شعر الفلسطينيون في قطاع غزة بصدمة شديدة جداً من جريمة قتل راحت ضحيتها طفلة في السابعة من عمرها على يد عمها في مخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع، تزامناً مع مقتل شابة على يد «مشعوذ» يدعي العلاج بالقرآن الكريم في مدينة رفح جنوبه. وأعلن النائب العام في قطاع غزة المستشار إسماعيل جبر في بيان أنه تم اعتقال مرتكب «الجريمة» بعدما تبين أن القاتل هو عم الطفلة الذي «دفنها بعدما قتلها خنقاً في محاوله للتستر على جريمة أخرى كان اقترفها». ولم يُفصح النائب العام في بيانه عن طبيعة الجريمة التي ارتكبها عم الطفلة ويحاول التستر عليها بقتل ابنة شقيقه، لكن معلومات تسربت عن مجريات التحقيق أشارت إلى أن الحديث يدور عن عمل مشين كانت الطفلة شاهدة عليه في منزل عائلتها في ظل غياب والدها. وقال البيان إن القاتل «أعاد تمثيل الجريمة» بحضوره شخصياً والشرطة، مضيفاً أن «تمثيل مسرح جريمة القتل... يُعتبر من الأدلة الثبوتية القطعية لاتهام المجرم أمام القضاء بتهم القتل قصداً مع سبق الإصرار والترصد». ولم يُشر البيان إلى كيفية الوصول إلى القاتل، علماً أنه تم قبل أيام العثور على جثة الطفلة المختفية آثارها منذ 31 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، مدفونة في حفرة في منطقة زراعية في مخيم النصيرات. وقالت مصادر محلية ل «الحياة» إن المشتبه فيه بالقتل عم الطفلة تمكّن من خداع كل الناس نحو شهر ونصف الشهر وهو يبدي الحزن الشديد على فقد ابنة شقيقه، وشارك مع شبان متطوعين بالبحث عنها أياماً عدة غداة اختفائها. وتأتي هذه الجرائم في وقت تتوعد فيه إسرائيل بشن حرب جديدة على القطاع نتيجة استمرار إطلاق الصواريخ على مستوطنات محاذية للقطاع، فضلاً عن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة والحصار وانسداد أفق المصالحة الوطنية والمفاوضات، ما أفقد معظم «الغزيين» الأمل وأصابهم بالكآبة والإحباط واليأس من حصول أي تغيير إيجابي في حياتهم، الأمر الذي يشعل ضوءاً أحمر أمام الحكومة التي تقودها حركة «حماس». وتبدو الحكومة عاجزة عن إيجاد حلول للكثير من المشكلات والأزمات التي تعصف بنحو 1.8 مليون «غزي»، على رغم محاولاتها إيجاد بعض الحلول أو التوجه نحو المصالحة، لكن من دون جدوى. ويرى البعض أن لمثل هذه الجرائم أسباباً اقتصادية واجتماعية وثقافية مرتبطة بالأوضاع المعيشية والثقافية السائدة، فضلاً عن التداخل الاجتماعي والاكتظاظ السكاني في القطاع الساحلي الضيق البالغة مساحته 360 كيلومتراً مربعاً. ونددت مؤسسات نسوية بجريمتي قتل الطفلة والفتاة التي سقاها «المشعوذ» ماء به أملاح قال إنه تلا عليه آيات من القرآن الكريم، ما أدى إلى وفاتها. وسلطت الجريمتان الضوء على نوعيْن خطيرين من الجرائم المتعلقة ب «الشرف» والشعوذة واستغلال الدين في جنيْ أموال، أو الادعاء بوجود علاجات لبعض الأمراض العضوية، بعيداً عن الطب الحديث، وفي منازل أطلق عليها أصحابها «عيادات قرآنية» أو عيادات «العلاج بالقرآن». وأثارت التفاصيل الكثيرة المتعلقة بهذه الجريمة وجريمة قتل الطالبة في الثانوية العامة على يد «مشعوذ»، سخطاً وغضباً شعبياً عارماً، خصوصاً أن الجريمتين جاءتا في أعقاب العثور أخيراً على جثتيْ رجليْن مدفونتين في منطقة غرب مدينة غزة تفصل بينهما أيام قليلة. وقالت صحافية وناشطة على حسابها على شبكة التواصل الاجتماعي «فايسبوك»: «من المروع أن نبدأ في الخوف على أطفالنا حتى من أنفسنا، ومن أقرب الناس إلينا؟»، في إشارة إلى أن القاتل عم الطفلة. وشددت على أن «من المهم أن يعكف المختصون والمسؤولون على درس أسباب زيادة هذه الجرائم، وكيف السبيل إلى الحد منها؟».