أكد مشاركون في ندوة «غازي القصيبي.. الشخصية والإنجازات»، التي نظمها كرسي غازي القصيبي للدراسات التنموية والثقافية بجامعة اليمامة، في مقر الجامعة بالرياض واختتمت أعمالها الخميس الماضي، أن هموم غازي القصيبي التي شملت مجالات متعددة ما تزال حية، مشيرين إلى أن هذه الهموم ستبقى هي نفسها فترة مقبلة، لأنها تمس الحاجات الأساسية للمواطن والإنسان. وأوضحوا أن الراحل تفاعل مع قضايا عصره حد الألم، وأنه ركز على حاجات الإنسان الأساسية في فكره التنموي. وفي الندوة، التي استمرت يومين، سلط الدكتور عبدالواحد الحميد، في ورقة عنوانها «أنسنة التنمية: الفكر التنموي عند غازي» أدارها الدكتور معجب الزهراني، الضوء على الفكر التنموي في كتابات الدكتور غازي القصيبي، مشيراً إلى أنه عرّف التنمية بأنها درجة من التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، نجحت بعض الدول، دون البعض الآخر، في الوصول إليها. وأشار إلى أن القصيبي ينحاز في فكره التنموي إلى ما يعرف ب«نظرية الحاجات الأساسية» ونظرية «التنمية البشرية»، ويرى أن الحاجات الأساسية للإنسان تشمل المأوى والطعام والعمل والصحة والتعليم والمواصلات، إضافة إلى الحاجات غير المادية، كالأمن والكرامة والحرية. أما الدكتور علي الرباعي فأوضح في ورقة عن كتاب الراحل «حتى لا تكون فتنة»، أن القصيبي أسس منهجاً حوارياً راقياً مع المخالف، وأنه احتج على مخالفيه «بنصوص الشرع وقواعد الدين وأقوال الأئمة والفقهاء المعتبرين في بلادنا، وتجلى حس الاستقراء في طرحه». فيما قرأ الدكتور محمد البنداري مفهوم الغزو الثقافي وأسبابه وأساليب مواجهته عند القصيبى، مشيراً إلى أنه تناول في بعض مؤلفاته ومقالاته ما يتعلق بنواحي الحضارة الإسلامية المختلفة، وفكر المسلمين في جميع دول العالم، وأنه سجل جزءاً كبيراً من سيرته الذاتية، التي بدا فيها مفكراً من طراز فريد، مستشهداً بجملة من مؤلفاته المتعلقة بهذا الجانب، والقضايا الفكرية التي ناقشها والقضايا العربية والإسلامية. في حين أكد الدكتور محمد الرميحي أن غازي القصيبي متعدد المواهب ومتعدد الاهتمامات، وأيضاً متعدد القدرات، «كتابته شاهد على عصره... تحدياته ونذره... فقد تفاعل مع مشكلات عصره إلى حد الألم، كما انفعل بها إلى حد المعاناة، وهو قارئ متبصر واسع المعرفة، إضافة إلى أنه كاتب غزير في إنتاجه، ومتعدد الاهتمامات الفكرية». وفي جلسة أدارها عضو مجلس الشورى محمد رضا نصرالله، استعرض إبراهيم التركي ما أسماه بالعلاقة «المَدِّيةَ الجزْريةَ» بين الدكتور غازي القصيبي وصحيفة الجزيرة على مدى أكثر من أربعة عقود. وتناولت تهاني العيدي موقف القصيبي النقدي من النقد والنقاد، ومفهومه للشعر. وركز الباحث صالح الصاعدي على محاولة القصيبي إعادة العرب إلى الصدارة في شتى النواحي الفكرية والسياسية والاقتصادية. وقارب الدكتور محمد ربيع الغامدي ثنائية المثقف والموظف في شخصية الراحل، مشيراً إلى أن المثقف ينتمي إلى «المعرفة»، والموظف ينتمي إلى «الآيديولوجيا». وتطرق الباحث نايف كريري إلى الجانب الإعلامي لدى القصيبي، «الذي أنتج من خلاله الدكتور غازي القصيبي كتاباً مهماً للغاية، يعكس فيه نظرته إلى الإعلام الغربي أولاً وإلى الإعلام العربي ثانياً». وتناولت إحدى الجلسات السيرة عند القصيبي، أدارها الدكتور صالح الغامدي، وأشار فيها الدكتور صالح معيض الغامدي إلى أن القصيبي أبدى موقفاً متناقضاً من السيرة الذاتية على مستويي التنظير والممارسة الإبداعية، محاولاً توصيف هذا التناقض وتفسيره، وتبيان الكيفية التي آثر القصيبي أن يتكامل بها مع هذا الموقف المتناقض. وقدمت الدكتورة ضياء الكعبي تمثيلات للسرد السير ذاتي في بعض روايات غازي القصيبي، التي فيها تمثيلات السيرة الذاتية، لافتة إلى أن بعض المقاربات النقدية عدّت رواية «شقة الحرية»، أولى روايات غازي القصيبي، سيرة ذاتية روائية، ما جعل بعض الباحثين يشتغل على عملية المطابقة والانعكاس بين الواقع والمتخيّل الروائي. فيما ذهب الباحث محمد الراشدي إلى أن المنجز الكتابي الثري للراحل، «هو ثمرة تجارب حياتية وإدارية امتدت مسافة عمر القصيبي كله». وتناولت هند الشيباني سيرة القصيبي من خلال منجزه الكتابي. وفي جلسة خصصت للشعر أدارها الدكتور حسين المناصرة، بحثت أماني الأنصاري في معاني سيمياء اللون عند القصيبي، مشيرة إلى أن اللون عند القصيبي يحمل أبعاداً عميقة، «وخصوصاً أنّ التجديد يأتي في كل مرحلة من مراحل حياته الاجتماعية بحكم منصبه، ويأتي بعد ذلك بحكم تقلّباته النفسية وسخريته من الواقع العربي بشكل لذيذ»! وسلطت الشاعرة سعدية مفرح الضوء على الأحداث التي مرت بغازي القصيبي في تشابكاتها السياسية والإبداعية، «التي ينطبق عليها الوضع الدرامي الإنساني المعقد، لكنه تعامل معها بخبرته الإدارية المشهود لها، والموثقة في كتابه الأشهر «حياة في الإدارة». وتوقف الباحث ماهر الرحيلي عند الإحساس بالعمر في شعر غازي القصيبي، متحدثاً عن المضامين الفكرية التي تمخض عنها إحساسه العميق بالعمر، وأثر هذا الإحساس في فنية الأداء في شعره. وتناول الدكتور محمود عمّار ثنائية الواقع والقناع في قصيدة «سحيم». وأشارت الباحثة هيفاء الجهني إلى أن اللغة الشعرية عند القصيبي لا تقف عند حدود نمطية الاستعمال المطرد المستند إلى الاستعمال الصحيح، «بل اهتمت بالبعد الإيحائي، الذي يهتم بالجانب الجمالي في النص من طريق استخدام مثيرات لغوية، هدفها إحداث هزة لدى المتلقي عندما يتولد توافق بين الأضداد وانسجام بين المتباعدين في المعنى». وفي الجلسة التي أدارها الدكتور عبدالله الوشمي تناول عدد من الكتاب والباحثين ملامح جديدة وجوانب مختلفة في شعرية القصيبي، ومن هؤلاء إبراهيم مضواح الألمعي وأحمد اللهيب وسعاد الثقفي وزهراء مقري وسليمة الرحماني ومنى المالكي.