في وقت يمضي الحكم الموقت في مصر في طريق الانتهاء من ترتيبات الاستحقاق الرئاسي المتوقع انطلاقه الشهر المقبل، ظهرت خلافات في صفوف «تحالف دعم الشرعية» المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي على خلفية التعاطي مع مبادرات للمصالحة. وكان مجلس الدولة تسلم أمس قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية من الرئاسة لمراجعته من ناحية الصياغة القانونية ومدى مطابقة القانون للدستور، قبل اعتماده من الرئيس الموقت عدلي منصور مطلع الأسبوع المقبل لتنطلق بعدها إجراءات الاستحقاق الرئاسي. وأظهر إعلان حزب «التجمع» اليساري عدم التقدم بمرشح للرئاسة ودعم ترشح وزير الدفاع المشير عبدالفتاح السيسي انقساماً داخل «جبهة الإنقاذ الوطني» المنخرط فيها «التجمع» ما بين دعم السيسي ومؤسس «التيار الشعبي» حمدين صباحي الذي كان أحد الأطراف الرئيسة في تأسيس الجبهة في العام 2012، ما يرجح فرضية ألا تعلن الجبهة دعمها مرشحاً رئاسياً بعينه وترك الحرية لأطرافها. وعزا «التجمع» في بيان دعمه السيسي إلى «التعبير وبصدق عن الاستجابة لكل الجهود المبذولة من أجل حماية الدولة الوطنية المدنية الديموقراطية، والتأييد الجارف بين أبناء الطبقات الشعبية والمتوسطة الذي يعبر عن تطلعها لرئيس جمهورية يحقق بمساندتها كياناً قوياً للدولة الوطنية المستقلة عن التبعية لأي من القوى الدولية المهيمنة، وتمارس دورها بكفاءة ونزاهة وشفافية، والحزم في تطبيق القانون، دولة قادرة على حماية حدودها ووحدة شعبها وأراضيها». إلى ذلك، أبرزت مبادرات للمصالحة خلافات التحالف الداعم لمرسي إزاء التعاطي مع المرحلة الانتقالية، إذ كانت أطراف في التحالف أبدت ترحيبها بالتعاطي مع مبادرات المصالحة، فاعتبر حزب «الوسط» المنخرط في التحالف أن «الحل السياسي للأزمة الراهنة هو صمام الأمان الذي سينزع فتيل الانقسام والاحتراب المجتمعي، ما سينعكس مباشرة على صحة الوطن السياسية والاقتصادية والاجتماعية». ودعا في بيان إلى «نبذ الفرقة والاختلاف وكل خطاب يكرس الاستقطاب أو يدعو إلى القضاء على أو إقصاء أي مصري مهما كان»، مطالباً الجميع ب «الوقوف أمام مسؤوليتهم، وتقديم المصلحة الوطنية العامة على أي مصلحة ضيقة». وكان أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة أطلق مطلع الشهر الجاري مبادرة «الأزمة والمخرج» لإنهاء الصراع السياسي الذي تمر به مصر حالياً. واقترح تشكيل «لجنة حكماء» برئاسة الصحافي محمد حسنين هيكل وتعيين «وسيط محايد يحظى بقبول طرفي الصراع» لإجراء المفاوضات والاتصالات من أجل إنجاز أهداف التوصّل إلى هدنة لوقف التظاهرات والاحتجاجات والقصف الإعلامي المتبادل في مقابل الإفراج عن القيادات التي لم يثبت تورطها في جرائم يعاقب عليها القانون، وتشكيل لجنة تقصي حقائق محايدة للتحقيق في أعمال العنف التي وقعت منذ 25 كانون الثاني (يناير) 2011، وأن يكون لجميع التيارات الحق في تشكيل أحزاب وممارسة النشاط السياسي. وقال الأمين العام لحزب «العمل» المنخرط في التحالف مجدي قُرقُر إن «التحالف يوافق على أي مبادرة أو أفكار تسعى إلى الخروج بمصر من الأزمة الراهنة». لكنه دعا إلى «عرض أي مبادرة على الشعب المصري باعتباره صاحب الحق الأصيل في قبولها أو رفضها». وشدد ل «الحياة» على «ضرورة أن تطرح أي أفكار أو مبادرات لتحقيق المصالحة المجتمعية على استفتاء شعبي أو على الأقل لحوار مجتمعي لفترة محدَّدة يتم خلالها مناقشة مفرداتها في شكل واضح، في إطار مناخ سياسي صحي بعيداً من الإعلام، إذا أردنا أن يُكتب لهذه المبادرات النجاح». غير أن نافعة الذي أطلق المبادرة رأى أن الصيغة التي طرحها قُرقُر «غير صالحة»، موضحاً أنه «لا يمكن الحديث عن طرح مبادرات على الرأي العام، إذ انها ذات مفردات واحدة. يجب البحث أولاً عن صيغة مشتركة للحوار قبل أن يتم طرحها للرأي العام». وحمل نافعة الذي كان عضواً بارزاً في «الجمعة الوطنية للتغيير» جماعة «الإخوان المسلمين» مسؤولية إفشال جهود المصالحة. وكشف ل «الحياة» أنه تلقى ردوداً مرحبة بمبادرته من قوى سياسية خارج التحالف مثل حزب «مصر القوية» الإسلامي و «حركة شباب 6 أبريل»، إضافة إلى أطراف داخل التحالف أبرزها حزبا «الوسط» و «البناء والتنمية»، الذراع السياسية ل «الجماعة الإسلامية». لكن «بيان التحالف الأخير كان سلبياً لأنه تحدث عن الشرعية، وأرى أن تأثير جماعة الإخوان في هذا البيان كان كبيراً وسلبياً وهو بيان يقتل كل المبادرات ولا يعبر عن تحرك إيجابي». ولفت إلى أن «جماعة الإخوان أصبحت معزولة وأطراف التحالف مرحبة لكن الجماعة لم تصدر ما يبرز قبولها المصالحة... التحالف على وشك الانهيار». وعما إذا كان تلقى رداً رسمياً على المبادرة، قال: «لم تصلني أي ردود أفعال من السلطة الحاكمة. ردود الفعل الرسمية أن لا مصالحة مع الإخوان، لكنني لا أعتبر ذلك رداً نهائياً. نحن بانتظار موقف من الإخوان، وإذا وافقت كل القوى السياسية يمكن البحث عن آليات للاتصال برموز الحكم الموقت». وتعقيباً على ذلك، نفى القيادي البارز في «الإخوان» محمد علي بشر حصول انقسامات داخل التحالف الذي أسسته جماعته قبل أيام من عزل مرسي، مكتفياً بالقول ل «الحياة» ان «التحالف على قلب رجل واحد، وندرس كيفية التعاطي مع المبادرات المطروحة». إلى ذلك، أرجأت محكمة جنايات قاهرية أمس إلى بعد غد محاكمة 48 متهماً من قيادات جماعة «الإخوان» يتقدمهم مرشدها العام محمد بديع وصفوت حجازي ومحمد البلتاجي ووزراء سابقون هم أسامة ياسين وباسم عودة ومحمد عبدالمقصود، في قضية اتهامهم بالتحريض على العنف وقطع الطريق السريع عند مدينة قليوب شمال القاهرة أواخر تموز (يوليو) الماضي. وأمرت المحكمة بتشكيل لجنة فنية لفحص المقاطع المصورة لأحداث القضية «لتحديد توقيت تصويرها ومكانها وإذا كان قد طرأ عليها تغيير من عدمه». وكانت النيابة عرضت مقاطع مصورة لقطع الطريق خلال الجلسة. لكن بعض المتهمين طالب رئيس المحكمة بإثبات أن تلك المقاطع لا تمت بصلة لأحداث قليوب. وطلب عضو هيئة الدفاع المحامي محمد الدماطي «بندب لجنة لفحص تلك المقاطع لأننا نتشكك فيها، على أن تكون جهة الفحص لجنة محايدة»، فرد رئيس المحكمة بأنه لا يوجد سوى جهاز المصنفات الفنية هيئة مختصة بفحص الأحراز. وفي سياق متصل، أمر النائب العام هشام بركات بإحالة القياديين في «الإخوان» نائب محافظ الإسكندرية السابق حسن البرنس والنائب السابق صبحي صالح و31 متهماً آخرين من أعضاء الجماعة على محكمة جنايات الإسكندرية «لارتكابهم أحداث القتل العمد والتخريب والعنف والبلطجة والتجمهر التي اندلعت في محافظة الإسكندرية يوم 3 تموز (يوليو) الماضي وأسفرت عن مقتل أحد الأشخاص وجرح 45 آخرين».