أثار موقف لشيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي بدا فيه رافضاً ارتداء النقاب ومنع المنتقبات من دخول المدن الجامعية للفتيات، جدلاً واسعاً في مصر وصل إلى حد اعتبار بعضهم أن هناك «إعلان حرب على النقاب». وتخطى هذا الجدل الساحة المصرية لتطاول شيخ الأزهر انتقادات من النائب الكويتي السلفي محمد هايف الذي اعتبر أن موقف الدكتور طنطاوي «أمر مخجل يخرج على أدب العلماء وروح الاتقياء». وأضاف هايف للصحافيين في الكويت أن «شيخ الأزهر عرف عنه فتاواه الشاذة وغرائبه المثيرة التي هي بعيدة كل البعد عن العلم وأهله». وكان شيخ الأزهر طلب من طالبة في الصف الثاني الاعدادي (13 سنة) في معهد أزهري أثناء جولته لتفقد المعاهد الأزهرية قبل بدء العام الدراسي، خلع النقاب، وأكد أنه يعتزم منعه في الفصول الدراسية في المعاهد الأزهرية. ونُقل عن الشيخ طنطاوي قوله إن «النقاب مجرد عادة ولا علاقة له بالدين». وتظاهرت أمس طالبات أمام المدينة الجامعية في الأزهر بسبب رفض السماح لهن بالسكن الجامعي، بعد يومين من احتجاج مماثل قامت به عشرات المنقّبات في المدينة الجامعية لجامعة القاهرة ضد وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي هاني هلال الذي أعلن رفضه ارتداء النقاب في المدن الجامعية، وهو أمر اعتبرته الطالبات اعتداء على الحرية الشخصية. وقال الناطق باسم جماعة «الاخوان المسلمين» في مجلس الشعب النائب حمدي حسن لوكالة «فرانس برس»: «لا يمكن أن يبقى طنطاوي في منصبه، انه يسيء إلى الأزهر في كل مرة يتكلم فيها». وأضاف «لماذا يحظر الأزهر ارتداء النقاب، ان هذه التلميذة تدرس في معهد ديني وليس في معهد للرقص الشرقي». كذلك انتقد القيادي في «الجماعة الإسلامية» عصام دربالة موقف شيخ الأزهر، وقال: «إن هناك أكثر من مذهب من المذاهب الفقهية الأربعة يُوجب النقاب ... من رحبوا بموقف الشيخ نفر من أصحاب دكاكين حقوق الإنسان الذين يوظفونها لزرع الفتنة الطائفية». وأضاف: «عند الخوف من فتنة المرأة أو شيوع الفساد فيجب على المرأة ستر وجهها»، داعياً الطالبات إلى رفع دعاوى قضائية لإلغاء القرارات «الجائرة على حقوقهن والخاطئة قانونياً». وطالب بإقالة شيخ الأزهر. لكن وكيل الأزهر السابق عضو مجمع البحوث الإسلامية الشيخ محمود عاشور رأى أن «النقاب ليس مفروضاً أو مرفوضاً، وهو عادة وليس عبادة»، مضيفاً: «من أرادت أن ترتدي النقاب فمن حقها أن ترتديه بشرط ألا تفرضه على الأخريات، وإذا ذهبت إلى مكان يتطلب الدخول إليه أن ترفع النقاب عن وجهها، أو أن تخلعه فيجب عليها أن تقر بذلك». ودان مركز «سواسية» لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز موقف شيخ الأزهر. وقال في بيان إن «ما قام به شيخ الأزهر من اضطهاد للفتيات المنقبات تكرر مرة ثانية في جامعة القاهرة، إذ قامت إدارة الجامعة بمنع الطالبات المنقبات من الالتحاق بالمدينة الجامعية للبنات، بدعوى تقليل أعداد الطالبات الملتحقات بالمدينة، وتخصيص الأماكن الشاغرة لعزل أي طالبة تصاب بأنفلونزا الخنازير بها، وذلك على رغم قدوم هؤلاء الطالبات من محافظات مختلفة، وعدم وجود مأوى لهن في القاهرة»، واعتبر المركز أنه «لا يوجد سبب حقيقي لمنع المنتقبات من دخول المدينة الجامعية إلا أن تكون سياسة عامة للدولة تهدف من ورائها الى محاربة الزي الإسلامي ممثلاً في النقاب». واعتبر الأزهر، من جهته، أن الجدل المتفجر حول النقاب على خلفية موقف الشيخ طنطاوي «مصطنع». وقال الناطق باسم مشيخة الأزهر أحمد توفيق ل «الحياة» إن أي قرار لم يصدر حتى الآن بمنع ارتداء النقاب داخل المعاهد الأزهرية «لكن الحديث يدور عن منع ارتداء النقاب داخل الفصول الدراسية للفتيات فقط ... الأزهر ليس فيه اختلاط ومن ثم لماذا النقاب ... ومع ذلك لم يتخذ قرار رسمي في هذا الصدد»، وأضاف توفيق أن الإعلام ضخّم واقعة الفتاة التي تحدث إليها شيخ الأزهر وقال إن حقيقة الأمر أنه حين وجد فتاة منتقبة في فصل للفتيات فقط طلب منها خلع النقاب طالما هي وسط زميلاتها ومدرّساتها وقال لها «لا لزوم لارتداء النقاب وسط أخوتك الفتيات وإن كنت تريدين ارتداءه في الشارع في ملعب المعهد فلك الحرية». مشدداً على أن شيخ الأزهر لم ينهر الفتاة ولم يأمرها بخلع النقاب كما صوّر الإعلام لكنه أكد ضرورة التزام الطالبات بالزي المدرسي من دون تشدد أو مغالاة.