علق القياديان في «الاتحاد الوطني»، بزعامة الرئيس جلال طالباني، برهم صالح وكوسرت رسول، حضورهما اجتماعات المكتب السياسي للحزب احتجاجاً على تأجيل المؤتمر الرابع، وطالبا بضرورة عقده بعيداً عن «التزوير»، فيما أقر قيادي آخر بأن الخلافات بدأت تخرج عن مسارها الطبيعي. وقد وقع «الاتحاد الوطني» بأزمات داخلية وخلافات بين أقطابه بدأت تتصاعد تدريجاً مع استمرار غياب طالباني الذي ما زال يعالج من جلطة دماغية منذ أواخر عام 2012، وسجل الحزب تراجعاً غير مسبوق في نتائج الانتخابات البرلمانية الكردية التي جرت في أيلول (سبتمبر) الماضي. وجاء في بيان مشترك لنائبي طالباني، كوسرت رسول علي وبرهم صالح، إثر تعليقهما حضور اجتماع المكتب السياسي المخصص لمناقشة مؤتمر الحزب الرابع، أن «الحزب يمر بمرحلة حساسة، وحرصاً منا قدمنا عبر اتفاق موقع بيننا، مقترحات خلال اجتماع عقد الجمعة (الماضي)، لكننا نأسف لفشل مساعينا، وتقرر تأجيل انعقاد المؤتمر»، وأضافا أنهما «مصران على عقد مؤتمر شرعي بأسرع وقت، بعيداً عن التزوير، بهدف تجديد وإصلاح الحزب». وتأسس «الاتحاد الوطني» في 1 حزيران (يونيو) 1975، إثر انشقاق طالباني عن الحزب «الديموقراطي» بزعامة مصطفى بارزاني، وضم خمس قوى كردية، أبرزها «مجموعة كادحي» كردستان بزعامة نوشيروان مصطفى الذي يتزعم الآن حركة «التغيير» المعارضة، وذلك رداً على الانهيار الذي منيت به الحركة الكردية عقب توقيع اتفاقية الجزائر بين الحكومة العراقية وإيران التي كانت تدعم الحركات المسلحة الكردية في عهد الشاه. وتدور خلافات بين صالح وعلي من جهة، وجناح تقوده عقيلة طالباني هيرو إبراهيم أحمد التي فرضت تكتماً شديداً على مصير زوجها الذي يعالج في أحد المستشفيات في ألمانيا. وقال صالح، على هامش حضوره مراسم ذكرى وفاة «السيد محسن الحكيم» عصر السبت الماضي: «لقد طرحت تصوراتي للحزب، ولن أسمح لنفسي بأن أتقلد أي منصب فيه خلال المرحلة الراهنة، وسأبقى عضواً مخلصاً لحين انعقاد المؤتمر، لحل أزماته». وكان الاجتماع الذي قاطعه كوسرت وصالح، أصدر قرارات، أبرزها تأجيل المؤتمر، ومنح الاثنين إلى جانب عقيلة طالباني صلاحيات السكرتير العام، وإجراء «تغييرات في مختلف مفاصل ومؤسسات الحزب، ووضع برنامج لمعالجة النواقص والخلل، وتحجيم تغلل الفساد والتقصير والخمول في صفوفه». وقال المحلل السياسي آسوس هردي ل «الحياة» إن «بيان رسول وصالح يدل على أن الحزب يعيش أزمة عميقة، يبدو أنها لن تنتهي بحل ترقيعي، أو التهرب من مواجهة الأزمة»، وأضاف أن «البيان حمل اسم سكرتيري الأمين العام للحزب وهذا له مدلولات، منها عمق الأزمة، حتى أن وسائل إعلام الحزب الرسمية لم توليه أي اهتمام، ومن جهة أخرى فإن صدور بيان من دون حضور سكرتيري الرئيس، يعكس وجود جناح فرض سيطرة شبه كاملة على مفاصل الحزب، ما ولد شعوراً لدى المنسحبين بأن دورهم سيكون هامشياً في القرارات، وهذا دفع بهما إلى اتخاذ موقف». وأوضح هردي أن «آثار الأزمة داخل الاتحاد ستلقي بظلالها على مساعي تشكيل حكومة الإقليم التي تأخرت أكثر من أربعة أشهر، إذ يعاني أصلاً من غياب إجماع داخلي، وهذا سيترك وفد الحزب المفاوض لتشكيل الحكومة في حيرة إزاء مرجعتيه، كما سيترك آثاراً سلبية على المنطقة الخضراء الخاضعة لسيطرة الحزب في السليمانية وكرميان»، لافتاً إلى أن «الاتحاد الوطني لم يعد له ذلك النفوذ الذي كان يتمتع به قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وسيشهد المزيد من التراجع في انتخابات البرلمان الاتحادي، ومحافظات الإقليم، في نيسان (أبريل) المقبل».