيتها التحتية وتجميل صورتها من خلال منشآت جديدة توازي تطلعات الشارع السعودي.