بذل وفد الحكومة الباكستانية وهيئة عينتها حركة «طالبان باكستان» من خارج أعضائها، جهوداً حثيثة في أول جلسة محادثات عقداها في مقر حكومة إقليم خيبر بالعاصمة إسلام آباد أمس، لجعل الحوار مثمراً ويحقق أهداف توفير الاستقرار ووقف مسلسل العنف الدموي والعمليات العسكرية في مناطق القبائل (شمال غرب). تزامن ذلك مع إعلان واشنطن أنها ستعلّق غاراتها الجوية على مناطق القبائل الباكستانية، ما أوحى بأن الحوار الباكستاني الداخلي انطلق إثر تلبية الولاياتالمتحدة شروطاً أساسية تتمسك بها الحركة منذ سنوات. وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن «تعليق الغارات الجوية استجاب لطلب قدمته إسلام آباد، وعكس رغبة واشنطن في دعم إنجاح الحوار مع طالبان باكستان». لكن الناطقة باسم الخارجية الباكستانية تسنيم إسلام أعلنت أن إسلام آباد دعت مرات إلى وقف شامل ونهائي للغارات الأميركية على مناطق القبائل، وليس تعليقها. وأكدت أن باكستان لم تطلب مساعدة الولاياتالمتحدة أو أي دولة في الحوار مع الحركة، «لأنها مسألة داخلية، ولا يحق لأي دولة أو جهة خارجية التدخل فيها». وقررت اللجنتان بعد الاجتماع العمل في إطار الدستور والتزام أسسه في الحوار، وخفض عمليات الجيش في مناطق القبائل تمهيداً لوقفها، فيما طالبت لجنة «طالبان باكستان» السماح لها بالسفر إلى إقليم وزيرستان القبلي للقاء قادة الحركة ومجلس الشورى التابع لها لإطلاعهم على مقترحات الحكومة في الحوار، ولقاء رئيس الوزراء نواز شريف وقائد الجيش الجنرال راحيل شريف ومدير الاستخبارات العسكرية الجنرال ظهير الإسلام. وردّت الحكومة بأن اللقاءات ستحصل قريباً. وعلمت «الحياة» من مصادر حضرت الاجتماع أن وفد الحكومة طالب بوقف متبادل لإطلاق النار يلحظ تجميد «طالبان باكستان» كل نشاطاتها وعمليات التفجير في مناطق القبائل والمدن والتي تستهدف مقار أمنية ومرافق مدنية، في مقابل تجميد الجيش عملياته وملاحقاته لمقاتلي الحركة في مناطق القبائل المحاذية للحدود مع افغانستان. كما شدد وفد الحكومة على عدم إدراج الحركة مسألة تطبيبق الشريعة الإسلامية كشرط أساسي لوقف العنف. أما وفد الحركة، فطالب إسلام آباد بنزع صفة الإرهاب عنها وعن اعضائها وحظر التعامل معهم، لتفادي اعتقال أي فرد من الحركة قد ينتدب للمشاركة في المفاوضات. وصرح رئيس اللجنة المفوضة من «طالبان باكستان» سميع الحق بأن «الحكومة أظهرت جديتها في الحوار ورغبتها في تحقيق نتائج إيجابية، علماً بأن الحكومة تسعى إلى إشراك أكبر عدد من العلماء يمكنهم أن يتواصلوا مع الحركة لإحداث ضغط شعبي ومعنوي على الحركة كي لا تنهي الحوار إذا طال. ولم تستبعد مصادر في الاجتماع إمكان إعلان إطلاق أسرى من «طالبان» لدى السلطات، في مقابل إفراج الحركة عن جنود وأفراد ميليشيات موالية للحكومة أسروا في مواجهات بين الطرفين خلال الأعوام الماضية.