كل من يقوم بعمل، يتطلب أن يكون له رؤيا يبني على هذه الرؤيا مهمة، ومن هذه المهمة يعرف ماذا يريد، ويستنبط من هذه المهمة خطة يسير عليها، ليصل لهدفه ويحقق رؤياه. هذا الأمر الطبيعي الذي يسير عليه أهل المنهجيات العصرية، وحتى غير العصرية! ولا يوجد حتى الآن أحد في التاريخ القديم ولا الحديث حقق أمنياته التي يصبو إليها، من دون رؤيا تعبر عن مراده وعمّا يريده، ومهمة واضحة، وخطة واضحة يستطيع كل من له علاقة بالموضوع أن يعرف إجابة لكل سؤال يحتوي على كيف ولماذا ومتى وأين وبكم؟! أنا لن أخوض مع الخائضين في ما يخص منتخبنا الوطني الذي مر ويمر خلال هذه الحقبة بظروف عصيبة وحساسة. ليس لأنه يعتبر فرصة لكل متصيّد “ما عنده شغل”، أو أنه صيدة سهلة لكل متربص ومترصد يتمنّى فشل منتخب بلاده لأسباب شخصية، ولكن لأن الحديث في أمر قصير المدى، لا ينفع ولا يجدي ولا يسمن من جوع. أمنيتي أن يتم جلب أهل الرأي من الغيورين لسماع آرائهم في ما يخص مستقبل الرياضة السعودية لما يخص الأجيال القادمة وما بعدها، وليس لنتأهل لكأس العالم المقبل، أو حتى ما بعد المقبل! أمنيتي أن نعي ونعرف أن موضوع منتخبنا، ليس موضوع جهاز تدريبي أو إداري وحسب، ولكن يجب أن نعترف، بأن الجاهزية والتكوين اللازمين للاعبي منتخبنا، على رغم أنهما جيدان جداً لبعض عناصره على المستوى الفردي، إلا أننا يجب أن نعترف، أن المنتخبات التي كانت أصغر وأضعف منا قبل أعوام كثيرة، بدأت تلعب في حسبتنا!.. وهذا لم يقله أحد! هذا هو ما حدث ويحدث على أرض الواقع. ويجب علينا الاعتراف به، من دون غضب ولا اتهامات متبادلة في ما بين طرف وآخر. العقل يقول، إن كل آلية تصحيحية للأمور، ليست ذا نهج استراتيجي طويل الأمد، هي آلية حل شبيه لمسكنات الآلام، لا أكثر ولا أقل! فلو كان تسكين الآلم يمثل رؤيتنا، وسنبني مهمتنا على هذا الأساس، ونضع خططنا لهذا الأمر! فلا بأس! لتغير الأجهزة التدريبية بعد كل تجربة فاشلة، ولنغير بعض لاعبي المنتخب بعد كل هزيمة ولنجرب ونجرب ونجرب ونتمتع ونرجو، ونقف على أطراف أصابعنا ونمكث على أعصابنا ونحلم ونألم ومن الهم لا نسلم. ولكن، إن كانت رؤيتنا تتمثل باستئصال الورم من جذوره، وتكريس المضادات اللازمة التي تحل المشكلة من الجذور، وسنبني مهمتنا على أساسها، ونضع خططنا للوصول لها! فهنا يجب علينا أن نفصل عملنا لخطتين رئيسيتين، واحدة تخطط لما يمكننا فعله لحفظ ماء الوجه في خطة قصير الأمد تحاول الاحتفاظ بصورة جيدة لرياضاتنا السعودية بقدر الإمكان عن طريق الجيل الحالي، وخطة أخرى متوازية تركز على الأجيال القادمة، تكون رؤيتنا فيها واضحة بأننا نريد أن نضع قدم الرياضة السعودية على أعلى مستويات الخريطة الرياضية العالمية! وتكون مهمتنا وقتها أن نعمل على رصد موازنة سنوية قوية وكبيرة لتجهيز رياضيين نموذجيين من أطفالنا في الصفوف الابتدائية، وليس حتّى المتوسطة، لنستخرج منهم رياضيين نموذجيين جاهزين بدنياً وذهنياً وثقافياً لما يغنينا عمّا نحن فيه من مهاترات وتقاذف وتحاذف. بُحّت أصوات العقلاء! فهل من منصت؟! [email protected]