أعلن أكثر من 100 عضو في الكونغرس الأميركي في رسالة إلى الرئيس باراك أوباما دعم مساعيه الرامية إلى حل ديبلوماسي للملف النووي الإيراني، وحذروا من مغبة فرض عقوبات جديدة على إيران تؤثر في سير المفاوضات النووية. واستناداً إلى تلك الرسالة، ترتبط ديبلوماسية أي بلد بشؤونه الداخلية. ومرت إيران بظروف خاصة جراء العقوبات التي فرضتها الدول الغربية، لذلك تبرز الحاجة إلى السعي إلى الإفلات من طوق هذه العقوبات. وأعربت الدول الغربية عن رغبتها في حل هذا الملف لأسباب كثيرة، وهذه الظروف والعوامل مهدت لإجراء مفاوضات أفضت إلى اتفاق جنيف. ويسود اعتقاد بأن الجانبين الإيراني والغربي سيبحثان كل القضايا العالقة خطوة خطوة، من دون أن نستبعد تطرق الدول الغربية إلى موضوعات تتعلق بحقوق الإنسان والإرهاب في المراحل النهائية للمفاوضات، على رغم أن البدايات تناقش القضايا الفنية والتكنولوجية النووية. وفي هذه الأثناء اختار الكونغرس الوقوف إلى جانب أوباما في خياره الديبلوماسي، عوض اللجوء إلى خيار المقاطعة. والأسماء التي وقّعت الرسالة الموجّهة إلى الرئيس الأميركي تجمع جمهوريين إلى ديموقراطيين، وهذا مؤشر إلى نجاح خياره في الضغط على الكونغرس لاختيار الديبلوماسية مع إيران بدلاً من الخيار العسكري. ومن أجل التوصل إلى نتائج نهائية تخدم مصالح الطرفين، عليهما إعادة صوغ مواقفهما. فالإصرار على المواقف السابقة يؤدي إلى فشل المفاوضات. والحق أن الإصرار واجب على لعبة «ربح- ربح»، أو «خمسين- خمسين» كما يقول الأميركيون عن المناصفة في تقاسم الأرباح، من أجل استمرار المفاوضات. لكن إيران تفتقر سياسة استراتيجية موحدة في الوقت الراهن إزاء السياسة الخارجية لحكومة الرئيس حسن روحاني. ففي وقت يدعم الإصلاحيون السياسة الخارجية الحكومية، لا يتمنى بعض الأصوليين نجاح الحكومة في مساعيها التفاوضية. لكن الشخصيات الأساسية والبارزة في النظام تسعى إلى إرساء توازن سياسي بين التيارات المختلفة لدعم السياسة الخارجية لحكومة روحاني، لذلك، لا يملك المعارضون للحكومة خياراً غير التراجع عن مواقفهم. فنجاح المفاوضات سيعزز لا محالة موقفهم الجديد، أما إذا فشلت فإن عدولهم عن النهج الجديد ورجوعهم إلى مواقفهم السابقة سيشكلان خطراً جسيماً للبلد. خلاصة القول إن الحاجة تمس إلى تجاوز الأخطاء التي وقعت بها إيران في عهد الحكومة السابقة، عبر دعم الحكومة الحالية وسياستها، خدمة للمصلحة الوطنية وليس للمصلحة الحزبية. فالبلد سينوء تحت قيد مزيد من العقوبات إذا فشلت المفاوضات، وسيتحمل ظروفاً أقسى من سابقتها وبالغة الشظف. * أستاذ جامعي، عن «مردم سالاري» الإيرانية، 17/2/2014،إعداد محمد صالح صدقيان