كان من الممكن مرور خبر اهتمام مجلس الشورى بتفقيس بيض الحبارى بصخب أقل لو لم يظهر كعنوان في صحيفة «الجزيرة»، وهو في كل الأحوال موضوع لذيذ للكتابة الساخرة، لكن الواقع يتجاوز الخيال بصورة جعلت السخرية حالاً رتيبة ولغة متداولة، الواقع في بعض وجوهه تجاوز استخدام الطرافة أو استثمار الكتابة الساخرة لإصلاح أو لفت انتباه وحتى للمتعة. يجب على مجلس الشورى وكل الأجهزة الحكومية التعامل بشكل مختلف ومتقدم مع ما يصدر منها للنشر ومع ما ينشر عنها، المرحلة بالغة الحساسية ولأسباب كثيرة، أبرزها سطوعاً أن الفواتير المطالب بتسديدها تضاعفت، الثمن الواجب دفعه الآن ناتج من سنوات جمود وتسويف وعدم فاعلية، كل هذا أحدث شرخاً في الثقة، حذّرت من هذا كثيراً من دون فائدة. أيضاً على بعض الأعضاء في مجلس الشورى عدم المناكفة والمطالبة بملاحقة ما يكتب هنا أو هناك، سواء في الصحافة أم شبكات التواصل، اللهم إلا عند التعرض لمساس شخصي بصورة لا تقبل اللبس والتخريج، لأن في اتجاه المجلس لذلك صباً للزيت على النار، وزيادة هوة الفجوة. ومن سخر من اهتمام المجلس بتفقيس بيض الحبارى لم يكن يهمش اهتماماً بالحياة الفطرية والمنظومة البيئية، لكنه قارن تصدر هذا على حساب قضايا هامة ومهمة همشت أو أرجئت، على رغم أنها تعني الإنسان مباشرة وتمس حياته واستقراره، فلم ينتج من نقاشها - لو نوقشت - فعل ناجز، ومن الواضح أن ما يعرض على المجلس من جدول أعمال بحاجة لإعادة نظر ليتواكب ويتناغم مع حاجات وهموم تشغل بال أكثرية المواطنين، فحتى لو تأخر تفقيس بيض الحبارى أو انخفض عدد المفقس منه، فهو لا يشكّل أهمية تذكر في مقابل الاهتمام بتفقيس بيض المشاريع التي لم يلمس منها المواطن ما يفرج عن همومه ويعيد الثقة إلى نفسه. www.asuwayed.com asuwayed@