جرّم الأمر الملكي الكريم الذي صدر أخيراً الانتماء إلى الجماعات والتيارات الدينية المتطرفة والمصنّفة، كمنظمات إرهابية أو تأييدها أو تبنّي فكرها أو منهجها بأي صورة كانت، ووضع النقاط على الحروف بتأكيده أن العقوبة التي تراوح بين السجن 3 و 20 عاماً ستشمل كل من يفصح عن التعاطف مع أي جماعة أو منظمة متطرفة أو مصنّفة كمنظمة إرهابية، بأي وسيلة كانت، أو يقدم أي شكل من الدعم المادي أو المعنوي لها، أو التحريض على شيء من ذلك، أو التشجيع عليه أو الترويج له بالقول أو الكتابة بأي طريقة. الأمر بصيغته السالفة يعني أن الخلايا السعودية التابعة لتنظيم الإخوان المصنف كتنظيم إرهابي إقليمياً باتت في دائرة الخطر، وهو ما سيدعوها إلى الدخول في طور التخفي والممارسات السريّة التي اعتادتها في بعض الدول المجاورة، لكن العين الأمنية المتيقظة قادرة على الإطاحة بها بتتبع آثارها التي لا تخفى على أحد. خلال أعوام طويلة تغلغلت خلايا تنظيم الإخوان في كثير من المؤسسات الخيرية في السعودية، متدثرةً بالدعوة والعمل الخيري، فيما هي توجه خناجرها المسمومة إلى خاصرة الوطن عبر غرس الفكر الضال في عقول صغار السن وتجهيزهم ليصبحوا حطباً لمعارك مستقبلية تستهدف أمن الوطن، وإذا كانت خلايا الإخوان التي تسللت إلى الجمعيات الخيرية اختصت بالشؤون المالية لدعم التنظيم، فإن خلايا أخرى تسللت إلى بعض المكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد المنتشرة في أنحاء المملكة اختصت بالدعاية لمبادئ ورموز التنظيم فكرياً. والحق يقال أن كثرة مكاتب الدعوة وتعدد أنشطتها ودخولها في مظلات جهات أخرى كالمهرجانات السياحية أحياناً أمر يُصعّب مسألة الرقابة الدقيقة عليها من وزارة الشؤون الإسلامية الموكلة بذلك، وهو ما يمكّن الفئات الضالة والتنظيمات المنحرفة من اختراقها، بل وإدارتها إن سنحت الفرصة، والأمثلة على استغلال منابر هذه المكاتب معروفة ومتداولة منذ أعوام. في منتصف كانون الثاني (يناير) 2011 علَّق أحد مكاتب الدعوة والإرشاد في الرياض أنشطته على خلفية انتشار فيديو يُظهر فيه المطلوب أمنياً ضمن قائمة ال47 أنس النشوان يحاضر في فعاليات يوم مفتوح نظمه المكتب ذاته. وكشف حينها مدير المكتب أن التحقيقات بدأت مع منظمي الفعالية بناء على توجيه وزارة الشؤون الإسلامية. وفي منتصف تشرين الأول (أكتوبر) عام 2013 أعلن المستشار الشرعي حالياً لتنظيم داعش الإرهابي في سورية «عبدالله المحيسني» عبر «تويتر» اعتذاره عن تقديم محاضرة من تنظيم أحد مكاتب الدعوة والإرشاد بعد نشر اسمه ضمن جدول فعاليات مهرجان سياحي يشارك فيه المكتب، معللاً ذلك بسفره إلى أرض الجهاد. وحتى لا نُصعَق قريباً بأن زعيم تنظيم القاعدة «أيمن الظواهري» المولود من رحم تنظيم الإخوان سيقدم محاضرة في إحدى مدننا بدعوة من مكتب دعوة وإرشاد، على الجهات المسؤولة أن تراجع حساباتها، وتعمل جدياً على اجتثاث خلايا التطرف من هذه المكاتب قبل فوات الأوان. [email protected] Hani_Dh@