قبل أيام استضافت قناة «العربية» داعية سعودياً من الرياض عبر الهاتف، للتعليق على فتوى أطلقها جاهل «تُحرم السفر إلى دبي»، فحاول الضيف التهوين من شأن القضية والتلميح بأن الفتوى مهما كانت تبقى مجرد رأي، مطبطباً بكلمات لطيفة على كتف مطلق الفتوى الذي لاقى صنوفاً من الهجاء والسخرية من العقلاء حتى التفتت وسائل الإعلام ل«طامته» التي لم يسبقه إليها جهال العرب والعجم. ما أدلى به ضيف «العربية» برأيي يمكن أن يُعبر عنه المثل العربي الشهير «عذر أقبح من ذنب»... ذلك لأن «الفتوى» في عُرف معظم المسلمين ليست سوى توقيع عن الله، أي أنها رأي الدين وليست رأي مطلقها، وبالتالي فإن المتورطين بإصدار الفتاوى الشاذة والمسيئة لدين الله، متورطون فعلياً في قضايا «تحريف الإسلام» والكذب على الله ورسوله، وتشويه منهجه، والتحريض على مخالفته، وربما وصل الأمر إلى دفع الناس للخروج من الإسلام بشكل غير مباشر، ولا يختلف الأمر أبداً سواء كانت تلك الفتاوى صادرة عن جاهل أو عالم يعاني من «حَوَل جغرافي وفكري»، أو مأجور لخدمة أجندة معينة، ولذلك صدر في السعودية قبل أعوام الأمر الملكي الكريم بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء بعد أن تحول الإسلام إلى مادة للسخرية في وسائل الإعلام العالمية بسبب مثل هذه الفتاوى. السؤال الأهم في قضية «تحريم السفر إلى دبي» ليس عن أسباب استباحة حمى الدين بالتحريم والتحليل الاعتباطي وإنما هو: «لماذا دبي تحديداً؟»، الإجابة بالطبع لا تخفى على متابع للشأن السياسي في المنطقة، فالإمارات تواجه منذ أشهر حملة تشويه كبيرة يقف خلفها تنظيم «الإخوان الدولي» كرد فعل على نجاح أجهزتها الأمنية في الإطاحة بالخلية الإخوانية التي كانت تستهدف إسقاط السلطة الشرعية فيها بدعم من أطراف خارجية، تزامناً مع وصول التنظيم لكراسي السلطة في دول عربية أخرى. حملة التشويه الإخوانية للإمارات استهدفت في البداية تشويه سجل حقوق الإنسان الخاص بهذه الدولة في وسائل الإعلام العالمية عبر بث الأكاذيب والأخبار المفبركة عنها لخلق صورة سوداء لها أمام المجتمع الدولي، وبالطبع فشلت جميع المحاولات في هذا الاتجاه، لتتحول الحملة إلى سلسلة محاولات لتشويه صورة هذه الدولة في العالم الإسلامي تحديداً، فالإسلام في عُرف هذا التنظيم هو ما تقوم به «المجموعات الإرهابية» التي يحاربها الإسلام الحقيقي دين الرحمة والإنسانية والحضارة. ما سبق يشير إلى أن الفتوى بتحريم السفر إلى دبي تندرج ضمن حملة التشويه التي يمارسها تنظيم الإخوان الدولي للإمارات، وليست فتوى اعتباطية، كما قد يتوهم البعض، ولذلك فإن محاولات التبرير التي تعتبرها «رأياً» وتهون من تبعاتها قد تكون صادرة من المرجعية التنظيمية نفسها وهذا من سياسة «اللعب على الحبال» التي اشتهر بها رعايا «إخوانستان» طوال تاريخهم. [email protected] @Hani_Dh