تشهد الدوحة اليوم القمة الخليجية ال35، وهي الأولى من نوعها منذ نجاح المصالحة الخليجية التي رعاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قمة الرياض الاستثنائية الأخيرة، وسيفتتحها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بكلمة يؤكد فيها دعم العمل الخليجي المشترك. وترى مصادر خليجية رفيعة المستوى تحدثت ل«الحياة» أن «عقد القمة في موعدها في الدوحة يشكل إنجازاً كبيراً للعمل الخليجي المشترك، وتعبيراً عن قدرة دول المجلس على تجاوز الخلافات البينية، وتأكيداً على نجاح المصالحة الخليجية»، وأضافت أن «مستوى تمثيل الدول عال ومنطقي ويعبر عن روح قمة الرياض الاستثنائية»، ولعل أبرز الملفات المطروحة على جدول الأعمال الملف الأمني، إضافة إلى درس تقرير متابعة في شأن تشكيل القيادة العسكرية الموحدة التي سبق إصدار قرار بتشكيلها، وسيكون مقرها الرياض. وعلمت «الحياة» أن وزراء الخارجية سيعقدون اجتماعاً «تكميلياً» قبيل القمة بساعات لوضع اللمسات الأخيرة على جدول الأعمال والبيان الختامي «للقمة التي ستختتم في اليوم نفسه». وأكدت مصادر خليجية متطابقة ل«الحياة»، أن أبرز ملفات القمة يكمن في «الملف الأمني»، وتسعى دول مجلس التعاون الست إلى تعزيز تعاونها في مجال مكافحة الإرهاب، والحفاظ على أمن واستقرار دول المنطقة بإيجاد آليات تعاون جديدة وفعالة، وعلمت أن «الرسالة الرئيسة للقمة تكمن في أنه إضافة للجهود العسكرية الدولية والإجراءات الأمنية، فإنه يجب مواجهة أفكار التطرف والتشدد وتجفيف جميع مصادر تمويل الإرهاب». وستؤكد الدول الست تضامنها وتعاونها في شأن دعم الأمن والاستقرار ومواجهة الإرهاب والتطرف، خصوصاً أن الإرهاب بات يهدد دول المنطقة في ضوء تدهور الأوضاع في اليمن وسورية والعراق وليبيا. وأكدت المصادر أن القمة ستدرس «تقرير متابعة في شأن تشكيل القيادة العسكرية الموحدة التي سبق إصدار قرار بتشكيلها، وسيكون مقرها الرياض، وسيعرض الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبداللطيف الزياني تقريراً حول تنفيذ إنشاء الشرطة الخليجية. وقالت المصادر إن «ملف تدهور أسعار النفط يمثل ملفاً يثير مخاوف دول خليجية تخشى من حدوث مفاجآت في السوق النفطية»، كما يشكل ملف دعم التكامل الاقتصادي وضرورة تجاوز عقبات تحول دون تطبيق المواطنة الخليجية بشكل شامل جانباً من أولويات القمة، التي تركز أيضاً على تعزيز التعاون العسكري بين دول المجلس. وعلمت «الحياة» أن «تقدماً» حدث في شأن موضوع القيادة العسكرية الموحدة الذي تم إقراره منذ عامين، وهو يهدف إلى «ربط إلكتروني بين القوات البرية والبحرية والجوية في دول المجلس»، ومعلوم أن قوات «درع الجزيرة» تشكل عنوان تعاون مشترك بين قوات برية خليجية، وفيما أكدت المصادر أن القمة ستدرس موضوع «القيادة العسكرية الموحدة»، أكدت أن هناك «تقدماً حدث أيضاً في ملف تكوين الشرطة الخليجية». وأكد مصدر خليجي ل«الحياة» أن «ملف الخلافات الداخلية بين دول المجلس تم تجاوزه»، في إشارة إلى «اتفاق حول موضوع عدم دعم الإخوان المسلمين الخليجيين». وفي شأن ملفات خارجية عكرت صفو العلاقات بين دول مجلس التعاون من خلال تباين مواقف بعض دولها، أكدت المصادر أن القادة سيتداولون في لقاءاتهم الاتفاق حول دعم الاستقرار في مصر كما جاء في قمة الرياض الاستثنائية. ورأت المصادر أن «الخلاف القطري - المصري في طور تجاوزه، الآن هي مرحلة إدارة الخلاف». وأوضحت المصادر أن السعودية والإمارات والبحرين تشدد على عدم تقديم أي دعم للإخوان المسلمين المصريين، متوقعة حدوث «تطور» في شأن دعم القاهرة في الفترة المقبلة. وسيحظى ملف «الحوثيين» باهتمام القمة، وعلمت المصادر أن هناك اتفاقاً خليجياً عاماً في شأن رفض التعامل معهم، وقال مصدر إن بيان القمة سيجدد مواقف خليجية تركز على دعم وحدة اليمن واستقراره والحوار بين أبنائه ورفض التدخل في شؤونه واستكمال تنفيذ «المبادرة الخليجية»، كما يمثل ملف العلاقة مع إيران عنواناً في المناقشات. وأكدت المصادر أن القمة ستشدد ضغوطها على إيران في شأن ضرورة حل قضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة والملف النووي، وستدين القمة تدخلات إيران في شؤون داخلية لدول خليجية، وستؤكد أهمية حل الأزمة الليبية بالحوار السياسي بين الفرقاء الليبيين. شاب وشابة يلقيان «كلمة الشباب الخليجيين» في جلسة الافتتاح أدخلت قطر عنصراً جديداً على الجلسة الافتتاحية، في محاولة منها لإعطاء الشباب حضورهم في جلسات القادة، إذ سيلقي شاب وشابة من دولة قطر «كلمة الشباب» في الجلسة الافتتاحية التي ستبدأ في السادسة مساء، ثم يلقي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني كلمته بصفته رئيس الدورة ال35 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي، ويعقب ذلك خطاب لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد (رئيس الدورة ال34 للقمة). وسيلقي الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبداللطيف الزياني كلمة في الجلسة الافتتاحية، ويعقب ذلك في خطوة لافتة عملية تكريم لأمير الكويت تقديراً لأدواره في دعم العمل الخليجي المشترك، وسيلقي كلمة في الجلسة العلنية بعد التكريم. وبعد الجلسة العلنية يعقد القادة جلسة العمل الأولى وسيستمعون إلى تقرير من الزياني، ثم يقيم أمير قطر حفلة عشاء للقادة في الثامنة مساء، ويتزامن ذلك مع حفلة عشاء يقيمها وزير الخارجية القطري الدكتور خالد بن محمد العطية لوزراء الخارجية، فيما يقام «عشاء حر» لأعضاء الوفود. مزوار ل«الحياة»: علاقاتنا مع دول الخليج مميزة ونتعاون معها في مكافحة الإرهاب وجّهت المملكة المغربية عشية انعقاد القمة الخليجية في الدوحة رسالة «شراكة» مع دول مجلس التعاون الخليجي في مواجهة الإرهاب، وأكدت قوة ومتانة العلاقة مع السعودية ودول الخليج، واصفة إياها بأنها «مميزة ولا تشوبها أية شائبة»، منوهة بالعلاقة بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والملك محمد السادس، ومشددة في هذا السياق على التعاون مع الإمارات في مواجهة الإرهاب. جاء ذلك في تصريحات أدلى بها وزير الشؤون الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار ل«الحياة»، إذ أكد أن «المغرب تقدم دعمها لدول الخليج في مواجهة الإرهاب، وأن آخر ما قامت به هو دعم الإمارات في هذا الشأن، والهدف هو مواجهة الإرهاب في عمقه واقتلاع جذوره». وأضاف: «نحن وضعنا آليات ميدانية لمواجهة الإرهاب، والمغرب يسهم إلى جانب الإمارات عبر دعم عسكري لمواجهة المخاطر ومساندة الإمارات»، منوهاً في هذا السياق ب«التعاون النموذجي في المجالات كافة بين دول مجلس التعاون الخليجي». سفير المملكة لدى قطر: «قمة الدوحة» تعقد وسط «مخاطر جسام» قال السفير السعودي لدى قطر عبدالله العيفان إن القمة الخليجية ال35 التي تستضيفها الدوحة اليوم «تنعقد في ظل مرحلة دقيقة وحساسة تمر بها المنطقة، إذ تُحيط بدول المنطقة تحديات ومخاطر جسام، الأمر الذي يعكس أهمية هذه القمة ومُخرجاتها، كما يُبرز حرص قادة دول المجلس على الخروج بالقرارات الكفيلة بمواجهة هذه التحديات، وبلوغ تطلعاتهم وسعيهم الدؤوب نحو كل ما من شأنه خدمة مصالح دولهم»، مشيراً إلى أن رعاية خادم الحرمين الشريفين لقمة الرياض الشهر الماضي، «كانت إيذاناً ومرتكزاً لفتح صفحة جديدة في العلاقات الخليجية، وتوجهاً للكيان الخليجي المأمول». وأكد السفير العيفان في حديث ل «الحياة» أمس، أن الجميع على ثقة بأن مشاركة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز برئاسة وفد المملكة المشارك في أعمال الدورة ال35 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، تأتي لما يتمتع به الأمير سلمان من «حنكة ومعرفة ودراية، وسيكون خير ضامن لنجاح أعمال هذه الدورة وتحقيقها آمال وتطلعات شعوب دول الخليج العربية».