أعلن المبعوث الدولي- العربي الأخضر الإبراهيمي أن أول جلسة من المفاوضات تجري بحضور وفدي النظام و «الائتلاف الوطني السوري» المعارض في جنيف أمس، كانت «شاقة» ولم تحقق أي تقدم، حيث لم يجر الاتفاق على جدول الأعمال الذي اقترحه الإبراهيمي، بسبب رفض وفد الحكومة بحث أي مسار سياسي قبل التوصل إلى «مشروع وطني لمحاربة الإرهاب». وقال الإبراهيمي في مؤتمر صحافي: «ليس لدي الكثير لأقوله باستثناء أن بداية هذا الأسبوع كانت شاقة (...) نحن لا نحقق تقدماً يذكر. سنقوم بما في وسعنا لمحاولة الإقلاع بهذا المسار». وأضاف: «أحد زملائكم اقترح أنني في حاجة إلى أطنان من الصبر. أنا أملكها، لذا سنقوم بما في وسعنا للإقلاع بهذا المسار. أنا أؤكد لكم أنني أملك أطناناً من الصبر، لكن الشعب السوري لا يملك قدراً مماثلاً. نحن مدينون له، نحن ندين للشعب السوري بأن نتقدم في شكل أسرع مما نقوم به». وتابع الإبراهيمي: «أناشد الجميع أن يجعل هذا المسار حقيقة ويساعد سورية على الخروج من الكابوس الذي يعيشه ناسها منذ ثلاثة أعوام»، مشيراً إلى أن القيام بذلك «يتطلب تعاوناً من الطرفين هنا والكثير من الدعم من الخارج». وأشار الديبلوماسي الجزائري السابق إلى أنه سيلتقي نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف ومساعدة وزير الخارجية الأميركية ويندي شيرمان في جنيف بعد غد، على أن ينتقل «الأسبوع المقبل أو أبعد بقليل، لكن الأكيد في وقت قريب، إلى نيويورك لرفع تقرير إلى الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) وربما إلى مجلس الأمن» حول المفاوضات. وبدأت الجولة الثانية من التفاوض بين وفدي نظام الرئيس بشار الأسد والمعارضة الإثنين، وعقد الطرفان أمس أولى الجلسات المشتركة، إثر لقاءين منفصلين مع الموفد الدولي. وبدا التباين حاداً في مواقف الطرفين، إذ يشدد النظام على أولوية البحث في مسألة «مكافحة الإرهاب»، بينما تطالب المعارضة بالاتفاق على هيئة للحكم الانتقالي ذات صلاحيات كاملة. وكشفت مصادر «الائتلاف» ل «الحياة»، أن وفده برئاسة هادي البحرة «شدد على أن جلسات المفاوضات يجب أن تكون مكثفة وزمنها أطول لحل معاناة الشعب السوري، لكن وفد النظام رفض وقال إنه لا يعمل أكثر من ثلاث ساعات يومياً لأنه يحتاج إلى مشاورة دمشق». وأضافت مصادر «الائتلاف» أن جلسة أمس كانت «متوترة جداً، حاول النظام فيها التعطيل وكَيْل الاتهامات للشعب السوري بالخيانة والعمالة، فيما أصر وفد «الائتلاف» على أن المدخل للحل السياسي في سورية هو إنشاء هيئة الحكم الانتقالية بهدف الانتقال إلى معالجة مسألة وقف العنف ومحاربة الإرهاب». وتابعت المصادر: «وقف الحضور دقيقة صمت على أرواح شهداء سورية، لكن اختلف الطرفان، حيث أراد وفد النظام أن يكون الوقوف على ضحايا يحددهم هو، بينما دعا الوفد إلى أن يكون الحداد على جميع الشهداء، لا سيما الذين يسقطون تحت قصف النظام بالبراميل كل يوم». وعندما أراد الإبراهيمي إقرار جدول أعمال الجولة الثانية، على أن تتناول القضايا الآتية: وقف العنف، مكافحة الارهاب، هيئة الحكم الانتقالي، مؤسسات الدولة بين الاستمرارية والتعبير، والحوار الوطني، وفق المذكرة التي كان سلمها إلى الوفدين في السابع من الشهر الجاري، اعترض وفد النظام على التغيير، لكن الإبراهيمي أصر على أن إصلاح مؤسسات الدولة مطلب مهم للحل السياسي. كما وجه وفد النظام اتهامات مبطنة إلى الأممالمتحدة والإبراهيمي ب «تنفيذ خطط استخباراتية لتفكيك الدولة السورية من خلال طرح موضوع إصلاح مؤسسات الدولة». وكرر وفد النظام «محاولات تعطيل المؤتمر بإصراره على أنه لن يناقش أي موضوع قبل الانتهاء من قراءة توافقية على موضوع مكافحة الإرهاب»، في حين تحدث وفد «الائتلاف» في موضوع وقف العنف والإرهاب، و «قدّم أدلة على العلاقة بين النظام وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وركز على إرهاب النظام وعنفه ضده شعبه وقتل المعتقلين تحت التعذيب، واستشهد بقضية الشهيد وسام ابن عضو الائتلاف فاير سارة». كما قدم «الائتلاف»، وفق مصادره، «تقريراً موثقاً حول تصعيد النظام خلال مفاوضات جنيف، وقدم وثيقة بأسماء 1805 قتلى سقطوا في قصف النظام بالبراميل المتفجرة منذ بدء مؤتمر جنيف2، أكثر من 800 منهم في حلب وحدها، وتقارير موثقة من منظمات حقوقية دولية عن التعذيب والقتل والإخفاء القسري وهدم الأحياء والمدن في سورية». في المقابل، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أن الوفد النظامي برئاسة السفير بشار الجعفري «بدأ بمناقشة موضوع الإرهاب وسيستمر فيه حتى يصل إلى مشروع وطني مشترك لمحاربة الإرهاب» وأن الوفد «أشار إلى أنه لم يتم الاتفاق خلال الجلسة على مشروع جدول أعمال، حيث رفض وفد الائتلاف إدراج مكافحة الإرهاب في مشروع جدول الأعمال». ونقلت «سانا» عن الوفد قوله «انسجاماً مع بيان جنيف، لن ينتقل إلى مناقشة أي بند آخر قبل مناقشة موضوع مكافحة الإرهاب الذي يعاني منه الشعب السوري»، متسائلاً: «كيف يمكن الحديث عن أمور سياسية ووفد الائتلاف يرفض إدراج مكافحة الإرهاب على جدول الأعمال؟». ونقلت «سانا» عن المستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة بثينة شعبان قولها: «لا يمكن الحديث عن مسار سياسي حقيقي في الوقت الذي يعصف الإرهاب ببلدنا»، موضحة أنه «لا مانع لدى الوفد الرسمي السوري المشارك في مؤتمر جنيف2 من التوصل إلى جدول أعمال مشترك للمحادثات على أن يكون البند الأول فيه مكافحة الإرهاب والبند الثاني الحكومة الانتقالية». وفيما قالت الوكالة الرسمية إن الوفد الحكومي طلب الوقوف دقيقة صمت على ضحايا بلدة معان في حماة قبل يومين، نفى النقيب إسلام علوش الناطق باسم «الجبهة الإسلامية» في بيان «ما يزعمه نظام الأسد حول قيام الجبهة بقتل مدنيين في قرية معان بريف حماة»، مشيراً إلى أن «هذا مجرد سيناريو اختلقه نظام الأسد، ويستعمله لصالحه كالعادة». وأضاف «أن الجبهة الإسلامية ليس من منهجها استهداف المدنيين بل هي تقاتل من يستهدفهم»، مؤكداً «عدم التعرض للمدنيين على الإطلاق». وأوضح ان «المجاهدين تمكنوا من تحرير قرية معان بريف حماة الشمالي الشرقي، وغنم مدافع 23 وأسلحة فردية، وتم خلال العملية قتل العشرات من قوات النظام والميليشيات الطائفية الذين قاوموا المجاهدين وحاربوهم». وشدد «الائتلاف» في بيان منفصل على «احترامه الكامل للقانون الدولي الإنساني وتأكيده أن سائر الألوية والكتائب المسلحة المنضوية تحت سقف الثورة السورية تلتزم بمواثيق حقوق الإنسان واتفاقات جنيف، وقد أكدت الكتائب المشاركة في تحرير قرية معان بريف حماة، أن واجبها الأول كان ولا يزال حماية المدنيين وضمان سلامتهم وعدم تعريضهم للخطر مهما كانت الظروف، مع بذل كل الجهود من أجل تحرير سورية من ظلم نظام الأسد». إلى ذلك، شكَّل وفد المعارضة «غرفة عسكرية استشارية» يشارك فيها قادة من «الجيش السوري الحر»، وذلك لمزيد من التنسيق، لا سيما في حال التوصل إلى وقف محتمل لإطلاق النار. وقال عضو «الائتلاف» منذر أقبيق في مؤتمر صحافي أمس: «انضم إلينا في الأمس ضباط من الجيش السوري الحر، ونتوقع قدوم المزيد. وتم تشكيل غرفة عسكرية استشارية، ما سيساعد على حصول مزيد من التنسيق بينها وبين الوفد السياسي المفاوض»، مشيراً إلى أن اعضاء هذه الغرفة «سيساعدون عندما تدعو الحاجة في ما يتعلق بالوضع على الأرض والمسائل الأمنية». وأضاف أن هذه الخطوة «ستعزز أداء فريقنا». ولم يحدد أقبيق عدد القادة الموجودين في جنيف حالياً، إلا أنه أوضح أن الرقم «سيكون على الأقل سبعة»، أبرزهم يمثلون «جبهة ثوار سورية» و «قيادة غرف العمليات المشتركة في حوران» جنوب سورية، التي تمثل 18 مجموعة مقاتلة على الأرض. وأضاف أن هذه الغرفة الاستشارية «يجب أن تساعد في كل الأمور المتعلقة بالأمن والوضع العسكري على الأرض، ومن ضمنها أي وقف لإطلاق النار يمكن التوصل إليه». وكان العضو في الوفد المعارض لؤي صافي، أفاد ليلة الإثنين أن «سبعة ممثلين للمقاتلين المعارضين» على الأرض انضموا لوفد المعارضة، وذلك للمرة الأولى منذ بدء المفاوضات مع النظام الشهر الماضي، إلا أنه شدد على أن هؤلاء «ليسوا من ضمن الوفد المفاوض».