فشلت الجولة الثانية من مفاوضات جنيف-2 في تحقيق «أي تقدم» أمس الجمعة، إذ التقي الموفد الدولي- العربي الأخضر الإبراهيمي الوفدين السوريين كلاًّ على حدة، في محاولة للاتفاق على جدول أعمال غداة تعهد موسكو وواشنطن بالمساعدة على حلحلة العقد في المفاوضات. لكن الوفد الحكومي السوري أكد على لسان نائب وزير الخارجية فيصل المقداد أن أي تقدم لم يمكن تحقيقه أمس، وهو الموقف الذي تكرر على لسان المسؤول في «الائتلاف الوطني السوري» لؤي صافي، الذي قال إن مفاوضات جنيف2 وصلت إلى «طريق مسدود». ولفتت «فرانس برس» إلى أن الوفدين الحكومي والمعارض اللذين عقدا جلسة مشتركة واحدة خلال الجولة التي بدأت الإثنين ومن المقرر أن تكون قد اختتمت أمس، يُفترض أن يتفقا على جدول أعمال المفاوضات، وسط خلافات حول الأولويات بين «مكافحة الإرهاب» و «هيئة الحكم الانتقالي». والتقي الإبراهيمي قبل الظهر الوفدين السوريين كلاًّ على حدة. وقال ديبلوماسي غربي مطلع على مسار المفاوضات: «لا أعتقد إذا كان الجمعة هو اليوم الذي نحقق فيه تقدماً أو نتوقف، لكن الأكيد أنه سيكون اختباراً كبيراً لمعرفة ما إذا كان هذا المسار سيمضي قدماً أم لا». أضاف أنه «إذا كان يوم الجمعة سيئاً، فالآفاق ستبدو قاتمة أكثر مما كانت عليه قبل أسبوع». وأشار إلى أن المفاوضات وصلت إلى «حائط مسدود، ولا أعرف ما إذا كنا سنتخطاه أم لا». وأضاف: «إذا فشل الوفدان في الاتفاق على جدول أعمال، لا أعرف ما إذا كان الإبراهيمي سيدعو إلى جولة ثالثة». وكان الوسيط الدولي تلقى الخميس وعوداً أميركية وروسية بالمساعدة على إخراج المحادثات من الطريق المسدود، وذلك إثر لقاء عقده مع نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف ومساعدة وزير الخارجية الأميركي وندي شيرمان. وقال الإبراهيمي على الأثر: «قدمت لهما تقريراً مفصلاً حول المحادثات التي أجريناها وما زلنا نجريها مع الطرفين السوريين، (...) وجددا تأكيد دعمهما ووعدا بالمساعدة هنا وفي عاصمتيهما على حلحلة العقد، لأننا حتى الآن لم نحقق تقدماً كبيراً». وعقد الديبلوماسيان اللذان بادرت بلداهما قبل أشهر بالدعوة إلى هذه المفاوضات، لقاءات منفصلة مع الوفدين الحكومي والمعارض. والتقى غاتيلوف الذي تعد بلاده أبرز حلفاء نظام الرئيس بشار الأسد، رئيس الوفد السوري وليد المعلم الأربعاء والخميس. والتقت شيرمان مساء الخميس وفد المعارضة، وذلك بعد ساعات من لقاء الوفد مسؤولاً روسياً. وأعلن عضو في الوفد المعارض إثر لقاء شيرمان أن «الأمور ليست إيجابية»، متوقعاً ألا تكون ثمة جولة ثالثة في حال عدم تحقيق أي تقدم. وقال بدر جاموس لوكالة «فرانس برس»: «الأمور ليست إيجابية»، مشيراً إلى أنه «يعود إلى الإبراهيمي تقرير ما سيحصل، لكن على الأغلب أن يكون يوم الجمعة اليوم الأخير». ويكمن الخلاف الأساسي، القائم منذ بداية الجولة الأولى في كانون الثاني (يناير)، حول أولويات البحث، ففي حين تطالب المعارضة بالتركيز على مسالة هيئة الحكم الانتقالي التي تكون لها الصلاحيات التنفيذية الكاملة وتعمل على قيادة البلاد نحو الاستقرار والديموقراطية، يتمسك النظام بأن المطلوب أولاً التوصل إلى توافق على «مكافحة الإرهاب» الذي يتهم به مجموعات المعارضة المسلحة، مؤكداً أن الحوار حول مستقبل سورية يكون على الأرض السورية، وأن مصير الرئيس يقرره الشعب السوري من خلال صناديق الاقتراع. وبدا هذا الاختلاف واضحاً جداً في تصريحات مسؤولي الوفدين الحكومي والمعارض، إذ قال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في مؤتمر صحافي في جنيف بعد ظهر أمس: «هذا اليوم بدأ باجتماع بين وفدنا وبين الوسيط الدولي (الإبراهيمي)، وللأسف هذه الجولة لم تحقق أي تقدم». وأضاف: «جئنا إلى جنيف بكل رغبة صادقة لوقف الإرهاب، والطرف الآخر لا يعترف بوجود الإرهاب، وعلى الرغم من ذلك سنستمر بهذه العملية». وقال: «نحن ملتزمون بنص وثيقة جنيف وروحها التي أكدت على عامل أساسي، فهناك قتل ودماء في الشوارع، وفي الوقت الذي نشعر بأن مكافحة الإرهاب أولوية فإننا مستعدون لمناقشة كل القضايا». واعتبر أن «مناقشة موضوع الإرهاب تخضع لازدواجية المعايير»، قائلاً: «كان النقاش موزعاً بين أنواع من النقاش السفسطائي، وعندما بدأ النقاش بشأن الحكومة الانتقالية لم نسمع إلا تأييداً للإرهاب». واعتبر أن «الطرف الآخر جاء بأجندة غير واقعية ولا يريد ذلك الطرف التحدث عن شيء سوى الحكومة الانتقالية، في حين أننا جاهزون لمناقشة كل شيء». وتابع: «نؤكد أننا على استعداد لبحث موضوع الحكومة الانتقالية بعد التوصل لاتفاق بشأن مكافحة الإرهاب». واعتبر أن «المفاوضات داخل قاعة الاجتماعات يجب أن تكون بين الجانبين السوريين فقط، وبحضور الوسيط الدولي»، مشدداً على أن «وثيقة جنيف يجب أن يتم الالتزام بها من قبل المبادرين لعقد هذا المؤتمر». وأوضح: «تلقينا معلومات كاملة حول الاجتماع الثلاثي (الأميركي- الروسي) مع الإبراهيمي، ونحن متفقون مع أصدقائنا الروس حول كيفية إنجاح هذا المؤتمر». وقال إن «الحكومة الروسية لا تمارس على الإطلاق سياسة الضغوط، ونحن نتعامل مع الأصدقاء الروس ونبني مواقفنا المشتركة بناء على فهمنا المشترك للقضايا المطروحة في جنيف». وقال المقداد في تصريحاته: «اتفقنا مع الأممالمتحدة على أننا سنؤمن جميع المداخل إلى سورية للمحافظة على موظفينا وموظفي المنظمات الدولية». وتابع: «التقينا بالسيدة (فاليري) آموس في دمشق واتفقنا على آلية شاملة، وأعتقد أن بعض تصريحاتها غير مقبولة لأنها لا تعترف بأن هناك إرهاباً في سورية». وكانت آموس، منسقة العمليات الإنسانية في الأممالمتحدة، اعتبرت الخميس أن إجلاء المدنيين من حمص ليس تقدماً كافياً، مطالبة مجلس الأمن الدولي بإعطاء عمال الإغاثة «الوسائل المطلوبة للقيام بعملهم». وأشارت إلى أن الأممالمتحدة حصلت على «ضمانات لفظية» من طرفي النزاع، من دون أي تأكيد خطي على تمديد الهدنة في حمص. وفي الإطار ذاته، أعلن وفد المعارضة السورية أن الجولة الثانية من مفاوضات جنيف-2 وصلت إلى «طريق مسدود». وقال عضو وفد «الائتلاف» لؤي صافي في مؤتمر صحافي إثر لقاء منفصل مع الأخضر الإبراهيمي: «وصلنا إلى هذا الطريق المسدود. أرجو ألاّ يكون السد جداراً سميكاَ، لكن عثرة أو عقبة يمكن أن نتجاوزها». وأضاف: «المفاوضات تعثرت. هذا ليس سراً. وصلنا إلى نقطة لا يمكن تخطيها إلا بوجود فريق آخر يريد أن يتعاطى مع الحل السياسي». وأضاف أن «الفريق الحالي الذي أرسله النظام لم يبد أي تجاوب، علماً أن الموضوع يمس كل السوريين». وأشار إلى أنه «إذا لم يتغير الأمر، فالاستمرار على هذا الحال يعني أن المفاوضات لا تسير بالطريق المرسوم لها من أجل تحقيق الحل السياسي».