يميل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو إلى تبني موقف وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان القاضي بعدم الاستخفاف بحملة المقاطعة الأوروبية الاقتصادية لإسرائيل من جهة، و «عدم الهلع» من جهة أخرى، ما يمهد لقبوله اقتراح وزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شتاينتس تخصيص مبلغ مئة مليون شيكل (نحو 30 مليون دولار) للقيام بحملة دعائية مضادة ومناهضة للشركات الأوروبية والأميركية التي تعلن المقاطعة. وترأس نتانياهو جلسة خاصة مساء أول من أمس بحضور ليبرمان وشتاينتس وزعيم حزب المستوطنين وزير الاقتصاد نفتالي بينيت لمعالجة سبل مواجهة ظاهرة المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل التي تتسع رقعتها في أوروبا في الأسابيع الأخيرة. واستبعد نتانياهو عن الاجتماع أربعة وزراء محسوبين على تيار الوسط بينهم وزير المال يئير لبيد ووزيرة القضاء تسيبي ليفني، اللذين حذرا من «عواقب وخيمة» للمقاطعة، وهو ما لم يعجب وزراء اليمين الذين استخف معظمهم بالمقاطعة. وجاء الاجتماع في أعقاب تحذير وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأسبوع الماضي إسرائيل من أنه في حال فشل المفاوضات مع الفلسطينيين قد تتسع ظاهرة المقاطعة ضد إسرائيل على نحو يضر باستقرارها الاقتصادي. واستدعى هذا التحذير هجوماً شديد اللهجة من وزراء اليمين على كيري، فيما اعتبره لبيد وليفني صحيحاً يعكس قلق وزير الخارجية الأميركية لا تهديداً منه لإسرائيل. من جهته رأى نتانياهو في موقف لبيد وليفني أنه يتسق والمحاولات الأميركية للضغط عليه من أجل إبداء مرونة في مواقفه من النقاط الأساسية التي يتضمنها «اتفاق الإطار» الذي يسعى كيري لبلورته. وكرر الوزير شتاينتس دعوته لحملة إعلامية علنية قوية ضد المنظمات والشركات الأوروبية أو الأميركية التي تدعو إلى مقاطعة إسرائيل. وأفادت وسائل إعلام عبرية أن شتاينتس اقترح أن تشمل الحملة أيضاً مقاضاة المؤسسات التي تدعو إلى مقاطعة إسرائيل. من جهتهم، رأى مسؤولون في وزارة الخارجية أنه يجدر شن معركة ديبلوماسية هادئة بعيداً من الأضواء، مشيرين إلى أن نسبة التنظيمات التي تدفع نحو المقاطعة «هامشية»، وأن من شأن شن حملة علنية ضدها أن تفيدها وتعزز انتشارها. في غضون ذلك أفاد تقرير ل «مركز البحوث والمعلومات» التابع للكنيست الإسرائيلية أن المبادرات الدولية المختلفة لمقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية التي تتعاطى مع المستوطنات في الضفة الغربيةالمحتلة «لم تؤثر تأثيراً جوهرياً على المؤسسات الأكاديمية في إسرائيل». وأضاف التقرير الذي يعتمد أساساً معلومات استقاها من وزارة الخارجية ومن التعاون البحثي بين إسرائيل ودول العالم، أن إعلان المقاطعة الأكاديمية «لم يؤثر في هذه المرحلة تأثيراً عملياً على البحث الأكاديمي في إسرائيل». وأضاف أن نسبة المؤسسات الأميركية التي تأثرت بدعوات مقاطعة إسرائيل «ما زالت هامشية»، مشيراً إلى أن تجاوب العلماء الأميركيين والأوروبيين مع مراكز الأبحاث الأكاديمية الإسرائيلية «ما زال معقولاً». مع ذلك حذر مركز البحوث من أن ازدياد عدد الأصوات التي تدعو لمثل هذه المقاطعة من شأنها أن تمس بصورة المؤسسة الأكاديمية الإسرائيلية في العالم «وتعزز دعوات نزع الشرعية من إسرائيل». في غضون ذلك، (أ ف ب) رأت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي في مقال نشر الإثنين في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أنه من المستحيل أن توقف إسرائيل حملة المقاطعة الدولية بسبب استمرار الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وكتبت عشراوي «لن يكون أي نوع من الإعلام أو الدعاية (مهما كانت ممولة) قادراً على مواجهة هذه الحركة العالمية التي تزداد زخماً». وقالت عشراوي: «إن هذه الحملة أطلقت من جانب المجتمع المدني الفلسطيني وتحظى بدعم مجموعات التضامن وأصحاب الضمير في العالم بمن في ذلك في إسرائيل»، وأضافت: «أن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل، هي على غرار النضال الطويل ولكن الفعال لإنهاء نظام الفصل العنصري والعنصرية المؤسساتية في جنوب أفريقيا». ورحبت عشراوي بهذا «النوع من المقاومة المسؤولة والسلمية» مشيرة إلى أنها تظهر أن «الاحتلال له ثمن وتحض أفراد المجتمع المدني الإسرائيلي على مساءلة حكومتهم». ورفضت عشراوي أيضاً الاتهامات التي تطلقها الحكومة الإسرائيلية عن قيام حركة المقاطعة بمحاولة «نزع الشرعية» عن الدولة العبرية مشيرة إلى أنه «في حال اختارت إسرائيل التعريف عن نفسها فقط بمشروعها الاحتلالي والاستيطاني والتطهير العرقي، فإنها وحدها تتحمل مسؤولية نزع الشرعية عن نفسها».