في مبادرة مهمة حيال المعارضة الأوكرانية، يلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري في ميونيخ اليوم عدداً من قادتها، بينهم بطل العالم السابق في الملاكمة فيتالي كليتشكو وارسيني ياتسينيوك، إضافة إلى نجمة الغناء الأوكرانية روسلانا، الحائزة جائزة «يوروفيجن» في 2004، والتي شجعت المتظاهرين في كييف عبر أغانيها خلال الأسابيع الماضية. وأعلنت الخارجية الأميركية أن الإدارة والكونغرس يناقشان إمكان فرض عقوبات على أوكرانيا التي تشهد اضطرابات سياسية خطرة. وقالت الناطقة باسم الخارجية جنيفر بساكي: «رفضنا أخيراً منح تأشيرات لأوكرانيين ضالعين في أعمال عنف ضد متظاهرين سلميين»، ونفكر اليوم في فرض عقوبات، لكن أي قرار لم يتخذ»، علماً بأن الولاياتالمتحدة لا تزال مترددة في فرض عقوبات سياسية أو اقتصادية على أوكرانيا. وصرح مسؤول أميركي رفض كشف اسمه بأن «قادة المعارضة الأوكرانية سيقولون للأسرة الدولية ما الخطوة التي يجب اتباعها، والمساعدة التي يحتاجون إليها، علماً أن واشنطن متفائلة بحذر بأن الحوار بين الحكومة والمعارضة بدأ يعطي ثماره». وأضاف أن «المسألة هي معرفة إذا كانوا يستطيعون التقدم وتشكيل حكومة وحدة وطنية». لكن نائب رئيس الوزراء الروسي ديميتري روغوزين وصف اللقاء بأنه «سيرك سيجمع وزير الخارجية الأميركي مع الملاكم كليتشكو والمغنية روسلان». وسأل: «لماذا لم يدع النازي تياغنيبوك؟» في إشارة إلى أولغ تياغنيبوك، زعيم حزب «سفوبودا» القومي المعارض، مضيفاً بسخرية: «يجب أيضاً دعوة فيركا سرديوتشكا إلى المفاوضات» في إشارة إلى المغني الأوكراني المخنث. وقال: «على البيت الأبيض أن يستمع إلى رأيه، ويأخذه في الاعتبار». ودعا الجيش الأوكراني في بيان نشره الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع أمس، الرئيس فيكتور يانوكوفيتش الى اتخاذ «تدابير عاجلة لإرساء الاستقرار» في البلاد التي تشهد منذ اكثر من شهرين احتجاجات غير مسبوقة ضد السلطة بسبب تراجعها عن توقيع اتفاق شراكة تجارية مع الاتحاد الأوروبي. وأورد البيان ان «العسكريين وموظفي وزارة الدفاع دعوا القائد الأعلى للجيوش (رئيس الدولة) الى اتخاذ تدابير عاجلة ضد الهجمات غير المقبولة على مبانٍ عامة، ومحاولات منع السلطات من تنفيذ مهماتها، خصوصاً ان تصعيد حركة الاحتجاج يهدد وحدة أراضي أوكرانيا». لكن البيان لم يوضح الإجراءات التي يطلبها، مع رفض السلطات اعلان الطوارئ، علماً ان العسكريين اكدوا سابقاً انهم لن يتدخلوا في الأزمة التي تسبب انقساماً في البلاد. ورفض نواب المعارضة الأربعاء الماضي التصويت على قانون اقرّه البرلمان للعفو عن متظاهرين موقوفين شرط انسحاب المتظاهرين من الشوارع والمباني التي يحتلونها في كييف خلال 15 يوماً. واتهم قادة المعارضة الثلاثة فيتالي كليتشكو وأرسيني ياتسينيوك وأوليغ تياغنيبوك في بيان مشترك الرئيس يانوكوفيتش بانتهاك الدستور، و»ابتزاز» نواب حزب المناطق الحاكم من اجل التصويت على القانون «رغم تردد بعضهم». ووقع يانوكوفيتش أمس قانون العفو عن المتظاهرين المعتقلين، وإلغاء قوانين قمع الاحتجاجات، وهو ما طالبت المستشارة الألمانية انغيلا مركل بتنفيذه «للانتقال من الأقوال إلى الأفعال». في غضون ذلك، ظهر الناشط المناهض للحكومة ديميتري بولاتوف بعد أسبوع على اختفائه. وعرض على القناة الخامسة في التلفزيون الأوكراني آثار ضرب مبرح على وجهه وجروح على يديه، معلناً انه خطف وتعرض لتعذيب و»صلب». وقال بولاتوف (35 سنة) الذي نقل الى مستشفى بعد حديثه التلفزيوني: «صلبوني. ثقبوا يدي، وقطعوا أذني وجرحوا وجهي. لا توجد قطعة واحدة سليمة في جسدي، لكنني حي». وأعلن اختفاء بولاتوف في غابة بضواحي كييف في 23 كانون الثاني (يناير) الماضي، بعدما شارك في احتجاجات بسيارات تحركت الى منازل مسؤولين، وأكبرها الى مقر السكن الريفي للرئيس فيكتور يانوكوفيتش خارج كييف، حيث اقتربت السيارات مسافة 300 متر قبل أن تعترضها حواجز أمن. وتقول جماعات للاحتجاج إن «20 شخصاً اعتقلوا حتى الآن لاستجوابهم في قضية مسيرات السيارات، وقال المعارض كليتشكو الذي عاد بولاتوف في المستشفى: «ما حدث مع زميلنا يهدف الى ترويع الناشطين». وروى بولاتوف، وهو أب لثلاثة أولاد ان «لهجة الخاطفين روسية»، ما يشير الى انتمائهم الى المناطق الناطقة بالروسية المؤيدة للرئيس يانوكوفيتش. وأعلنت وزارة الداخلية فتح تحقيق ضد مجهول في حادث «خطف» بولاتوف، موضحة انه ضرب على رأسه في احد أحياء كييف، قبل ان يقتاده مجهولون بسيارة ويلحقون به أذى، لكن حياته ليست في خطر. ودعا مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون التوسيع شتيفن فولي السلطات الأوكرانية الى التحرك بعد حادث خطف بولاتوف وتعذيبه. وقبل أسبوع، شارك آلاف في مدينة لفيف (غرب) في تشييع الناشط المعارض يوري فيربتسكي الذي وجد مقتولاً في غابة قرب كييف. وقالت عائلته ان جثته حملت آثار تعذيب. وكان فيربتسكي خطف مع ناشط آخر هو ايغور لوتشينكو الذي تعرض لضرب، وتركه خاطفوه في غابة نجح في الخروج منها حياً. في جنيف، قال روبرت كولفيل الناطق باسم مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي: «روعتنا تقارير عن سقوط قتلى في كييف أخيراً، وندعو الى التحقيق فيها في شكل مستفيض ومستقل، على غرار عمليات الخطف والتعذيب».