لا تمثّل الألعاب الأولمبية التي تضمّ مشاركين من جميع الجنسيات حدثاً رياضياً دولياً فحسب، بل تشكّل منصّة عالمية لإيصال الرسائل. وعمدت الدول الى استغلال هذا الحدث للإعلان عن مواقفها من الدول المستضيفة إما عبر مقاطعة الدورة الاولمبية، أو عبر استغلال الساحة الرياضية لتسليط الضوء على قضايا معيّنة. محطّات تاريخية عدة تظهر التأثير الكبير للسياسة على سير الدورات الأولمبية: في العام 1916: ألغيت الألعاب الأولمبية الصيفية التي استضافتها الإمبراطورية الألمانية بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى. في العام 1920: لم تتلقَ دول المحور (النمسا، بلغاريا، ألمانيا، هنغاريا وتركيا) دعوة للمشاركة في الألعاب الأولمبية، بسبب خسارتها الحرب العالمية الأولى. في العام 1924: لم تُدعَ ألمانيا أيضاً إلى الألعاب الأولمبية الصيفية. في العام 1936: استضافت العاصمة الألمانية برلين الألعاب الأولمبية الصيفية التي كانت موضع خلاف بسبب تسلّم النظام النازي حكم البلاد بعد إختيار المدينة. فيما استغلّ أدولف هتلر الأولمبياد لإظهار قوة ألمانيا في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى. ونادى عدد من السياسيين البارزين والمنظمات بمقاطعة البطولة. كما فكرت الولاياتالمتحدة بالمقاطعة، لكنها قررت المشاركة أخيراً. وكانت هذه الدول تعترض على البروباغاندا النازية التي كانت تروّج لمفهموم "فوقية العرق الآري". في العام 1940 : كان من المفترض أن تعقد الالعاب الصيفية في العاصمة اليابانية طوكيو، لكنها ألغيت بسبب اندلاع الحرب اليابانية -الصينية الثانية . وتخلت اليابان عن دعمها للالعاب سنة 1938، ما اضطر اللجنة الأولمبية الدولية الى نقلها الى هلسنكي عاصمة فنلندا. ثم علقت الالعاب الى أجل غير مسمى بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية ولم تستكمل حتى انطلاقها في لندن عام 1948. في العام 1948 : عُلقت مشاركة المانيا واليابان اهم دول المحور في الالعاب الصيفية، ثم ألغي القرار عام 1956 ودعي الاتحاد السوفياتي، لكن لم يرسل أي رياضيين من الاتحاد. في العام 1956 : قاطعت سبع دول الألعاب لأسباب مختلفة، إذ أعلنت كلّ من مصر والعراق ولبنان عدم مشاركتها رداً على تعرّض مصر لهجوم اسرائيلي- فرنسي- بريطاني (العدوان الثلاثي) على خلفية تأميمها قناة السويس . أما انسحاب كلّ من هولندا واسبانيا وسويسرا فجاء احتجاجاً على الاجتياح السوفياتي لهنغاريا خلال الثورة الهنغارية سنة 1956 والمشاركة السوفياتية في الألعاب. فيما قررت جمهورية الصين الشعبية مقاطعة الألعاب قبل أقل من أسبوعين على المهرجان الافتتاحي، بسبب مشاركة جمهورية الصين (تايوان) في المباريات تحت اسم "فورموسا". في العام 1964 : عُلقت مشاركة جنوب أفريقيا في الألعاب الصيفية بسبب سياسات التمييز العنصري التي تعتمدها، لتعود وتشارك عام 1992. في العام 1972 : احتجز 11 مشاركاً اسرائيلياً رهائن من قبل إحدى مجموعات "منظمة أيلول الأسود" الفلسطينية مطالبين بالإفراج عن معتقلين في السجون الإسرائيلية، وتسليط الضوء على القضية الفلسطينية. في العام 1976 : قاطع 26 بلداً افريقياً الدورة الأولمبية المقامة في منتريال (كندا) احتجاجاً على مشاركة نيوزلندا، إثر قيام فريق ال"ركبي" النيوزلندي تلك السنة بجولة دامت 3 أشهر في مدن جنوب افريقيا (المقاطعة بسبب سياساتها العنصرية)، فيما لم توافق اللجنة الدولية للأولمبياد على استبعاد نيوزلندا. أما مصر فشاركت في الأيام الأولى الثلاثة، لكنها عادت وتضامنت مع باقي الدول الافريقية المقاطعة. في العام 1980 : قرر الرئيس الاميركي جيمي كارتر مقاطعة الألعاب المقامة في موسكو، احتجاجاً على الغزو السوفياتي لأفغانستان. في العام 1984: تَنسب الرواية الرسمية مقاطعة الاتحاد السوفياتي و 14 دولة حليفة له الدورة الأولمبية المقامة في لوس انجلس (الولاياتالمتحدة الاميركية) إلى أسباب أمنية، لكنها في الواقع جاءت رداً على المقاطعة الاميركية قبل 4 سنوات. كما قاطعت كل من إيران وليبيا الدورة لأسباب مختلفة. في العام 2012: أخّر فريق كوريا الشمالية لكرة القدم النسائية مباراته ضد كولومبيا لمدة ساعة، بعدما هر علم كوريا الجنوبية على الشاشة العملاقة في بدء المباريات بدلاً من علم بلادهم.